أشرف عبدالغفور: لن نقبــل وصاية على الفن

دافع نقيب المهن التمثيلية في مصر، الفنان اشرف عبدالغفور، عن زيارته إلى إيران، على رأس وفد ضم عدداً من الفنانين المصريين تلبية لدعوة إيرانية. وتعد الزيارة الأولى من نوعها لفنانين مصريين، ما أكسبها بعداً سياسياً طالب عبدالغفور بتنحيته جانباً، على الرغم من أنه أكد في الوقت نفسه أنه «لا خطوط حمراء تحول بين الفنان وعالم السياسة». وأكد عبدالغفور الذي تم تعيينه في موقعه عقب ثورة ‬25 يناير المصرية «ليس هناك موقف مسبق من حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لـ(الإخوان المسلمين) مع الفن، ولن نقبل بالوصاية على الفن، كما أنه لم يتم الإيحاء بذلك على المستوى السياسي».

وقال عبدالغفور الذي حل ضيفاً على مهرجان المسرح العربي الذي استضافته أخيراً العاصمة القطرية الدوحة، في حوار لـ«الإمارات اليوم» إن «النيات السيئة تجرجر الفن إلى عوالم السياسة، وهذا لا يفيد تطور الحركة الفنية»، مضيفاً «لا يمكن أن يبدع الفنان في ظل أجواء متربصة»، مؤكداً أن «زيارة الفنانين المصريين إلى إيران جاءت متأخرة عن موعدها الطبيعي بعشرات السنين، لذلك فإن مزيداً من التقارب هو الوضع الأمثل للعلاقات الفنية المصرية ـ الإيرانية».

الفن الحقيقي

على الرغم من عدم تحقق ما كشفه عند زيارته للمرشد الأعلى لـ«الإخوان المسلمين» في مصر منذ أكثر من عامين، وهو مشاركة «الإخوان المسلمين» بشركات إنتاج خاصة لإثراء قطاع الإنتاج الفني، إلا أن نقيب المهن التمثيلية في مصر، أشرف عبدالغفور، لم يرَ أن الدراما التلفزيونية والسينمائية في مصر تعيش مرحلة ازمة لها علاقة بالأزمة السياسية العامة التي تعيشها البلاد.

واعتبر عبدالغفور واقعة سب وقذف الممثلة المصرية إلهام شاهين حادثة فردية، نافياً اتهام موقف النقابة ازاءها بـ«المتخاذل»، مضيفاً «تم التعامل مع الأمر حسب القانون، وتمت ملاحقة من ثبتت عليه التهمة قضائياً، وهذا هو الحل الأمثل لأي خلاف لا تتم تسويته بالتراضي، دونما مزايدة أو الاكتفاء بسياسة الشجب والإدانة»، وأضاف «الآن تحكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ولا ندري ما الذي ستفرزه الانتخابات المقبلة، او ما تليها، لكن الحقيقة أن الفن الحقيقي لن يموت في أي حقبة من الحقب، لأنه ببساطة يجب أن يتأثر بالمجتمع الذي ينتمي إليه من دون وصاية».

ولم يعبأ نقيب المهن التمثيلية في مصر، الذي عاد بقوة إلى الدراما التلفزيونية عبر مسلسل «الإمام الغزالي»، بأي تأويلات سياسية تطال هذه الزيارة في هذا التوقيت تحديداً، مضيفاً «على العكس تماماً من إرادة الفنان وحريته في آرائه السياسية، فإن الفن في حد ذاته يجب أن يكون بمنأى عن سطوة السياسة التي أقل ما توصف به أنها متقلبة وتحكمها المصالح والحسابات الخاصة، في حين أن الفن إبداع يجب أن يكون مصاناً من تلك الأغراض».

واستغرب عبدالغفور من ردود الفعل الإعلامية التي وصفها بـ«المتربصة»، تعقيباً على تلك الزيارة. وقال «لا يعقل أن يتم صبغ كل خطوة يقوم بها فنان حسب تأويلات اتهامية»، مضيفاً «الخطوة دارت في فلك فني تماماً، ويجب أن تعقبها خطوة مماثلة يزور فيها وفد إيراني فني القاهرة، لكن للأسف يبدو أن هذا غير ممكن في الوقت الراهن، نظراً لأنه لاتزال هناك قيود كثيرة على استخراج تأشيرات الزيارة للإيرانيين الراغبين في زيارة مصر، وهذا الأمر يجب ألا يكون عائقاً يقف دون حدوث حوار وتبادل خبرات حقيقية بين الثقافتين على مستوى الفنون التمثيلية، التي أمثلها في مصر».

وتابع «لا يمكن بالنسبة لي كوني نقيباً للمهن التمثيلية، ألا أستفيد من التقدم المذهل للسينما الإيرانية، بسبب مشكلات سياسية، بل الغريب هو ذلك الوضع من القطيعة مع هذه الصناعة المتقدمة، من دون وجود اي مبرر فني».

عبدالغفور الذي كان عضواً في اللجنة التأسيسية لصياغة دستور بلاده أيضاً، قبل أن ينسحب توافقاً مع مزاج عام في الشارع المصري، كان رفض تكوين هذه اللجنة بالأساس، في حين دافع عن وجوده في تلك اللجنة قبل انسحابه، مضيفاً «لم يكن وجودي في (التأسيسية) بناء على منصبي نقيباً للمهن التمثيلية، لأن الدستور لا يمكن أن يكون ممثلاً لهذا العدد الكبير من النقابات على اختلافها في مصر، بل بناء على كوني شخصية عامة، كما أن انسحابي منها جاء في توقيت مناسب تماماً عندما أصبح تكوين (التأسيسية) نفسه على المحك».

المشكلات السياسية التي رفض عبدالغفور أن تصبغ حركة الفنان، لاحقته أيضاً في زيارة رفضها كثير من الفنانين، جمعته مع المرشد الأعلى لـ«الإخوان المسلمين»، ووصفها البعض حينها بأنها بمثابة «صك ولاء» للجماعة السياسية. لكن عبدالغفور أصر حينها على انها كانت بمثابة «جلسة لتقارب وجهات النظر، أسفرت عن تبديد مخاوف الوسط الفني من وجود موقف مسبق للجماعة التي كانت تؤشر الأحداث حينها إلى صعودها إلى قمة الهرم السياسي في مصر»، حسب عبدالغفور الذي قال ان «الإشكالية في مسألة الربط بين ما هو فني وما هو سياسي، وان الأمر يتم دائماً بناء على افتراض نيات سيئة».

عبدالغفور الذي صرح سابقاً بتفاؤله بمستقبل الدراما والسينما في مصر، كاشفاً رغبة جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة ببلاده في دخول هذا المعترك من خلال شركات إنتاج خاصة، عاد ليؤكد ان الوضع العام حالياً «مربك»، مضيفاً «لسنا بصدد مناخ مثالي للإبداع، وعدم استقرار المجتمع، لابد أن يتبدى في مختلف القطاعات والمجالات التي يحتضنها، وعلى رأسها المجال الفني، الذي يوصف دائماً بأنه مرآة صادقة للواقع، وحينما يعاني المجتمع علينا ان نتوقع أن الفن ايضاً يشاركه المعاناة ذاتها».

من هذا المنطلق، برر عبدالغفور الذي تزخر سيرته الفنية بعشرات الأعمال التلفزيونية والإذاعية والمسرحية، غياب مصر لأول مرة عن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي، لكنه اعرب في الوقت نفسه عن سعادته بعدد من العروض التي استضافها المهرجان.

وأفاد بأنه «في ظل تلك الأجواء التي تفرض نفسها على الإبداع المسرحي، فإن وجود هذه النخبة من الأعمال المسرحية يعد مرضياً، لأن ما يحدث في بعض البلدان العربية وسيادة أجواء من الإحباط، من المؤكد أنهما يؤثران في المواطن العربي عموماً، بمن في ذلك الفنانون الذين يجدون انفسهم مطالبين باستيعاب واقع ملتبس وشديد التبدل، ومربك، في حين أن الفنان مطالب بمعايشة أزمة مجتمعه والتعبير عنها وليس أزمة النخب السياسية».

الأكثر مشاركة