عروض المسرحية اجتذبت جمهور المهرجان

«أرض الغجر».. الرحـابنة يبدعون في دبي

بنجاح لافت، اختتمت، عروض مسرحية «عَ أرض الغجر»، التي استضاف طلتها الأخيرة أول من امس، مسرح برج بارك بالقرب من برج خليفة، ضمن العروض الثقافية والفنية التي تقدمها مؤسسة دبي للفعاليات والترويج التجاري لجمهور مهرجان دبي للتسوّق في دورته الـ‬18.

ونجح عرض «عَ أرض الغجر»، الذي استقبله الجمهور اللبناني في الصيف الماضي على مسرح «كازينو لبنان» استقبالاً حافلاً، استمر أربعة أشهر متتالية، نجح في كسب احترام وإعجاب جمهور دبي.

وتناولت المسرحية في قصتها المبتكرة قضية الصراع بين الإنسان والأرض، وكانت حداثـة الفكرة سبباً في نجاح العرض من بين أسباب أخرى تتعلق بالبناء الدرامي وإجادة استخدام المسرح وأدواته في عرض الفكرة، وكانت النهاية مفاجأة للجمهور، ولكنها تتماشى مع الخط الدرامي للقصة، التي جاءت متكاملة ومترابطة منذ الحدث الأول إلى الأخير.

إجادة

أجاد خلال العرض كل أعضاء الفريق، بدايةً من الممثلين الذين عبّر كل منهم عن الشخصية التي يؤديها بحرفية عالية أقنعت الجمهور، وبصفة خاصة شخصية الشيخ مصبح الزازا، كما أجاد البطل سلفادو استخدام حنجرته القوية في أداء الأغنيات التي تخللت العرض، وقام الجمهور بالتصفيق أثناء العرض أكثر من مرة للتعبير عن إعجابه بالأداء.

ويمكن اعتبار العرض المسرحي رصيداً إيجابياً للرحابنة القدامى والجدد معاً، فمن يشاهد العرض يفهم أن شخصية الراحلين منصور وعاصي لاتزال تترك أثراً فنياً كبيراً يحسه الجمهور، خصوصاً جمهور الرحابنة القدامى، كما أن الفكرة في حد ذاتها تعبّر عن النضج الفني الذي وصل إليه تلاميذ ناجحون لأساتذة راحلين.

ويشعر المشاهد بالامتدادين الفني والفكري بين الاثنين، والاستعراضات المبتكرة التي أمتعت الجمهور كذلك تنتمي إلى المدرسة العريقة، وتتمتع بالمذاق الفني نفسه اللائق بتاريخ الرحابنة الموغل في محراب الفن الاستعراضي المسرحي منذ منتصف القرن الماضي. وأضفت الاستعراضات الغنائية الموسيقية على العرض جمالية تخرج به من حدود الرتابة والملل، وتجتذب المشاهد وتورطه إلى آخر دقيقة من العرض، كما تعيد إحياء أحد الفنون المنقرضة في عصر المسرح التجاري الذي يتعجل المكسب المالي على حساب الفن.

تجاوز التقليد

يمكن اعتبار الاستعراضات ناجحة لأنها تجاوزت حدود التقليد، ووظفها المخرج توظيفاً جيداً للتعبير عن المواقف الدرامية المتعددة التي مرّ بها البطل خلال الأحداث، إلى درجة النزول عن خشبة المسرح والتجول بين الجمهور، كما أجاد أفراد الفرقة تقديم هذه العروض بلياقة وخفة تتناغم مع عناصر العرض الأخرى، مثل الألحان التي وضعها باحتراف غدي الرحباني، والتي تعكس تشبعه واقتناعه التام بأهمية المسرح الاستعراضي في تغيير العقول والأفكار، ويتسق ذلك مع أداء شقيقه مروان الذي أخرج العرض بإتقان يؤكد أنه تشرب باقتدار موهبة الأب في الإدارة والتوجيه، فنجد الديكور المعبّر عن المواقف المختلفة، مثلاً خيام الغجر كانت خياماً حقيقية ودرجات السلم لم تكن مجرد واجهة، حتى العمال المختصين باستبدال لوحات الديكور أجادوا القيام بذلك الدور بسرعة ومن دون أن يلاحظ الجمهور ذلك. كما تميز تصميم الملابس التي تتسق مع المشهد ككل، وعلى الرغم من تعدد المناظر المسرحية التي أداها فريق الغجر، إلا أن الملابس كانت تستبدل في كل مشهد بما يناسبه، ويعني ذلك ببساطة احترام عقول الجمهور. أما الإضاءة، فلم تقل نجاحاً عن بقية العناصر التي أسهمت في نجاح العرض، فالمخرج أجاد استخدامها في نقل المشاهد من مكانه على أرض «برج بارك» بوسط مدينة دبي إلى البرازيل تارة (في مشهد خطيبة سلفادو تتلقى مكالمته)، وإلى لبنان تارة أخرى، فعندما يسلط الدائرة على مشهد ويُظلم بقية المشهد فهو ينجح في لفت أنظار الجمهور إلى هذا الركن بحرفية عالية، علاوة على استخدام الألوان بالتناغم مع أداء الفرقة الاستعراضية، وهي المعادلة الصعبة التي تستغرق من المخرج الوقت والجهد معاً.

يذكر أن المسرحية من تأليف وتلحين وإنتاج غدي الرحباني، وإخراج مروان الرحباني وبطولة غسان صليبا وآلين لحود وبول سليمان، بالاشتراك مع بيار شمعون، وفرقة مكونة من ‬70 شخصاً مع نخبة من ألمع الممثلين والراقصين في المسرح الرحباني، وتتناول صراع البطل ضد الغجر الذين استولوا على أرضه ومحاولاته استردادها ثم وقوعه في غرام ابنة شيخهم، وتحوله بسبب ذلك الغرام إلى غجري، وتنازله عن الأرض مقابل مشاعره الإيجابية تجاه ابنة شيخ الغجر.

 

تويتر