يوبيل المهرجان الفضي يواكب طموح استضافة «إكسبو»
«دبي للتسوق 2020».. رحــلة العودة إلى المستقبل
18 عاماً بالتمام هي المحطة الزمنية التي يقف عندها الآن قطار مهرجان دبي للتسوق، الذي بدأ بفكرة ذات أهداف تسويقية وترفيهية واقتصادية على الساحة المحلية، تدار من مكتب محدود المساحة المكانية، معدودة كوادره البشرية، لكنه في غضون دورات قليلة أصبح أنموذجاً فريداً وملهماً للعديد من المهرجانات الأخرى التي سعت لاستنساخ تجربة ظلت فرص تمام نسخها رهناً بخصوصية عصية على النسخ لأنها محكومة بعبقرية مكان عنوانه «دبي».
«روح دبي» عبر استطلاع لآراء نحو 100 زائر لفعاليات «دبي للتسوق» على مدار أيام الدورة الحالية للمهرجان التي تحمل الرقم 18، سعت «الإمارات اليوم» لاستشراف التصور الأبرز للشعار الذي يمكن أن يتم اختياره للدورة التي يمثل حلولها مناسبة للاحتفال بيوبيل فضي، الذي من المؤمل أن يتزامن مع استضافة مستحقة في دبي لمعرض اكسبو. نسبة كبيرة من المستطلعة آراؤهم عبروا عن عدم قدرتهم على التوقع، بصيغ مختلفة، محتواها الأبرز أن دبي تفاجئك دائماً بما لا تتوقعه، وشهر واحد هو عمر كل دورة من دورات المهرجان، تشهد عبره الإمارة تغيراً هائلاً، لذا فمهمة التوقع والاستشراف من وجهة نظرهم تغدو «مهمة مستحيلة». لكن حتى هؤلاء الذين فضلوا التحفظ شاركوا آخرين رأوا أن الشعار سيستلهم حتماً «روح دبي» وواقعها، متذكرين شعار تدشين المهرجان «عالم واحد.. عائلة واحدة» الذي جعل من الإمارة بالفعل في مهرجانها جسراً يحتفي بزواره من شتى أنحاء العالم بحميمية العائلة، وصولاً إلى شعار الدورة الحالية «دبي أروع في مهرجانها» الذي انعكس ألقه في عروض ترفيهية وتسوقية وصلت بألق دانة الدنيا إلى ذروته. شعار مهرجان دبي المنتظر إذاً في دورة اليوبيل الفضي منفتح على خيارات متعددة، حتى هذه القفزة المتخيلة باتجاه المستقبل، تظل قاصرة على تمام التنبؤ والاستيعاب أمام مدينة تتجدد روعتها مع كل إطلالة لمهرجان يبدأ في صياغة رؤى جديدة في صبيحة ليلة ختامه. |
التجربة نضجت، وتظللت برؤية استراتيجية لرجل يجاهر بصوت عال دائماًبأن طموحه المركز الأول في كل مجالات التنافس، وعلى نحو متسارع تمدد المشروع الذي كان مقتصراً على مناطق محدودة من الإمارة، ليظلل دانة الدنيا كلها، وأضحى شهراً لا تخطئه خطط منظمي الرحلات السياحية في شتى انحاء العالم الذين تيقنوا أن القبلة المناسبة لوجهاتهم هي دبي بامتياز، في حين يبقى الزمان الأنسب هو توقيت إقامة فعاليات مهرجان دبي للتسوق، مستندين إلى واقع تعيشه سنوياً أسر وعائلات وأفراد خبروا أن «دبي أروع في مهرجانها»، فباتت حكاية تجتذب في كل عام زواراً جدداً.
ورغم أن النُسخ غالباً ما تحاكي الأصل، إلا أن المهرجانات المناظرة لم تكن كذلك في حال تجربة «دبي للتسوق»، لأن محاولات استلهام ألقه لم تتمكن من الوصول إلى إلهام الروح التي ظلت سراً قاد إلى نتيجة مبهرة، وهي حصول الإمارة على لقب المدينة المثالية لتنظيم المهرجانات لعامين متتاليين، في إنجاز غير مسبوق متفوقة على مدن تقطرُها اقتصادات وموارد عملاقة على المستويات كافة.
تحققت رؤية المركز الأول، وانتهى سباق التميز، بعدما لعبت نجاعة المهرجان دوراً رئيساً في الفوز، ومن ثم الاحتفاظ بهذا اللقب؟!
هذه ليست عبارة تقريرية، بل تساؤلاً ستظل إجابته محكومة بحرف النفي «لا»، لكل من يقف عند تجربة مهرجان الإمارة «الأروع في مهرجانها»، فالإنجاز هنا لا يولد ثباتاً وركوناً بل تتناثر بذوره فتتلاقح مكونة بذرة لمطمح جديد، فخط نهاية سباق التميز هنا يتبدل فيصبح خط بداية لسباق أبعد.
حكاية من الواقع
فوز دبي باستضافة معرض إكسبو العام 2020 قد يغدو لمن يتفنن في تتبع مفاصل الحكايات، حلقة جديدة في مسلسل تطورها، لكن الأمر هنا لا يرتبط بحكاية درامية مسرحها خشبة أو استوديو تصوير، بل رؤية اعتاد صاحبها أن يلامسها واقعاً على الأرض.
في هذا السياق لا يمكن التعامل مع انعقاد إكسبو 2020 في دبي باعتباره فرضية، أو مجرد مطمح، فالإمارة «الأروع في مهرجانها» قد أصبحت متمرسة في استضافة المهرجانات العالمية، والفعاليات الكبرى، وطريق اكسبو 2020 لم يبدأ فقط من لحظة الإعلان الرسمي لدخول دبي منافساً على استضافته، بل منذ العام 1996 وتحديداً وقت انطلاق الدورة الأولى من المهرجان.
رحلة متخيلة يعود مغامروها من المستقبل، فيصحبونا معهم إلى عوالم مهرجان دبي للتسوق عام 2020، مواكباً لاستضافة اكسبو، يمكن تبرير الإبحار فيها إذاً، ما دمنا بصدد رؤية لا تعترف بإعجاز المستحيل بالأساس، لكن تظل كل مكامن التوقعات والرؤى قاصرة لأننا أمام حالة متجددة من الإبداع البشري لا يمكن التنبؤ بنتاجها، لأنها ثمرة خلطة سحرية تفرزها دائماً خصوصية إمارة سريعة التطور، رغم شدة إخلاصها للثوابت والخصوصية المجتمعية.
إنه اليوبيل الفضي لمهرجان دبي للتسوق الذي وصل عامه الـ25، ولايزال يفاجئ زواره بجديده، دبي كلها في حالة ألق، مطارها الدولي لا تتوقف فيه حركة الطائرات، هنا مساحة لاحتضان العالم في كرنفال، ودخول الإمارة المرحلة الثالثة من مراحل تطورها وفق رؤية قائدها أثمر تطوراً مبهراً وتنامياً غير مسبوق في عدد مناطق الجذب الجماهيري.
مدينة تزهو بمهرجانها
لا يمكن قصر فرحة ليلة انطلاقة المهرجان على نحو 30 موقعاً كما كان الأمر في الدورة رقم 18، فهنا إمارة كاملة تزهو بمهرجانها، ولا مكان تعجز أن تطوله أصابع الفرحة، وإذا كانت الإحصاءات تشير إلى أن 100 ألف أو يزيد تشاركوا بهجة الليلة الافتتاحية في تلك الدورة، فإن اليوبيل الفضي بكل تأكيد يتجاوز أضعاف ذلك ، وفي حين أن 70 مركز تسوق ونحو 6000 محل هي جملة الجهات التي شاركت في عروضه الترويجية في الدورة رقم 18، فإن النمو الاقتصادي للإمارة وألق دورة اليوبيل المرافقة لإكسبو يجعلان هذا العدد الذي كان إنجازاً في حينه بمثابة رقم لا يعدو كونه رمزياً في الدلالة، أما الفعاليات الرئيسة فامتدت لكل ما يمكن أن تطالعه أعين رواد المهرجان الذين يمثلون مزيجاً لا يعرف الإقصاء أو الانتخاب بين جنسيات العالم بدوله المختلفة، التي تأتي هنا بمثابة «عائلة واحدة من عالم واحد».
الوقوف عند رقم محدد من الفعاليات في دورتنا الـ25 يضحي عبثاً، فمهما كانت ميولك فستجد ضالتك، كأن المهرجان قد تخصص في إسعادك أنت ومن تصطحب عبر خياراتك وخياراتهم، فـ«دبي الأروع في مهرجانها» تتجدد محتفظة بشبابها، بعالمية لا تغفل خصوصيتها، مدينة عربية خليجية بهوية إماراتية خالصة.
أحلام «حقيقية»
تتذكر الرقم 1.5 مليار درهم الذي وقفت عنده مجموع جوائز المهرجان منذ انطلاقته، وحتى الدورة الـ18، وكيف كان يتم التعامل معه حينها باحتفاء شديد من قبل وسائل الإعلام الأجنبية قبل العربية، فهذا الرقم أيضاً يتم تجاوزه هنا، بعد أن حولت السحوبات اليومية والكبرى للمهرجان حياة الكثيرين من رواده ومنحتهم سعادة الفوز مختزلة المسافة بين الحقيقة والحلم عبر «قسيمة» ورقية رابحة في السحوبات.
أين تذهب هذا الصباح، وهذا النهار، وحتى المساء والسهرة؟ هو السؤال الأكثر صعوبة حسمه سريعاً هنا، فالخيارات شديدة الاتساع للجميع، بل إن الزائر الذي لم يحسم أمر إقامته مبكراً قبل ساعة الوصول إلى مطار دبي، سيجد أمامه فرصاً لا منجى معها من التردد، فالإمارة مع ألق مهرجانها تستوعب ملايين الزائرين في شهر واحد، بعد أن غدت موقعاً مثالياً للفنادق العالمية الكبرى التي توفر بالتنسيق مع إدارة المهرجان عروضاً استثنائية، وحتى إذا كانت الميزانية لا تواكب طبيعة تلك الفنادق، فحتماً هناك خيارات أخرى لإقامة جيدة لأن فلسفة شعار المهرجان الأول «عالم واحد.. عائلة واحدة» لم يمحه توالي الدورات، بعد أن ترسخ ممارسة، وليس مجرد شعار، فيما ظل شعار «دبي أروع في مهرجانها» حقيقة ومسلّمة غنية عن الاجتهاد في إثبات صحتها.
إبحار في خطوات عائلة زائرة متخيلة يمكن أن يقرب المشهد المستقبلي بشكل أفضل، فاللغة ليست عائقاً على الإطلاق للتواصل مع مهرجان عالمي عنوانه دبي، لا سيما أن فريقاً محترفاً يبقى قريباً من ضيوفه أينما كانت وجهتهم، بدءاً من مطار يستقبل رواده بورود وزهور وجوائز، مروراً بفعالياته التي تجذب المواطن والمقيم بذات الألق الذي تحيط به زائرها، وكأن الجميع يكتشف سحر دبي للمرة الأولى.
.. إبهار دائم
لا يمكن ان تعتمد على معطيات زيارتك السابقة للمكان، فهنا برج خليفة ومنطقته الأكثر جذباً للزوار، لكن مفاجآت دورة اليوبيل الفضي تكسوها تجدداً، ودبي الفائزة باستضافة إكسبو لا تكرر ذاتها وتغدو أروع في كل دورة مع مهرجانها، وفي خارطة ترفيهية وتسوقية متعددة الخيارات، فإن عدم استثمار توقيت المهرجان الذي تظل أيامه معدودة وإن طالت، يبقى تفويتاً لفرص متابعة فعاليات وخيارات لا يتجاوزها سوى فرصة دورة لاحقة.
وإذا كانت فعاليات «فيستفال بروميناد» والألعاب النارية والقرية العالمية وشارعي السيف والرقة والسوق الليلي وفعاليات الحدائق والمتنزهات والمولات التجارية المختلفة مثل دبي مول والإمارات مول ومردف سيتي سنتر وديرة سيتي سنتر وميركاتو ودبي فيستفال سيتي، والحفلات الغنائية والموسيقية والعروض المختلفة التي لم تستبعد حتى «الهواء الطلق» و«وسائل المواصلات»، كانت منتهى الإبهار للأطفال والشباب والسيدات والرجال وكل الشرائح العمرية ضمن «عائلة المهرجان» في الدورة الـ18، فإن تلك الفعاليات اكتست مزيداً من التنوع، وأضحت جزءاً من بيئة ترفيهية وتسوقية تشبه الموناليزا في عبقرية ابتسامتها لرائيها والمتواصل معها على اختلاف الوجهة التي تحكم موقعه، وأصبح رقم 150 فعالية الذي أشر لدورة استثنائية ضمن المحطات الزمنية للمهرجان، قبل أن يساير ذات عام «استضافة اكسبو» رقماً تجاوزه ألق مهرجان يأبي أن يتخلى عن شبابه، رغم أنه يكتسب في كل عام طاقات وخبرات جديدة.
«تواصل العقول»
دبي بمهرجانها لا تتخلى عن ماضيها رغم استشرافها الدائم للمستقبل، ودورة «دبي للتسوق» العام 2020، لا تكتفي بمسايرتها لإنجاز استضافة اكسبو، الذي ينعكس شعاره «تواصل العقول وصنع المستقبل»، أيضاً في فعاليات «اليوبيل الفضي»، وهنا تستطيع أن تعتلي أعلى قمة في العالم، في الوقت الذي تتابع أقدم وسيلة لجأ إليها الإنسان من أجل الحصول على قوت يومه، وهي القنص، التي مارسها الإماراتي قديماً، وتجددها بطولة فزاع التراثية التي تستدرج رواد المهرجان إلى مغامرات على أطراف المدينة.
القراءة في أدبيات أصل المكان تتداخل مع معايشة أجواء مدينة توصف بأنها لا تنام تارة، وتارة أخرى بأنها مدينة المستقبل، في ظل أجواء كرنفالية يومية يبدو فيها كل يوم كأنه حدث افتتاحي يحظى أكثر من سابقه وتاليه ببرنامج مميز، فقرية الغوص تتواصل مع الحاضر، قادمة من ماضي المكان، مستوحية رحلات «طواويش» الإمارات الباحثين عن المحار للظفر باللؤلؤ، وهو استيحاء جذب ألق الحاضر ممثلاً في نخبة من مطابخ فنادق عالمية جاءت في منافسة شهية، ليختار الزائر أفضل الأطباق البحرية، وهي تظاهرة أُطلقت في محطة المهرجان رقم «18»، و«كانت» بمثابة إشارة لطيفة لعبقرية وصال زمنين.
يوميات متجددة
«اللؤلؤ الحقيقي هو أنت».. عبارة قد تختزل لسان حال من يخاطب دبي في هذا المشهد القريب أيضاً من قرية التراث وبيت الشيخ سعيد، ومنطقة الشندغة التراثية التي تحتضن صوراً خالدة من الماضي، وأدبيات ثقافة تأبى إلا أن تسود، فلوحات الخط العربي وواحة السجاد تنثر العبق، وتجاورها وإن بعدت المسافة المكانية «حياة البادية» التي تأتي غير بعيدة عن منطقة ألعاب ترفيهية فائقة الاعتماد على التقنية الحديثة وعروض ألعاب نارية مبهرة، تسمو في محاولة لملامسة قمة «برج خليفة».
همسات الحسومات وخياليتها وغبطة الحائزين على صفقات رابحة تتخلل ضحكات السعادة، وصرخات مغامرة من يحلق في عنان السماء، ويشعر بأنه في مأمن، أحاديث عن ذكريات أمس، وأمس الأول، وأنت لاتزال تعيش في تفاصيل اليوم، وصال بين الماضي والمستقبل هي جميعها جزء من تفاصيل تربط بين يوميات مهرجان يذهب إلى يوبيله الفضي، بعامين وشهور ثلاثة موزعة على سنوات هي ربع قرن من الزمان، قد تكسبه وفق قياسات المهرجانات العالمية صفة العراقة، لكنها لا تتوقف عن منحه إكسير شباب يجدده ويجعل رواده دائماً على موعد مع مفاجآت لا تنتهي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news