جاز فرنسي في جامعة الشارقة

موسيقى الجاز وما تضمه من أنغام شجيه وألحان تلامس المشاعر الدفينة، وما تضخه من جرعات حب وعشق وإعجاب بتلك الموسيقى، لم يقتصر وجودها على المطاعم والمقاهي القديمة التي يرتادها عشاق الجاز والموسيقى المعتقة، إنما باتت تقدم لشريحة جديدة في المجتمع وهم طلاب الجامعات والشباب.

بهدف الترويج لموسيقى الجاز وتحديداً الجاز الفرنسي قدمت عمادة شؤون الطلبة في جامعة الشارقة، بالتعاون مع الرابطة الثقافية الفرنسية في دبي، حفلاً موسيقياً تحت عنوان أمسية الجاز الفرنسية، ضمن برنامج أسبوع الثقافة الفرنسية الذي انطلق أول من أمس بفعاليات متنوعة تصب في إطار تعزيز العلاقات الفرنسية الإماراتية لضمان نشر الثقافة من مختلف جوانبها.

بدأت الأمسية التي أقيمت أول من أمس، في مسرح كلية البنين في جامعة الشارقة، بعزف موسيقى حية على البيانو بنوتات عصرية بعيدة عن كلاسيكية الجاز، يرافقها دخول متوازن مع آلة السكسفون التي تميز موسيقى الجاز وتمنحها عمقاً وإحساساً فريدين بحالة العشق غالباً ما تفتقدها في أنواع أخرى من الموسيقى والآلات، وبين تلاعب العازفين وتراقص النغمات الصادر عن الآلات، تصفيق وتفاعل رائع من قبل الجمهور، الذي أسرته تلك الموسيقى وأججت مشاعره.

تمكنت جامعة الشارقة من توفير مناخ الجاز المثالي في تلك الأمسية، التي نقلت الكثير بحالة من الحميمية التي فرضتها الإضاءة المعتمة والخلفية السوداء وأزياء العازفين الكلاسيكية، إلى ممرات نيس ومقاهي ليون الفرنسية البعيدة كل البعد عن صخب باريس، لاسيما أن فرقة «سيلسا برونتو ليتي» الفرنسية عزف بحب وتناغم، خصوصاً مع تفاعل الجمهور الذي حضر بكثافة للاستمتاع بموسيقى الجاز.

موسيقى الحب

جاز سريع

لم تنتهِ الأمسية من دون أن تقدم الفرقة الجاز الراقص ذا الرتم الموسيقي السريع، الذي جعل معظم الجمهور يرقص في مكانه، بل قامت سيدة فرنسية بالرقص مع ابنها الصغير الذي بدا سعيداً باللحن الذي أدخل البهجة والسرور للجميع، وحظي عازف السكسفون بإعجاب الجماهير، مطالبينه بالاستمرار في تقديم عزف منفرد من دون أن يصاحبه غناء أو عزف على آلة البيانو. واستمر العازف دقيقتين، قدم خلالهما لحناً رائعاً، سلب معه الالباب، لاسيما والاحترافية التي كانت ظاهرة في تعامله مع الآلة التي يخشاها كثير من محبي العزف، بل تجاوز عشق العازف للآلة واندماجه في اللحن الذي قدمه، بأن رقص معها، كأنها سيدة فرنسية جميلة تتراقص بين يديه.

عزفت الفرقة فور صعودها خشبة المسرح أغنية «أحب الغرب»، التي شاركت مغنية فرنسية أداءها بالتناغم مع عزف البيانو وآلة السكسفون العالمية، وتدريجياً ومع تفاعل الجمهور تخلت الفرقة - التي أتت لأول مرة للشارقة وتعاملت مع هذا الجمهور - عن خجلها، لاسيما مع الحماس والتصفيق، ما شكل حالة من الذهول للفرقة، الأمر الذي انعكس على أدائهم الذي تصاعد في ظل تذوق المتفرجين هذا النوع من الموسيقى.

وبمجرد انتهاء الأغنية الأولى، قالت المغنية أنها «سعيدة بوجودها في دبي»، الأمر الذي دفع الجمهور إلى تصحيح عبارتها بأنها في الشارقة وليس دبي، ما جعلها ترد بسرعة «أعتقد أن من الأجدى أن أصمت وأكتفى بما أبرع فيه وهو الغناء»، ومع خفت الأضواء والاكتفاء ببقع الضوء المسلطة على العازفين والمغنية، طلب عازف السكسفون من الجمهور التصفيق بنغمة موحدة تتناغم مع لحن كلاسيكي لعازف البيانو، وبعد توقف العزف انفردت المغنية بدندنت كلمات من أغنية عاطفية انفعل معها عازف السكسفون الذي صار يراقص الآلة ويندمج مع اللحن والغناء.

تعجب الجمهور من عدم غناء أي اغنية باللغة الفرنسية، رغم أن الفرقة فرنسية والأمسية خاصة بالجاز الفرنسي، إلا أن الفرقة فضلت تقديم أغنيان إنجليزية لسهولة وصول الكلمات إلى أحساس الجماهير التي باتت تردد أغنية «تعال إلي» رغم أنها أغنية جديدة من كلمات وألحان الفرقة نفسها، إلا أن روعة الأغنية جعلتها تصل إلى الصغار قبل الكبار، الذين وقفوا بعد انتهاء الغنية وتصفقوا طويلاً للأداء والاحساس العالي.

ظهور الجاز

ظهرت موسيقى الجاز في ظروف تاريخية وسياسية واجتماعية تزامنت مع إلغاء نظام الرق والعبودية عام ‬1863، ونهاية الحرب الأهلية الأميركية عام ‬1865 من جهة أخرى، إذ وجد الزنوج أنفسهم أحراراً في مدينة نيو أورليانز التي تكثر فيها علب الليل وصالات الرقص الأوروبي، مثل الفالس والبولكا، كما أخذ الزنوج يستعيدون الايقاعات من خلال صنع الطبول الضخمة، وامتزجت تلك الألحان الإفريقية أيضاً بالألحان التي تعلموها في الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانيه، مع صرخات عذاب العبودية، وتعبيرات روحهم المكتئبة المتأثرة بالموسيقى الوثنية والموسيقى الأوروبية التي كانت منتشرة في ذلك الوقت. وتميزت الموسيقى التقليدية الإفريقية بخط لحن واحد ونمط الدعوة والاستجابة وعدم وجود الهارمونية بمفهومها الأوروبي، والايقاعات عكست أنماط الخطاب الإفريقية.

أسبوع ثقافي

قال منسق النشاط الثقافي والاجتماعي في عمادة شؤون الطلبة في جامعة الشارقة شريف أحمد الزعبي، لـ«الإمارات اليوم» إن «أمسية الجاز الفرنسي نظمت ضمن أسبوع الثقافة الفرنسية، التي ضمت معرضاً للكتاب الفرنسي، ومتحفاً مصغراً يضم أبرز المعالم في فرنسا، إضافة إلى معرضين فنيين لفنانين فرنسيين، كما أقيم مكتب سياحي لترويج السياحة الداخلية في فرنسا كما سيتبعها تنظيم رحلة سياحية للطلاب الراغبين في زيارة هذا البلد».

وتابع الزعبي أن «الأسبوع الثقافي ضم عرض فيلمين سينمائيين ومحاضرات ثقافية عن الأزياء والفلكلور الفرنسي، وأهم الجامعات الفرنسية، إضافة إلى السياحة في فرنسا، أما بخصوص الأمسية التي أقيمت أول من أمس، والتي أحياها مجموعة من الفنانين الفرنسيين الذين قدموا خصيصاً من فرنسا لإحياء هذه الأمسية، فجاءت بهدف إبراز هذا النوع من الفن غير الرائج في المنطقة، لاسيما أن الجامعة فضلت تثقيف الطلبة بأنواع مختلفة من فنون الغناء والعزف العالمي، كونها تمتلك فرقة فنية تضم عازفين ومغنين وملحنين، إضافة إلى كتاب كلمات».

الأكثر مشاركة