محمد منير.. حالة فنية خاصة شهدها الجمهور في حديقة برج خليفة. من المصدر

محمد منير: لا أحد سيسـكت الأغنية

قادماً من ظرف مصري ساخن ومعقد، ومن مشهد وطني غير واضح تماما، هكذا لم تبدُ على الفنان المصري محمد منير الحماسة والأمل ذاتهما، في الحفل الغنائي الذي أحياه أول من أمس، في حديقة برج خليفة، على مدار نحو ‬100 دقيقة، قدم خلالها ‬10 أغان، خلافاً للحفل الذي أحياه في المكان منذ عامين ذاته، والذي تعامل معه الحضور حينها، خصوصاً المصريين منهم، على أنه احتفال بثورة كانت حينها لاتزال في عنفوانها، مغلفة بالكثير من الاستبشار.

وبين حفلي محمد منير، لا يمكن للمتابع إلا أن يربط بين الفنان الأسمر الملقب بـ«الملك»، وبين تطور الأحداث في بلاده، لاسيما أنه صاحب أغنية «إزاي»، التي اعتبرها البعض حينما أطلقت قبيل اندلاع الثورة بمثابة تبشير عجيب، يؤشر إلى حساسية الفنان في استشراف الأحداث العظيمة قبل وقوعها.

لم ينكر منير، في تصريح لـ«الإمارات اليوم»، أن الفنان المصري عموماً في مأزق، خصوصاً المرتبط منهم بالأغنية الوطنية، لكنه استدرك «لا يمكن أن نكف عن الغناء، أو نصاب باليأس، بل علينا أن نعلي صوتنا بالغناء، ولا أحد سيسكِت الأغنية، فالفنان داعية أمل، بل إنني جئت إلى هنا لمواصلة حدوتة مصرية تفخر بأن تغني بجوار هذا الرمز الرائع لحضارة عربية معاصرة، ممثلة في أعلى بناء إنساني في العالم وهو برج خليفة».

اعتذار

انتابت الفنان المصري محمد منير حالة غضب عارمة من مرافقيه، عندما علم بأنه تأخر لـ‬140 دقيقة كاملة عن الموعد المقرر للمؤتمر الصحافي الخاص بالحفل، ولم يكتف بالاعتذار الدبلوماسي المعتاد، لدرجة أن الصحافيين هم من طلبوا منه عدم الوقوف طويلاً أمام هذه الحادثة، التي سبق تكرارها أيضاً في مؤتمر سابق له في دبي أيضاً بتأخير تجاوز ضعفي هذا الوقت. منير قال «لم يبلغني أحد بالموعد الفعلي، ولم أشعر أساساً بالوقت، وما يحدث هو أن القائمين على تنظيم الحدث يخطرونني بأنه يتوجب عليّ أن أقابل الصحافة الآن، فأشرع في الاستعداد لهذه المقابلة، وهو أمر لا يعفيني رغم ذلك من الأسف».

وعلى الرغم من رغبته دائماً في عدم خلط السياسي بالفني قبيل إحيائه لحفل فني، فإن منير الذي يتوجه من دبي مباشرة للمشاركة في مهرجان موازين بالمغرب، لا يمكن لمحاوره إلا أن يدلف على الشأن السياسي، تعقباً لاهتمام منير نفسه الذي يحمل أفكاراً سياسية ثابتة سواء قبل الثورة المصرية أو بعدها، لدرجة جعلته حسب تأكيده أحد أكثر الفنانين الذين تم إقصاؤهم عن الاهتمام الرسمي في بلاده على مدار عقود.

يحاول منير نشر تفاؤل أضحى عملة نادرة في خضم الأحداث التي تمر بها بلاده، وفي فترة قصيرة من الحوار تتقلب معنوياته بشكل ملحوظ، بين استبشار يؤيده بقلبه، وتفرضه طبيعة فهمه لدور الفنان بأنه داعية أمل وتفاؤل بالغد، وبين واقع لا يحمل الكثير من المقومات التي تساعده على صياغة هذا الأمل، لذلك فإن «الملك»، يبدو كثير الاعتذار لمحاوره، حينما يبدو عليه توتر غير مقصود، أو حتى تأخير عن موعد لم يكن يعلم بالأساس توقيته تماماً، على النحو الذي حدث في مؤتمر صحافي استبق الحدث، ودعت إليه الشركة المنظمة له «كيه ـ ميوزيك» في فندق ريحانة زوز بشارع الشيخ زايد، قبل أن يقول صراحة إنه يشعر بالإنهاك، جراء رحلة السفر الطويلة التي تقوده من القاهرة إلى دبي، ثم المغرب.

ولم تكن أجواء أول من أمس، تحديداً، مثالية لحفل محمد منير، بسبب الارتفاع المفاجئ لرطوبة الأجواء، لاسيما أن حضور الحفل فضلوا جميعاً متابعة النمر الأسمروقوفاً، من أجل مزيد من الانسجام مع الأجواء الموسيقية المميزة، التي فرضها هذا الصوت القادم من أقصى جنوب مصر، خصوصاً من منطقة النوبة، المعروفة بميراثها الغنائي الخاص.

ومع أن منير صرح رداً على سؤال، خلال المؤتمر الصحافي السابق للحفل، بشأن ما إذا كان سيغني «حدوتة مصرية»، مؤكداً أنه لن يتأخر عن تلبية رغبات من يحرصون على لقائه في دبي، من خلال هذا الحفل، إلا أنه لم يغن بالفعل تلك الأغنية التي أثارت شجن ساميعها، حين غناها في حفله على المسرح ذاته منذ عامين، حيث لمس النجم المصري بذكائه أنه ليس هذا هو الوقت المناسب لغنائها ربما، مفضلاً أن يحيل إليها بصيغة اخرى وهي أنه جاء ليواصل الغناء رغم تطورات الأحداث.

إضافة إلى ذلك سعى منير لكي لا يبدو مكرراً الأغاني ذاتها، التي قدمها في حفله السابق، بل حاول التركيز بشكل أكبر على الأغاني العاطفية من جهة، والأغاني التي تحمل حضوراً أكبر للموسيقى، والتي حفزت الكثير من الشباب على الرقص.

البداية الحالمة بـ«علموني»، قادت منير إلى «علي صوتك بالغنا»، ثم «شاطر»، فـ«خليها على الله»، «الليلة يا سمرا»، «يا ابوالطاقية»، «تعالي نلضم اسامينا»، «أنا يونس»، «على مين»، و «دنيا بتلعب بينا».

الأكثر مشاركة