الإعلام الرياضي يشـــعل «خليجي 21»
إلى جانب الصور المشرقة لمدرجات بطولة الخليج العربي الحالية «خليجي21»؛ وصور المشجعين الذين اكتست ملامحهم بالفخر والانتماء، كانت هناك صورة اخرى لم تكن بالنقاء والاشراق نفسيهما، وهي صورة الإعلام الرياضي، الذي تسببت بعض اطرافه في اثارة الكثير من الجدل حول الاداء الاعلامي خلال البطولة، ووضعت معايير المهنية والاحترافية في التغطية والمتابعة على المحك، فانقسمت الآراء بين مهاجم للإعلام الرياضي، يجد فيه الكثير من المبالغة في اداء مختلف وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وغياب للموضوعية وأحياناً الامانة في نقل التصريحات. وحمل اصحاب هذا الرأي وسائل الاعلام المختلفة جزءاً كبيراً من مسؤولية خلق أجواء من التوتر بين لاعبي ومدربي بعض المنتخبات المشاركة، وهو ما أثر في أداء هذه الفرق خلال المنافسات، داعين لان يضع كل منتخب خطة إعلامية يتعامل وفقاً لها مع وسائل الاعلام في الدورات والبطولات المقبلة. كما اشاروا إلى ان الزيادة الكبيرة في عدد وسائل الاعلام التي تقوم بتغطية الدورة هذا العام، خصوصا من الفضائيات، وشدة التنافس بينها، دفع كل وسيلة إلى البحث عن ما يثير الجدل ويلفت الانتباه، حتى لو كان عبر «فبركة» تصريحات او عدم الالتزام بالدقة في نقل التصريحات، او فتح المجال امام اطراف متنافسة للتراشق الاعلامي من خلال استفزاز كل طرف منها للهجوم على الآخر، وصل إلى حد التلاسن على الهواء مباشرة، كما حدث في برنامج المجلس الرياضي على قناة «الكأس»، ما أسهم في تشتيت انتباه الجمهور في امور وخلافات لا علاقة بها بالبطولة. لكن يظل الانتقاد الأبرز للإعلام الرياضي خلال «خليجي 21» هو خروج بعض وسائله عن جوهر البطولة التي اقيمت لتجمع بين الاشقاء في اجواء من التنافس الشريف، تقارب بين مشجعي الفرق في المدرجات لتقاسم لحظات السعادة والاستمتاع بأداء رياضي راقٍ، وتشجع على نشر الروح الرياضية بين الجميع، لا لتحويلها إلى سباق محموم وسلسلة من التراشق الاعلامي، وخلق اجواء من التوتر بين المشاركين.
في المقابل، وجد البعض ان الأداء الاعلامي كان من القوة والكثافة والتميز بما جعله يتفوق على مستوى الأداء الرياضي للمنتخبات المشاركة في البطولة على أرض الملعب، واستطاع ان يخلق اجواء من الاثارة خلال البطولة، كما نجح في نقل الاهتمام بالبطولة الخليجية من المستوى الخليجي إلى الإعلام والجمهور العربي أيضاً. بينما ارجع اصحاب هذا الرأي التراشق الاعلامي الذي شهدته الدورة إلى ميل بعض اللاعبين والمسؤولين في الفرق المشاركة إلى الاداء بتصريحات قوية تجاه الاطراف الاخرى، ومن الطبيعي ان تنشر وسائل الاعلام هذه التصريحات لتحقق الحضور وتجتذب الجمهور، وهو امر مشروع وطبيعي وسط المنافسة الشرسة. من جانب آخر أسهم الاعلام الرياضي في اكتشاف وتسليط الضوء على العديد من المواهب الشابة الواعدة في المنتخبات المشاركة في البطولة، وهي وظيفة مهمة من وظائف الاعلام.
الشارع أيضاً كان له رأي في اداء الاعلام الخليجي؛ فيرى أحمد الشامسي ان اداء الاعلام بشكل عام في «خليجي 21» لم يكن مرضياً تماما، فقد كانت هناك الكثير من المبالغة وتضخيم الأمور لدرجة أسهمت في خلق اجواء من الحدة في التنافس، وربما وصلت إلى حد زرع العداء بين الفرق وجمهور المنتخبات الخليجية، كما كان يمكن ان يحدث بسبب اساءة احدى الصحف لمدرب المنتخب الوطني مهدي علي، وتم تدارك الامر سريعا، فهذا الموقف يوضح ان هناك تجاوزات من الاعلام يمكن ان تؤدي إلى نتائج خطيرة قد لا يدركها الاعلامي الذي تسبب بها. داعياً إلى ان يتم تأهيل الاعلاميين الذين يتولون تغطية مثل هذه الاحداث والبطولات المهمة، حتى يتمكنوا من تقديم اداء يتناسب مع اهميتها.
واعتبر سالم المهيري ان الاداء الاعلامي اختلف من قناة لأخرى، ومن دولة لثانية وفقا لاحترافية القنوات والعاملين بها. فقامت بعض الفضائيات بعملية شحن نفسي لجماهير ولاعبي منتخباتها بصورة مبالغ فيها، ما ادى إلى نتائج عكسية على اللاعبين ومستوى اداء الفرق، بالإضافة إلى ان اعتماد بعض المعلقين الرياضيين خلال المباريات على التشنج والتهليل اصبح امراً غير مطلوب ويجب التخلص منه. مشيرا إلى انه رغم بعض السلبيات التي شابت تغطية البطولة، إلا ان الدورة الحالية شهدت زخما اعلاميا يفوق الدورات السابقة، واهتمت كثير من المحطات الفضائية العربية بتغطية الحدث، وهو ما يشير إلى ان البطولة اصبحت حدثا اساسياً ومهماً، والاعلام له دور كبير في تحقيق ذلك.
بينما وجد حمد عمر ان الاعلام الرياضي هو الذي اعطى للبطولة زخمها ونكهتها الخاصة، وهو الذي جمع الجمهور حول منتخباته. معتبراً ان الاعلام لا يتحمل مسؤولية الجدل الذي اثير نتيجة لبعض اللقاءات والتصريحات التي قدمها بعض اللاعبين والمدربين، فهم الذين اصدروها وهم الذين يتحملوا نتائجها، وجزء من وظيفة الاعلام ان ينقل هذه التصريحات، وان يبحث عن ما يحقق له التفوق في التغطية.
ورغم الاختلاف بين التأييد والمعارضة لأداء الاعلام الرياضي خلال «خليجي 21»، في النهاية اتفقت الآراء على انه كان محركا اساسياً للبطولة في دورتها الحالية، إلى درجة ان اطلق البعض عليها «دورة التصريحات».
ويظل الاتفاق على اهمية ان يعكف الخبراء الاعلاميون على دراسة ما شهدته الدورة الحالية من نجاحات وهفوات وسقطات، والعمل على تلافيها، ووضع اسس وضوابط للأداء والتغطية الاعلامية في الدورات المقبلة، مع العمل على تنظيم دورات تدريبية للإعلاميين المرشحين للتغطية، حتى يتمكنوا من القيام بدورهم بدرجة كبيرة من الاحترافية والمهنية.