كتابه باع أكثر من ‬50 مليون نسخة وترجم إلى كثير من اللغات

جون غراي: الاختلافات مفتاح السعـــادة

صورة

لم يكن يتوقع الطبيب النفسي والاستشاري الأسري الأميركي جون غراي، أن كتابه «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة»، سيحقق له الشهرة العالمية ويكون الأكثر مبيعاً لمرحلة التسعينات بأكملها بعد أن باع أكثر من ‬50 مليون نسخة، واستمر مدة ‬121 اسبوعاً الكتاب الأكثر مبيعاً في الأسواق. هذا الكتاب يعد ثمرة تجارب ودراسات غراي العلمية حول العلاقة بين الرجل والمرأة ويشرح الاختلافات في ما بينهما من ناحية علمية لتحقيق النجاح في اي علاقة زوجية.

غراي زار دبي أخيراً، وقدم محاضرة خاصة بالعلاقات الأسرية، وقد التقته «الإمارات اليوم» وتحدث عن كتبه ورؤيته الخاصة للاختلافات بين الجنسين من النواحي العلمية، وكذلك مشروعاته الجديدة.

كتاب

استماع

لفت جو غراي إلى ان قلة من الرجال يستمعون إلى النساء، ولكنه منذ ‬10 سنوات قد انقذ الكثير من العلاقات، فكل شخص كان يقصده بهدف عدم الوصول إلى الطلاق، مؤكداً أن أغلب زياراته للعيادة كانت من الذين يواجهون تحدياً مهماً في حياتهم. ونوه بأن المستشار الرجل قادر على فهم المرأة اكثر من المستشارة المرأة، لأن الرجل يستطيع التركيز بينما المرأة تنقاد بمشاعرها. ولفت إلى أن الثنائي بحسب الأبحاث التي أجريت لا يقومان بتطبيق ما يأخذانه في الجلسات في المنزل، لهذا ما يعمل عليه معهما هو دفعهما لمواصلة ما فعلاه من خلال فهمهما لبعضهما. اما الكتاب الجديد الذي سيصدر في مايو المقبل، فعنوانه «اعمل معي» ويتناول العلاقات بين المرأة والرجل وكيف يمكنهما ان يكونا داعمين لبعضهما في العمل.

أما الكتاب الذي يكتبه ولم ينته منه بعد، فهو من الصبية الى الرجولة، ويتناول فيه المحطة المهمة في حياة الرجل، ولاسيما انه في أميركا اليوم تشير الاحصاءات الى انه مقابل كل امرأتين يتخرجان من الجامعة، يتخرج رجل واحد من الجامعة، كما يوضح أهمية ما تبحث عنه المرأة في الرجل من ناحية المهنة.


فيلم سينمائي

http://www.ey.ae/polopoly_fs/1.551619.1361462052!/image/441927450.jpg

وقعت الممثلة الحاصلة على جائزة الأوسكار ريس ويذرسبون على عقدها لتقوم بدور البطولة في الفيلم السينمائي المقتبس عن كتاب غراي الأشهر عالمياً، «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» الذي يتناول طبيعة الاختلافات بين الرجل والمرأة عبر ‬13 فصلاً.

ومن المتوقع أن يستلهم الفيلم بعض التفاصيل التي يتناولها الكتاب، من خلال معالجة رومانسية كوميدية، أسوة بفيلم «ماذا تتوقع حينما تتوقع»، الذي اقتبس عن كتاب يتناول الحمل. ومن المقرر أن تنتج الفيلم شركة «ليونزجيت» وسيخرجه برايان باكلي وسيكون التجربة الروائية الأولى له.

حول الكتاب الذي منح غراي شهرة عالمية، قال «لا يوجد في الاسواق أي كتاب يشبهه من لناحية الموضوع، كما أن معظم الكتب المتخصصة بالعلاقات الزوجية تقرأ من قبل النساء، ولكن هذا الكتاب الوحيد الذي قرأ من قبل النساء والرجال بالتساوي». وأكد أنه في البداية ظن أن الكتاب قد يضيف له المزيد من ورش العمل حول الزواج والعلاقات الأسرية، ولكن الكتاب كان له الاثر الإيجابي في انقاذ الكثير من العلاقات، لأنه يوضح الاختلافات بين الجنسين وكيفية التعاطي معها، كما حقق أرقاماً قياسية في المبيعات وترجم الى الكثير من اللغات. هذا الكتاب هو المفضل لغراي ويعده خلاصة عمل ‬15 سنة من العمل في مجال الاستشارات والعلاقات الأسرية، اذ يشير الى أنه كان بالإمكان ان يقدم ‬10 كتب انطلاقا من الاختلافات بين الرجل والمرأة، ولكنه تناول اول ‬10 قضايا مشتركة في كل العلاقات الزوجية، وكل واحدة منها قادرة على حماية الحياة الزوجية ومنع دمارها.

وعن أسباب اختيار المريخ للرجال والزهرة للنساء، قال «في البداية اتتني الفكرة من خلال فيلم كنت أشاهده، وكذلك بعد أن طرحت زوجة علي سؤالاً (زوجي من أين؟) عندها أجبتها من المريخ وضحكت». وتابع الكاتب الأميركي «قمت بالبحث عن طبيعة الكواكب، ووجدت أن كوكب المريخ يقوم بمهمة الحماية بينما الزهرة هو كوكب الجمال والحب، وهكذا يجب أن يكونا (الرجل والمرأة)». أما الكتابة بحد ذاتها، لم تكن المشروع الخاص بغراي، فقد بدأ بالنشر بهدف نشر المعلومات التي من الممكن ان تساعد الناس في حياتهم، مشيراً الى أنه يفضل هذه الكتب عن الأدب لأنه يميل إلى الأشياء المثبتة علمياً.

العلاقات الإنسانية، لاسيما بين الرجل والمرأة هي الشغل الشاغل لغراي، وقال «كنت أعاني مشكلة في السمع عندما كنت صغيراً، الأمر الذي جعل علاقتي باللغات صعبة، وبالتالي كنت اسعى دائماً إلى فهم ما يقوله الناس من خلال التصرفات، الأمر الذي جعلني أركز على علاقة المرأة بالرجل حين يتكلمون». ولفت الى انه توجه للعلاقات الأسرية لكثرة تعلقه بأهمية إثبات الاختلافات وتوضيحها لتصل بالثنائي الى السعادة، وقد حقق له الكتاب ما يريد. ونوه بأن ما شجعه على الكتابة وتوضيح هذه الاختلافات هو وجود سعي دائم من قبل الكثيرين من مؤلفي الكتب الى اثبات نظرية ان المرأة مثل الرجل، وألا مجال للاختلاف بينهما، الأمر الذي اعتبره غير واقعي. وأكد غراي أن الوصول الى السعادة في الحياة الأسرية يكمن في إدراك كل من الطرفين للفروقات والاختلافات بين الجنسين بطريقة ايجابية، تضمن احترام وتقدير هذه الاختلافات. واعتبر أنه من الضروري أن تنظر المرأة الى أجمل ما يملك الرجل، وكذلك على الرجل أن ينظر الى أجمل ما لدى المرأة وهكذا يحققون السلام في حياتهما. ورفض اعتبار أن تكون المرأة هي مصدر السلام والجمال في العلاقة بكونها أنثى، مانحاً التفهم للاختلافات بين الطرفين وفهم الآخر الأولوية لنشر السلام في أي علاقة.

هرمونات

غراي الذي درس علم النفس والجنس، لفت إلى أن الاختلاف بين الرجل والمرأة لا يتوقف على موضوع بعينه، ولكن الشائع في هذه الاختلافات هو طبيعة التواصل، وأهميته لكل شخص، موضحاً أن المرأة تتواصل لأنها تريد أن تشعر بأنها أقرب للرجل ولهذا تتحدث عن تفاصيل يومها، بينما غالباً الرجل يتواصل من أجل حل المشكلات. واعتبر غراي أن هذه الاختلافات التي يتناولها لا ترتبط بمجتمع أو ثقافة، بل تعتمد على الدلائل العلمية وعمل الهرمونات، ولهذا الحديث في كتبه لا يكون على المستوى الشخصي وإنما الهرموني بين الجنسين.

وأوضح الروابط بين طبيعة الحياة والهرمونات، بالقول «الرجل هو الذي يجب أن يكون القائد للحياة بكاملها، فعندما يكون الرجل هو المسؤول ويلعب دور القائد في الحياة الزوجية، هذا يشير إلى أن المرأة ليست مضطرة إلى القيام بأخذ القرارات، وهذا يسهم في التخفيف من الأعباء على المرأة، وتشعر بالراحة لاسيما ان كان زوجها يسمعها ويفهمها، فهذا يجعلها اكثر راحة في التعامل مع الرجل». وأضاف أن «هذا الأمر يؤثر في العلاقة العاطفية الحميمة بين الطرفين، وإن لم يستطع الرجل ان يكون القائد، سيخسر من انجذاب زوجته مستقبلاً وستفشل علاقتهما». وتحدث عن أهمية أخذ القرارات، موضحاً ان اخذ القرار يرفع من الضغوط عند المرء بشكل عام لأن القرار محفوف بخطورة الصواب والخطأ، وأن جسم الرجل يتعاطى مع مواقف الخطورة بطريقة ايجابية، لأن معدل التيستستيرون يرتفع، وهو الهرمون الذي يسبب الراحة عند الرجل عندما يرتفع، بينما يكون الأمر معاكساً عند المرأة. أما الأمور التي ترفع الهرمونات الايجابية عند المرأة، فهي اللحظات الرومانسية وكذلك سماع الرجل لها والتواصل معها، وكذلك كيف تعمل على طلب بعض الواجبات من الزوج دون ان تشعره بأنه يخضع للأوامر، كل هذه الأمور ترفع هرمون «الاوكسيتوسن» عند المرأة وهو الذي يسبب لها السعادة. وتابع، أن انتاج هرمون «التيستستيرون» يتعزز انتاجه عند الرجل عندما يؤمن لزوجته السعادة والاكتفاء في العلاقة الحميمة. ونوه بأنه في المقابل إن الهرمون المسؤول عن الضغط والتوتر عند المرأة، يتضاعف في العمل ويرتفع الى اربعة اضعاف في المنزل، وهذا يقود إلى تراجع الحياة بين الطرفين إن لم يدرك الرجل كيف يرفع من هرمونات «الاوكسيتوسن» عند المرأة. وشدد على ان المرأة التي تتحدث عن مشكلاتها إلى زوجها أو حتى إلى بعض الأصدقاء تخفف الكثير من الضغوط، كما أن البحوث تبين ان الأمراض ولاسيما المتعلقة بالقلب تزداد مع الضغوط النفسية التي لا تخرجها المرأة.

تواصل

يعد التواصل الموضوع الأهم في حياة الزوجين لأنه يضمن السعادة ويمنع دمار العلاقة، وهنا أكد غراي، أنه من المستحيل وصول أي علاقة زوجية للطلاق في حال كانت العلاقة الحميمية التي تجمع الزوجين سليمة، لافتاً الى أن هذا يتحقق بالتواصل الجيد، بينما ما يعيق هذه العلاقة عدم قدرة المرأة على الافصاح عن مشكلاتها، لأن الجزء الخاص بالعواطف في دماغ المرأة أضعاف الجزء الموجود عند الرجل، كما ان عمله يفوق عمل جزء العواطف عند الرجل بثماني مرات. وشدد على أنه على المرأة ان تسمع الرجل بعض العبارات التي ترفع من معنوياته في العلاقة، كما أنه عليها أن تقوم بدعوته للقيام بالعمل الذي تريده وليس أن تكون منتقدة على عدم القيام بها.

اعتبر غراي انه ليس من الصعب نجاح أي علاقة زوجية في حال عرف الثنائي مهارات ادارة العلاقة، منوهاً بأن العلاقات اليوم تختلف عن علاقات أجدادنا، ففي القدم كانوا يبحثون عن شريك لأداء الواجبات والمهام المنزلية، بينما اليوم المنظور اتجه إلى الشريك الروحي، وما حدث في العالم هو تغير في الثقافة العالمية، حول الدور الخاص بكل من الرجل والمرأة. وأشار إلى أن المرأة تعمل والرجل أيضاً، ولكن على المرأة أن تفهم أنه عليها الحفاظ على الجانب الانثوي الذي يفرز هرمونات انثوية، كما أن الرجل يجب أن يحافظ على الجوانب التي تفرز الهرمونات الذكورية، لافتاً الى ان العنف عند الرجل ينتج عن زيادة الهرمون النسائي «الاستروجين» لديه وانخفاض انتاج التيستستيرون. أما المهارات التي يمكن أن يقوم بها كل من الطرفين فتقوم على مدى اهتمام كل طرف في جعل الطرف الآخر سعيداً، مشيراً إلى أن البحث عن نقاط مشتركة في شريك الحياة أمر ضروري ومطلوب، وكذلك في تحقيق اسعاد الآخر ونظرته للأمور، فالمرأة تعطي الرجل نقطة عن أي عمل يقوم به مهما كان كبيراً أو صغيراً، بينما الرجل يعطي نسباً بحسب العمل الذي قامت به المرأة.

تويتر