ويليام كلوز.. يزوّج الموسيقى للضـــوء والماء
بعرض فني موسيقي يعد الأول على مستوى الشرق الأوسط، قدم عازف القيثار الأميركي، ويليام كلوز، أجمل المعزوفات الموسيقية بواسطة آلة ابتكرها بنفسه مطلقاً عليها اسم «الهارب» أو «قيثارة الأرض»، إذ أطل العارف للمرة الأولى من أحد أبرز المعالم السياحية في الشارقة، واجهة المجاز المائية، أول من أمس، ليقدم عرضين متواصلين يرافقه عزف على آلة الكمان، وقرع بالطبول، في وصلة فنية وصفت بـ«العرض الرائع».
من لا يعرف ويليام كلوز عليه إجراء بحث سريع على أحد محركات البحث الالكترونية، ليكتشف أن كلوز هو أحد المتسابقين الثلاثة المتأهلين لنهائيات برنامج المواهب الجماهيري الأوسع انتشاراً في العالم (برنامج المواهب الأميركية) American got talent، ليس لامتلاكه موهبة العزف إنما لابتكاره آلة العزف الخاصة به «قيثارة الأرض» الفريدة من نوعها في العالم، التي أبهرت لجنة تحكيم البرنامج، وأذهلت كل من شاهد عروض كلوز.
لم يستعجل كلوز الوصول إلى النجاح، إنما انتظر سنوات طويلة قبل أن يفجر اختراعه آلة «قيثارة الأرض»، ويشارك بها في عروض حية، سبقها عرض موهبته في برنامج المواهب الأميركية، فقد ابتكر العازف كلوز آلته في 1999، التي تعتمد على سلسلة من الأوتار الممتدة لأكثر من 1000 قدم، إذ بمجرد أن يمرر أصابعه المغطاة بقفازات قطنية على الوتر الموصول بحوافز زجاجية تصدر موسيقى مختلفة الألحان، نتيجة لاهتزازات الوتر عليها، ومن هنا يتحكم كلوز في عمق وحدة تلك النغمات الشبيهة بأنغام آلة «التشيلو».
مشهد موسيقي
كلوز يتطلع إلى الموسيقى العربية في لقاء مقتضب لـ«الإمارات اليوم» مع العازف الأميركي ويليام كلوز، قال «رغم وجودي لتقديم عرض مباشر في الشارقة، يعد أول عرض على مستوى الشرق الأوسط، إلا أنني لم أقدم خلاله أي نوع من الموسيقى العربية، وذلك لأن الفرصة لم تسنح لي للتعاون مع أي موسيقي عربي، لكنني متشوق لهذا التعاون، واتطلع في عروضي المقبلة سواء في الإمارات أو إحدى دول الشرق الأوسط، إلى أن أقدم الموسيقى العربية عبر قيثارة الأرض». وتابع كلوز أن «التحضير لهذا العرض استغرق أكثر من شهرين، لنتمكن من تحقيق ذلك التناغم والتناسق بين الموسيقى وتقنيات الليزر والنوافير، التي أسهمت مجتمعة في تحقيق تلك الدهشة المرجوة من العرض، الذي يعتمد على فكرة التناغم البيئي من خلال العزف على أوتار قيثارة ضخمة تستمد قوتها وأنغامها من المناظر الطبيعية». وأكد كلوز أن «العروض الحية تتميز بالتجدد والتفاعل، لذلك أعزف على قيثارة الأرض، وأستعين بعازفة آلة الكمان والعازف على الطبول (الدرامز)، كما أنني ابتكرت (جاكيت) أنيقاً مزوداً بطبول يصدر ألحاناً تتناسق مع رقص النوافير وتقنيات الإضاءة المتطورة». |
بشيء من التفصيل الدقيق للمشهد الموسيقي، اتخذت أوتار آلة «قيثارة الأرض» طريقها فوق سطح مبنى أحد أفخر المطاعم في مواجهة المجاز المائية، لتشق طريقها نزولاً إلى المنصة المصممة خصيصاً للعرض، حيث تشكل تلك الأوتار الممتدة لمسافة 1000 قدم، والمثبتة على ألواح خشبية فوق المنصة، أكبر آلة موسيقية تعتمد على الاهتزازات الوترية، والتي تتلاعب بها أنامل كلوز بمهارة جعلت منه سيداً لتلك الآلة.
ولأن وجود العازف ويليام كلوز وقيثارته الضخمة التي تعتمد على فكرة صنع مبتكرة، يعد فرصة وتجربة جيدة قدمتها هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، لابد من خوضها والاستمتاع بها، لذلك سيستمر نجم القيثارة الأميركي في تقديم العروض الموسيقية على مسرح واجهة المجاز المائية لمدة ثلاثة أيام، بواقع عرضين يومياً، يبدأ العرض الأول عند الساعة التاسعة مساءً، فيما ينطلق العرض الثاني عند الساعة 30: 10 مساءً، إذ سيكون الجمهور على موعد مع تجربة موسيقية مميزة تعد الأولى من نوعها في المنطقة.
وما ميز عرض قيثارة الأرض وجعل منه عرضاً احترافياً، طريقة تركيب القيثارة الضخمة، إذ بمجرد أن يعبر الزائر المدخل الرئيس لواجهة المجار المائية في الشارقة، تدهشه الأوتار الممتدة من فوق رأسه من الجهتين اليمنى واليسرى، لتكون جزءاً لا يتجزأ من العرض، وهنا يكمن سر قيثارة الأرض التي تم بناؤها وفقاً للبيئة المحيطة من مناظر طبيعية، لتشكل في مجملها تحفة فنية معمارية، دعاماتها الأرض والإنسان والوتر.
وتشكل أوتار القيثارة، البالغ عددها 22 وتراً، بمعدل 11 وتراً في الجهتين، تأثيراً عميقاً في نفوس الحاضرين، الذين تفاعلوا مع المعزوفات التي قدمت، وباتوا جزءاً من العرض الذي يعد تجربة جديدة وفريدة من نوعها، تدعو إلى تأمل البيئة المحيطة بصورة استثنائية، والغوص في الموسيقى الصادرة عنها، وهنا تكمن جمالية العرض المباشر، لاسيما إذا رافقه مشهد طبيعي خلاب ممثل في واجهة المجاز المائية، وقد سبقت ذلك عروض في مسرح شانغهاي الكبير وسبيس نيدل في ولاية سياتل الأميركية.
عرض عالمي
يبدأ عرض «قيثارة الأرض» بدخان متصاعد يجد طريقه في الأفق ليشكل، مع التقنيات الضوئية المستخدمة من إضاءات وعروض ليزر، لوحة جمالية لا تنقصها إلا أنغام موسيقية لتتراقص على ألحانها نوافير واجهة المجاز المائية، وعلى أصوات قرع الطبول وموسيقى الكمان الشجية تتسلل أصابع ويليام كلوز على أوتار قيثارته الموزونة بصورة خيالية، ليكتمل المشهد الأخير للمتفرج من بعيد بلوحة فنية متكاملة دعامتها الموسيقى.
والجميل في العرض، مع تصاعد الموسيقى الصادرة عن قيثارة الأرض تتعانق نوافير واجهة المجاز المائية، التي يصل ارتفاعها إلى نحو 100 متر، بفضل مضختي الطاقة اللتين تضخ كل منهما 25 لتراً في الثانية، لتضفي جمالية على المشهد الذي يزيد من شغف الجمهور الموجود بكثافة، سواء حول منصة العرض أو الجالس في احد المقاهي يرتشف القهوة ويستمتع بالموسيقى والإضاءة.
وما جعل الشارقة، وتحديداً واجهة المجاز المائية، مؤهلة لاستضافة هذا العرض العالمي، كونها مهيأة أصلاً لذلك، فهي تمتلك أكبر نافورة ذات تقنيات عالية يمكن توظيفها في خدمة المشهد الجمالي، كما أن لديها تقنيات ضوئية عالية الجودة، من خلال ما تتمتع بها النوافير العملاقة بأحدث تقنيات الإضاءة وإمكانات الليزر، التي تصاحبها أثناء العروض الراقصة، إذ تقدم عروض الليزر العالمية والتلاعب بالإضاءات بالتوازي مع أنغام الموسيقى، التي تتأقلم مع طبيعة تلك الموسيقى، سواء محلية أو عربية أو حتى عالمية، كما أن الغرض الرئيس من أي عرض، وهو استقطاب الجماهير، توافر في الواجهة المائية من خلال ما تتمتع به المنطقة من حركة سياحية نشطة في المنطقة، لاسيما أنها باتت مقصداً ترفيهياً وسياحياً، والموقع الأول لاستمتاع العائلة، كونه يضم مساحات خضراء وممرات لممارسة رياضتي المشي والجري، إضافة إلى توفير خدمات ومرافق عامة من مقاعد وإنارة ومطاعم.