اعتبرها الباعة تعويذة لدهشة الزوار
القرية العالمية: «مرحباً» بأكثر من لغــــة
«مرحباً» كلمة تدخل في صميم القلب، خصوصاً إذا صاحبتها ابتسامة مشرقة ارتسمت على محيّا قائلها، فكيف إذا كانت «مرحباً» تصلك بجميع لغات العالم وفي مكان واحد، وتحديداً في القرية العالمية، التي جمعت الشعوب من مختلف الجنسيات والأعراق والديانات، ووحدتهم رغم اختلافهم وتفرقهم.
بمجرد أن تدخل للقرية العالمية من أي بوابة، وما أكثرها تلك البوابات، لتجد في استقبالك موظفي القرية الذين ينظمون دخول الزائرين دون كلل أو تعب، فابتسامة الترحيب لا تعرف جنسية أو عرقاً أو جنساً، فكل انسان يقصد القرية العالمية يلمس ذلك الترحيب والحفاوة التي تكون بانتظار وصوله، وبمجرد أن يوقف سيارته في إحدى ساحات المواقف الشاسعة سيحظى بمميزات ترحيبية نادراً ما يجدها في دول سياحية كبرى.
وبعد عبور البوابة، تشعر وأن بؤبؤ العين لا إرادياً يتسع، ليستوعب كل ذلك الزخم اللوني الذي تزينت به القرية، فلا يفوتك شيء منها، فيما يصل سمع الشخص لأعلى مستوياته، وتتجاوز حركته وطاقته أقصى سرعتها ليتمكن من التجول بين القرى المتنوعة ومناطق المطاعم والألعاب، فضلاً عن الاستمتاع بالعروض الفلكلورية المباشرة والتي تقدمها فرق عالمية جاءت خصيصاً لإسعاد زوار القرية العالمية، ورسم ابتسامة البهجة والفرح على وجوههم، فمنهم من تذكر موسيقى تربى على سماعها من جده، وآخر تأثر بها رغم أنه لا يجيد لغتها.
«مرحباً» عربية
من هنا وهناك، صيحات ترحيبية بزوار القرى المختلفة، فعلى الجهة اليمنى لبوابة الدخول، يسمع الزائر للقرية السعودية، البائعين الذين يرددون بصوت واحد «يا مرحبا تفضلوا»، ليبدأ فصل جديد من الترحيب بالكرم العربي الأصيل، فهذا البائع يصب القهوة السادة، وآخر يدعو الضيوف لتجربة القهوة السعودية الأصلية، أما قهوة الهيل فكان لها نصيب الأسد والحصة الأكبر من اقبال الجماهير.
«قرّب وجرّب» كلمات رددها الباعة في أكشاك القرية السعودية، وتفنن كثيرون منهم في جذب انتباه الزوار، بمن فيهم محمد المصري، الذي بات معروفاً في القرية بصوته المرتفع، لاسيما عندما يشدد على حروف كلمات «قرب وجرب الكليجا، ولا يفوتك فتيت عنيزة»، وهي انواع من المنتجات الغذائية المصنوعة من «بُر» الدقيق والنخالة، أما المعمول السعودي وأصابع التمر فكانت لا تفارق أيدي الزوار.
وبينما تتابع جولتك بين أجنحة القرية العالمية، لابد أن تميز وسط تداخل الأصوات، صوت الأجراس المعلقة فوق كشك الآيس كريم التركي، الذي لا يتوقف البائع عن الطرق ليلفت انتباه المارة، الذين غالباً ما يتوفقون لرؤية الآيس كريم التركي الذي يعد أحد أفضل أنواع المثلجات في العالم، ليس لمذاقها المميز إنما طريقة التقديم المبهجة التي يتعمد من خلالها البائع رسم الابتسامة على وجوه الصغار والكبار.
«سيغيلار خوشغلدينيز» قد لا يستطيع الكثير ممن لا يجيدون اللغة التركية نطقها، ولكن بمجرد ان تزور الجناح التركي ستتمكن من حفظها عن ظهر قلب، وذلك لأن جميع الباعة في الجناح التركي يستقبلون بها الزوار، وتعني تلك العبارة «مرحباً تفضلوا»، فهذا بائع البطاطا الشهيرة ينادي من بعيد «توجد لدينا بطاطا تركية»، أما بائع الإكسسوار فيكتفي باستقبال الزوار بابتسامة وكلمة «مرحبا»، وهي مستخدمة في القاموس التركي، دون بذل كثير من الجهد أو التكلف في ذلك الاستقبال، بينما يقدم البائع عند مدخل الجناح «السحلب التركي» اللذيذ الذي يخفف من برودة الطقس.
«واكا واكا»
عروض مميزة لا تكتفي القرية العالمية بتقديم أجنحة الدول المميزة، بل هناك عروض جديدة، مثل عرض Circulation وهو أحد أشهر عروض السيرك الأوروبية والعمل الاستعراضي «بلاروس» Belarus من روسيا وعرض رقصة الأسد، الذي يقدم لأول مرة في القرية العالمية، كما تنظم الأجنحة العديد من العروض الثقافية من الدول المختلفة في أرجاء القرية العالمية، التي تعد أكبر تجمع للعائلة في الهواء الطلق وسط شموخ اكثر من 37 صرحاً تاريخياً تجسد مفهوم العالم في مكان واحد.
|
بينما ترتشف السحلب التركي وتأكل الكستناء المشوية، تستوقفك أصوات موسيقى إفريقية، صادرة عن جناح جنوب إفريقيا، وما أن تتبع مصدر الصوت الذي يقودك إلى مسرح الجناح، لتخرج من البوابة الصغيرة مجموعة من أفراد فرقة إفريقية ترتدي أزياء فلكلورية مميزة وتؤدي رقصات جميلة، تتواصل حتى صعودهم على خشبة المسرح وسط الزخم الموسيقي وقرع الطبول المستمر وأنغام الأبواق.
«واكا واكا» تلك الأغنية الشهيرة التي أدتها الفنانة الكولومبية شاكيرا في افتتاح كأس العالم في جنوب إفريقيا، كانت مفتاح استقبال زوار الأجنحة الإفريقية، إذ يتعمد الباعة لفت انتباه الزائر بكلمة «واكا واكا» بطريقة فكاهية، رغم أن الكلمة تعني «حرق»، وبحسب صياغة الجملة تعني «تقدم»، إلا أنها كانت بمثابة تعويذة الوصول إلى القلوب قبل الجيوب.
ولم يخلُ الجناح الإفريقي من الألوان الصاخبة التي اكتست بها أكشاك الجناح، وتحديداً ألوان الأصفر والأخضر والأحمر المستمدة من الأعلام الإفريقية، مثل الكاميرون والسنغال وغانا، كما انتشرت مجسمات الحيوانات التي تمتاز بها الطبيعة الإفريقية، إضافة إلى المنتجات الخشبية والجلدية المشتقة من جلود الحيوانات، مثل الأفاعي والتماسيح، وأكسسوارات العاج الأصلية.
كلمة السر
أما كلمة السر في الجناح التايلاندي فكانت «سوادي»، وتعني «مرحباً»، فجميع من في الجناح بمجرد زيارتهم والمرور بين ممرات الأكشاك المزخرفة، يرددون مع انحناءة احترام وتقدير كلمة «سوادي»، فهذا بائع المانغو الخضراء الحامضة اختار لنفسه زاوية باتت مقصد الجاليات العربية وحتى الآسيوية، الذين لم تفارقهم لسعات الفلفل الحار والملح مغمسة بها شرائح المانغو اللذيذة. والجناح التايلاندي يشعر الزائر كأنه في احد الأسواق الشعبية في مدينة بانكوك، وتحديداً شارع «نانا» و«سوكومفيت»، اللذين باتا مقصد العرب، لدرجة أن البضائع المصفوفة فوق الأكشاك هي ذاتها التي غالباً ما تعرض في محال «روبنسون» الشهيرة، منها الملابس التقليدية والاكسسوارات والأحذية، إضافة إلى المأكولات الشعبية التايلاندية التي تمتاز بحلاوتها وحموضتها في الوقت نفسه، إذ لا يمكنك بعد زيارة الجناح التايلاندي إلا أن تردد كلمة «كابونغكا» وتعني شكراً بالتايلاندية. بينما تتلذذ بطعم شاي الكرك المميز، وكنت قد انتهيت لتوك من تناول حبات اللقيمات الساخنة والمغمسة بعسل الدبس اللذيذ والمنثورة فوقها حبيبات السمسم المحمص، تجد نفسك أمام الجناح الإسباني، حيث يحاول الباعة كسب ود جميع الزوار من خلال عرض قمصان فريقي الدوري الإسباني الشهيرين برشلونة وريال مدريد، مكتفين بترديد كلمة «أوولا» الترحيبية.
فيما جذبت رقصات «الفلامنغو» الاستعراضية انظار الزوار، الذين تمايلوا مع موسيقى الفن الإسباني وتموجات الأزياء الفلكلورية وألوانها البراقة، إذ بعد انتهاء الفرقة الاستعراضية تقدم الزوار لشراء الزي الإسباني الذي يقدم بأسعار مميزة وألوان باهرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news