أكثر من 100 عمل لـ 35 فناناً في «برو آرت غاليري»
«فلاش مُعاد على الصورة»..جماليات من المعاناة
بين مشاهد ترتبط بتفاصيل الحياة اليومية البسيطة والحالات الإنسانية التي تبرز هموم البشر، يأخذنا معرض «فلاش معاد على الصورة» الذي افتتح أخيراً في «برو آرت غاليري» إلى مشاهد تحمل في أبعادها الأجواء الوجودية والفلسفية وكذلك الجمالية البسيطة. التصوير الذي يقدم حياة البشر لا يوقف المشهد عند اللحظة الذي التقط فيها، فالصورة تفتح المجال على جماليات تنبثق من الوجع والمعاناة الأزليين للبشر، أو حتى المرتبطين ببعض البلدان، أو الأزمات التي ترتبط بفترات معينة من تاريخ البلدان. أما معالجة القضايا الإنسانية فكان لها جانب خاص في هذا المعرض الذي يستمر حتى 10 من الشهر الجاري.
صور دبي
الفنانون المشاركون شارك في المعرض، الذي جمع بين التصوير الملون والأبيض والأسود، 35 فناناً وهم ألريزا فاني، أندريه فيلرز، عمر فكري، أندريه كيرسكي، اندي وارهول، كلاوديو كوتشيديفرو ، سيديريك دولسكس، جيرارد بيير، كورين فايونيت، هنري كارتييه بريسون، هيرمون ماكورا، كيلي بيربيتش، لالا السيدي، لويس ستيتنر، لويس رازي، جيوفري مايانو، محمد عبلة، مرات جيرمان، بيتر اندرسون، صادق تيرفكان، سيبستيو سلغادو، ثريا شاهين، فاليري لي فيفي، ويلي رونس. |
مدينة دبي حضرت في المعرض الذي جمع 35 فناناً من العالم، فقد صورت بأكثر من عدسة، فتجلت في حالة عمرانها الذي أذهل الناس في سرعته وتميزه من خلال أعمال الفنان الفرنسي، سيديرك دلسوكس، الذي جمع في واحدة من صوره بين البناء والبشر الذين وضعهم في صورة بالقرب من المباني التي ترتفع عالياً. وقد بدا هذا الفنان مسكوناً بفكرة البناء والهدم، فنجده يصور أيضاً مبنى يبدو آيلاً للسقوط بسبب الدمار الذي حل به. هذا الابهار الذي استطاعت ان تحققه دبي حضر في أعمال الفنان الإيطالي كلاوديو كوتشيديفرو أيضاً، الذي برز من خلال دهشة المباني الشاهقة التي أوجدها في حالة مقلوبة، والتي صور بالقرب منها شخصاً يفترش الأرض ويغطي وجهه، من دون ان يظهر، في ما لو كان نائماً او خائفاً، بينما جسد الناس في حركتهم وسط الثقافات المختلفة التي تجتمع في دبي، فكانت الصورة أقرب لواقع هذه الإمارة التي تنفرد بجمع هذا الكم من الثقافات التي تتعايش مع بعضها البعض.
معاناة
بعض المشاهد المرتبطة بحياة الناس حملت الوجوه التي تعبر عن الاضطهاد الذي تعانيه النساء في مجتمعات عدة، عربية أو غربية، بينما حمل الكثير من الصور الحالات السياسية في افريقيا من خلال صورة الجندي مع الناس، الى جانب أعمال المصري محمد عبلة، التي صورت الأحداث المصرية واحتجاجات الناس في الشوارع المصرية. لاشك في أن التصوير فن يسهم في نقل معاناة الشعوب، ويوثق الكثير من الهموم البشرية، لكنه من جهة أخرى يعرض ابهى صور التجدد في الحياة من خلال الولادة التي برزت بشكل خاص مع المصور جيرارد بيير، الذي أظهر الولادة عند الحيوانات بالألوان وبالأبيض والأسود. هذه الصور ترصد وجهاً من وجوه الاستمرار والمتعة في الحياة عبر كائنات صغيرة الحجم لتضفي على المعرض تنوعاً في اللقطات، فتنقلها من المعاناة والاحتجاجات الى الحياة الجديدة.
الفن الإيراني كان حاضراً في المعرض بطريقة واضحة، وقد تجلى في بعض الأعمال التي أبرزت النساء المحجبات، التي زينت ببعض الحروف، فالكتابة تعد من السمات الأساسية في الأعمال الإيرانية التشكيلية، ويحرص بعض المصورين على إدخالها في اعمالهم التصويرية سواء من خلال اضافتها على المشهد الملتقط او من خلال تصوير الكتابات نفسها. والكتابة التي تعد جزءاً أساسياً في التعبير عن الثقافة لم تكن الوحيدة التي أبرزت ثقافة الفنانين، فقد تعمد البعض التقاط صور النساء ولاسيما اللواتي يظهرن كأنهن سلعة، الى جانب الاضطهاد التي تعانيه النساء في بعض المجتمعات المنغلقة. أما التراث أو المشاهد الطبيعية فبرزا في مجموعة من اللقطات التي ركزت على المدن، فصور مرات جيرمان المدينة في زاوية دائرية تمنحها بعداً جمالياً ينبثق من كمية التفاصيل الموجودة فيها. هذا بالإضافة الى مجموعة من الصور التي جمعت بين التصوير والفن التركيبي، فكانت الصور الملتقطة مضاءة من الجوانب، وذلك بهدف خدمة الفكرة الخاصة بالصورة، ولاسيما تلك التي أبرزت الظلام والضوء من خلال اللمبة المطفأة والشمعة الموضوعة فوق اللمبة التي تقوم بنشر الضوء.
تلقائية
الفنانة النيوزيلندية التي تقيم في دبي منذ ثلاث سنوات، كيلي بيربتش، قالت لـ«الإمارات اليوم» عن مشاركتها «قدمت في المعرض الجدران التي صورتها من دبي ومن بلدان أخرى، هذه الجدران التي تحمل أثر الناس ويتركون عليها كتاباتهم، تحمل ثقافاتهم وتعبر عنهم». ورأت ان الفن يحمل أحياناً مشروعات خاصة للفنان، مشيرة الى أن المشروع مهم وضروري مع الحفاظ على التلقائية في التقاط الصور، ويجب أن يكون المكان هو الملهم بالنسبة لأي فنان وفي أي عمل والا سيفقد سمة الإبهار. وقد أكدت ان دبي قدمت لها الكثير من الإلهام وذلك بسبب الثقافات المختلفة التي تعد إلهاماً مميزاً لكل فنان. من جهته، رأى الفنان الايطالي كلاوديو كوتشيديفرو الذي أبرز دبي في أعماله على الرغم من أنه يقيم فيها منذ عامين فقط، أن هذه المدينة تتميز عن الكثير من المدن العالمية، في المشهد الذي تفرضه على المقيمين او الزائرين. ولفت الى ان الأعمال تبين طريقة تلقيه لهذه المدينة وللشرق الأوسط بشكل عام، فهذه الأعمال تبرز ثقافة الشرق الأوسط وكذلك ثقافة العالم الخارجي. ورأى الفنان الايطالي ان الألوان التي يعمل عليها أساسية في عمله، ولهذا تبدو صوره كأنها لوحات تشكيلية، لأنه يمنح الصورة العمق في اللون. واعتبر كوتشيديفرو ان الفن أياً كان نوعه يجب ان يحمل رسالة تدعو الناس إلى التفكير في القضية التي تطرح، ولهذا أراد أن يطلق عند الناس الأفكار حول دبي وما تصوره المدينة. وشدد على انه كفنان حين يقيم في اي مدينة يصبح أساسياً بالنسبة له ابراز هذه المدينة، وان لم يتمكن من فعل ذلك بشكل مخطط فهي ستظهر بشكل تلقائي من خلال الانعكاس على شخصيته وعمله بشكل عام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news