كاتب مصري: التغيير الثقافي أكبر تحديات الثورة

يرى الكاتب والفنان التشكيلي المصري عزالدين نجيب، أن الثقافة ضرورة لا تتحقق من دونها «أهداف ثورة ‬25 يناير»، التي أنهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير ‬2011، ورفعت شعار «تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية» منذ يومها الأول.

ويقول إن التغيير الثقافي هو «التحدي الأكبر أمام الثورة»، مشدداً على أن الثقافة ليست ترفاً يستطيع الشعب أن يعيش من دونه، وإنما هي أداة الوعي بأسباب الظلم والاستبداد والرغبة في التغيير وكلها تمهد للثورات.

ولكنه -في كتابه (الثقافة والثورة) الذي أصدرته هذا الأسبوع الهيئة المصرية العامة للكتاب في ‬227 صفحة- ينبه إلى «أن للحكومة والطبقات العليا ثقافة يسوسون بها الشعب ويكرسون من خلالها للطاعة.. ويبثونها تحت غطاء ديني أو أخلاقي في عروق المحكومين، ولكن الفقراء يتفنون في ابتكار أساليب المقاومة وأولها الفنون والحكم الشعبية وهي من مكونات الثقافة التحتية القادرة في بعض جوانبها على امتصاص موجات الاستعمار والاستبداد تمهيداً للتمرد».

ويستشهد على ذلك بقوله إن «ثورة يناير هي نتيجة تراكم واستثمار ثقافة الغضب التي أدت إلى تغيير فكري في عقول الشباب» الداعين إلى الاحتجاجات التي تحولت إلى ما يشبه الانفجار الثوري في «جمعة الغضب» يوم ‬28 يناير ‬2011.

ولكنه يسجل أن «الثقافة التحتية» تشمل أيضاً جوانب سلبية تقاوم عملية التغيير، خصوصاً في ظل ارتفاع الأمية الهجائية في مصر التي «لاتزال من أعلى نسب الأمية في العالم»، وتضاف إليها الأمية الثقافية والجمالية وكلها عوامل يرى أنها تحث على الاستكانة وتحول دون الثورة.

ونجيب مثقف مرموق يلتزم بقضايا الجماهير وسجل في كتابه «الصامتون.. تجارب في الثقافة والديمقراطية بالريف المصري»، تجربتين ثقافيتين بين عامي ‬1968 و‬1978 كان فيهما مديرا لقصر الثقافة في مدينة كفر الشيخ في الدلتا، واكتشف ما يعتبره هوة واسعة بين المثقفين والواقع.

وتعرض نجيب للاعتقال عام ‬1997 بتهمة طبع منشورات تحرض الفلاحين على معارضة قانون العلاقة بين المالك والمستأجر للأراضي الزراعية.

ويقول المؤلف في كتابه «الثقافة والثورة» إن الجماهير عاشت طوال ‬40 عاماً مضت تشمل فترتي حكم الرئيس الأسبق أنور السادات وخلفه مبارك في ظل «تجريف النظام القيمي للمجتمع المصري وتشويه وعيه السياسي والثقافي والجمالي»، ولم تتمكن النخبة المثقفة من التفاعل مع الجماهير إلا في حدود ضيقة بحكم غضب السلطة على كثير من المثقفين أو «بشراء صمت» بعضهم واحتوائهم مقابل مكاسب ومزايا.

ويضيف «هكذا عاشت الجماهير الساحقة خلال الـ‬40 عاماً السابقة بغير ثقافة إلا الثقافة التحتية المحملة بكثير من القيم السلبية وثقافة السلطة الموجهة لتخدير الجماهير وإلهائها عن مطالبها الجوهرية»، إلا أن جهود المثقفين الذين استعصوا على الاحتواء لم تذهب هباء وحفرت مجرى في الوعي العام انتهى إلى «هدير الجموع بميدان التحرير» مع اندلاع الاحتجاجات في ‬25 يناير ‬2011.

ويشدد على أن «ثورة يناير» لم تغير إلى الآن الثقافة التحتية الراسخة التي تسعى أحيانا لرفض الثورة وتحاول إجهاضها ليس خوفاً من السلطة الجديدة «فقد تم هدم جدار الخوف.. بل لنفاد صبرهم من بطء أو تجاهل» تحقيق الأهداف التي وعدت الثورة بتحقيقها.

وعلى الرغم من وصفه قيام الثورة بأنه معجزة فهو يرى أن تحقيق أهدافها «هو الجهاد الأعظم وفي القلب منه التغيير الثقافي» الذي ينهي روح السلبية واللامبالاة والتواكل والتعصب للرأي وعدم قبول الآخر وإقصائه عن المشهد لمصلحة فكرة أو طائفة.

وفي فصل عنوانه «بناء المستقبل مشروع ثقافي» يشدد على ضرورة محو الأمية الهجائية التي يعتبرها جريمة في حق ‬25 مليون أمي في البلاد، ويحمّل المثقفين والدولة «مسؤولية تحريرهم» ضماناً لنجاح أي مشروع مستقبلي.

تويتر