دمشق تفتقد طعم الحلويات

عدد كبير من محال الحلويات أُغلق في دمشق. أ.ف.ب

يعرض (أبوإياد) نفسه للخطر كل يوم جمعة، عندما يتوجه الى مصنعه في المعضمية في ريف دمشق ، من أجل تصنيع حلوى «البرازق» التي تشتهر بها سورية، وقد أبقاه مفتوحاً في وقت أوقفت مصانع كثيرة عملها في المنطقة. ويقول (أبوإياد)، مالك متجر «حلويات المهنا» الواقع في حي المزة الراقي في وسط دمشق: «كل رحلة أقوم بها إلى هناك تمثل مخاطرة، فقد أتعرض للخطف أو القتل».

ولم يعد بإمكان الدمشقيين المعروفين بتذوقهم الطعام والحلويات على أنواعها، التلذذ بذلك بسبب النزاع الدامي الذي أقفل أغلب المصانع المنتجة للشوكولاتة والحلويات الموجودة في ريف العاصمة، يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار السلع، وتركيز السكان على الاهتمام بتأمين الطعام والوقود من أجل التدفئة في طقس الشتاء القارس.

وقلص مصنع «غراوي» للشوكولاتة في دمشق، وهو الأكثر شهرة، من تشكيلة منتجاته. كما استبدل المشمش اللازم لحلوى «الملوكي» المصنوعة من عجينة الفستق، بالبرتقال. وقام «غراوي» بإغلاق مصنعه في بلدة حمورية الواقعة جنوب شرق العاصمة، ليحصر إنتاجه في مشغل صغير بالعاصمة. وقال أحد موظفيه «مازلنا نزود الزبائن بمنتجاتنا، صحيح أن المبيعات انخفضت، إلا أن دمشق لن تكون دمشق التي نعرفها من دون حلوياتها». وارتفعت أسعار الحلويات بشكل كبير، إذ بات سعر الكيلوغرام من الشوكولاتة المرة عند «غراوي» ‬3800 ليرة سورية (‬38 دولاراً، بسعر السوق السوداء)، بعد أن كان يراوح بين ‬2600 و‬3200 ليرة (‬32 دولاراً).

وتخلو الرفوف من الحلويات في محل «سميراميس» الشهير للحلويات الشرقية في حي الشعلان التجاري، فالمعمل الموجود في منطقة الصبورة (‬13 كلم شمال غرب دمشق) «مغلق منذ خمسة أيام بسبب عدم توافر دقيق الذرة والمازوت»، حسبما قال أحد الموظفين لوكالة «فرانس برس»، وأضاف «أعتقد أن المعمل سيعاود إنتاجه خلال ‬10 أيام» إن توافرت المواد الأولية من جديد. وتشتهر العاصمة السورية بحلوياتها، وفي كتاب «ألف ليلة وليلة»، غالباً ما يرد ذكر ووصف أصناف مختلفة من الحلويات يسيل لها اللعاب. ويشكو (أبوصلاح) الذي يملك متجر «الصديق للحلويات» في شارع «‬29 أيار» في مركز المدينة، انخفاض إنتاجه «منذ بداية الأحداث بنسبة ‬90٪»، لأنه كان يبيع معظم إنتاجه «إلى الأجانب الذين غادروا الآن البلاد».

في حي المرجة الشعبي، يسود الوجوم متاجر الحلويات العديدة المنتشرة في الساحة، على الرغم من استمرارها ببيع البرازق. ويقول معتز بارودي، صاحب متجر «أمينة» للحلويات «في عام ‬2012 انخفض إنتاجنا بسبب الوضع السياسي وارتفاع أسعار المواد الأولية كالسمسم والدهون النباتية». وتتماهى صورة المدينة مع حال حلوياتها، فيبدو عليها الإحباط وفقر الحال بسبب إغلاق الكثير من المصانع أبوابه، كما تغرق غالباً في الظلام بسبب التقنين في التيار الكهربائي، وترتعد برداً بسبب نقص المازوت اللازم للتدفئة. ويؤكد الخياط (هشام) أن أولوياته تغيرت «فلم أعد أشتري الفاكهة ولا الحلويات، بل أمضي وقتي أبحث عن المازوت والغاز والسكر والأرز».

تويتر