العرض الفني الذي كشف عن تفاصيله أمس سيعرض كاملاً للجمهور يوم غدٍ. تصوير: إريك أرزاس

ملحـمة فنيـة تاريخـية في حـب الإمــارات

«كما تصنع أجمل اللآلئ نتيجة معاناة قلب المحارة نتيجة دخول حبة رمل أو جسم غريب بداخلها، فتفرز مادة (أم اللؤلو) حول هذا الجسم المزعج حتى يتحول إلى لؤلؤة ثمينة، كذلك يُصنع التاريخ العظيم من المعاناة»، بهذه المقاربة المستمدة من تراث الإمارات وبيئتها، ربط عرض «قصة حصن.. مجد وطن»، الذي كشف ظهر أمس عن أجزاء منه للمرة الأولى، على أن يتم تقديم العرض كاملاً مساء غد في افتتاح مهرجان قصر الحصن، ويعرض يومياً خلال فترة المهرجان الممتدة من ‬28 فبراير حتى التاسع من مارس المقبل.

وجوه

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

بخلفية حملت وجوهاً من الزمن القديم لسكان أبوظبي في الماضي.. أطفال وشيوخ، رجال ونساء، ترتفع أمامها كثبان رملية، يبدأ العرض بعزف على العود، ترافقه ظلال لقافلة من الجمال تسير، وظبيان تتقافز هنا وهناك. وبمجرد انتهاء العزف يتغير المسرح فجأة ليتحول إلى ساحة حديثة، ويظهر عدد من الراقصين وشيخ طاعن في السن يدق على طبلة كبيرة، ليقوم أحد الراقصين بجذب فتى إماراتي من صفوف المشاهدين، وسرعان ما يمتلئ المسرح براقصين يرتدون ملابس الغوص التي كان يرتديها سكان المنطقة قديماً، ليؤدوا لوحة بصرية تجمع بين الرقص والحركات البهلوانية، وفي الخلفية يظهر صقر ضخم يحلق، داعياً الشاب الإماراتي للتعرف إلى تاريخ بلاده، هنا يحضر أحد الراقصين كتاباً ضخماً يأخذ في تقليب صفحاته حتى يصل إلى صفحة تحمل مجسماً لقصر الحصن، فيأتي الشاب الإماراتي مسرعاً لمطالعة القصر، وفي الوقت نفسه تظهر في خلفية المسرح صورة ضخمة مجسمة لمبنى قصر الحصن، ويتجمع أهل المدينة من مختلف الاتجاهات يطالعون القصر وهم يرتدون الازياء التقليدية، وترتدي النساء البرقع التقليدي والاكسسوارات التراثية، وقد تزينت أيديهن وأقدامهن بنقوش الحناء.

شاشات

فجأة يمتلئ فضاء المسرح بشاشات عرض متعددة تعرض صوراً قديمة من تاريخ إمارة أبوظبي منذ فترة الخمسينات، تستعرض ملامح من الحياة في الفترات الزمنية المختلفة، رافقها تعليق باللغة الإنجليزية، بما يوحي بأن هذه اللقطات والصوت جزء من فيلم وثائقي من تلك الأفلام التي قام بإعدادها مصورون أجانب قبيل مرحلة اكتشاف النفط ومع بداياتها. وتتوالى الصورة بالأبيض والأسود لتتحول إلى الألوان مع تطور التاريخ وإعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وتولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قيادتها، وتأسيس دولة حديثة بها، وبالتزامن مع هذا التطور تختفي الرمال الصفراء لتكتسي أرضية المسرح باللون الأخضر رمز التطور والنماء والخير والتنمية.

لؤلؤة

المشهد الثاني في العرض الخاص لوسائل الإعلام العربية والأجنبية يبدأ برقصة تعبر عن كيفية تكون اللؤلؤة داخل المحارة، وتتمازج فيه الرقصات مع الحركات الأكروباتية التي تميزت بالاحترافية مع المؤثرات الصوتية والبصرية، لتشكل لوحة متكاملة. لينتقل إلى لوحة تراثية أخرى تظهر فيها مجموعة من دُمى الجمال يحركها عدد من الاشخاص، بينما يلقي أحد الشعراء قصيدة من الشعر النبطي. بعدها يتجمع أهل المدينة مرة أخرى أمام قصر الحصن، في إشارة إلى ما كان يتمتع به القصر من مكانة مهمة في تلك الفترات، حيث كان مقراً للحكم ورمزاً للدولة، وبينما تظهر في خلفية المسرح قافلة للجمال، تشق طائرة صغيرة سماء المكان، وهو ما يرمز إلى الجمع بين القديم والحديث.

تقنيات حديثة

اعتمد العرض الذي قام بتصميمه والإشراف عليه المخرج العالمي فرانكو دراغون، على العديد من العناصر الفنية والمؤثرات الصوتية والبصرية، والتقنيات الحديثة التي تم توظيفها باحترافية لتعكس التراث الإماراتي، وتعبر عن مكانة قصر الحصن في تاريخ الدولة - بحسب ما أوضح دراغون قبيل العرض - واصفاً العرض بـ«الوليد الصغير» الذي يخطو أولى خطواته ليكشف عن عمل عظيم، معبراً عن فخره بإسناد هذه المهمة إليه، وبأنه أوشك الآن على الوصول إلى المرحلة النهائية من هذه الرحلة الشاقة والتحدي الضخم الذي خاضه.

وذكر دراغون أنه استخدم في العرض تقنيات حديثة لم يتم استخدامها في المنطقة من قبل، من بينها استخدام ‬48 شاشة عرض، وهي تقنية حديثة جداً وصعبة أيضاً، لافتاً إلى ان اهم ما كان يشغله وهو يعمل على العرض أن يعكس من خلاله احترامه للإمارات وتراثها وتاريخها، والتعبير عن ذلك بصورة فنية مبهرة.

وقال المخرج العالمي، إنه شعر بالفخر لتكليفه بهذه المهمة، لكنه شعر بالخوف أيضاً للتعامل مع ثقافة جديدة عليه، وهو ما جعله يقبل على القراءة عن كل ما يخص تاريخ وتراث الإمارات، والتواصل مع الناس من سكان الإمارات للتعرف إليهم وإلى ثقافتهم حتى يمكن تقديمها بصورة تعبر عنها، كما تعبر عن احترامه وتقديره لها.

تجربة لا تنسى

أضاف دراغون «سيكون عرض (قصة حصن.. مجد وطن) تجربة مؤثرة لا تنسى لجميع من يشاهده، إذ يقدم العرض سرداً لقصة قصر الحصن ورمزيته التاريخية، وتم تصميم العرض ليروي القصة الرائعة للتاريخ العريق لأبناء الدولة. وبناءً على ذلك، تم دمج عناصر الثقافة الإماراتية الأصيلة باللوحات والعروض الفنية بطريقة غير مسبوقة، ويشمل العرض كل ما يتعلق بماضي أبوظبي ومستقبلها وحاضرها، ما يُشعر كل شخص له علاقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بأن العرض جزء منه ومن الدولة، وهو بلا شك مصدر ثقافة ينبثق منه الشعور بالفخر لهذا الأداء الرائع».

وأوضح دراغون: «من خلال العرض ستشاهدون شاباً إماراتياً يتنزه في أرجاء قصر الحصن، ويظهر أمامه أحد صقور الشاهين الرائعة. في البداية لم يلتفت الفتى إلى أهمية هذا الصرح التاريخي الذي يقف أمامه، وفي لمح البصر يرفرف الشاهين بجناحيه قابضاً على الفتى بين جوارحه، ليأخذه في رحلة مملوءة بالصور والمشاعر والقصائد المصحوبة بالموسيقى، ليتعرف الفتى من خلالها إلى جذوره، والقيم الأساسية التي تكمن في قلب أبوظبي وشعبها الكريم».

الأكثر مشاركة