في معرض «مجمع أبوظبي للفنون»
فنانون من الخليج يحتفـون بالمرأة واللون
فنانون من منطقة الخليج جمعهم الشغف بالفن، وتنوعت أساليبهم وأفكارهم وأجيالهم وموضوعات لوحاتهم، وعلى الرغم من ذلك بدت المرأة كأنها العنصر الأكثر طغياناً وإلحاحاً في أعمال هؤلاء الفنانين التي ضمها معرض «فنون الخليج»، الذي افتتح في مجمع ابوظبي للفنون «أبوظبي هاب غاليري»، مساء أول من أمس، إلى جانب موضوعات أخرى مثل التراث والعمارة القديمة والخط العربي.
من الأعمال اللافتة في المعرض الذي يستمر حتى الخميس، لوحات الفنان العماني أنور سونيا، التي اتسمت بطابع تجريدي، وأظهرت جلياً خصوصية العلاقة بين الفنان والألوان، تلك الألوان التي يربطها الفنان بالمجتمع والتراث العُمانيين، فالفنان ابن بيئته ولابد أن يتأثر بها ويعبر عنها، بحسب ما أوضح سونيا الذي يعد من رواد الفن في سلطنة عمان، والحائز جائزة الفنان العربي الأكثر تميزاً من بينالي الشارقة الدولي لـ«الإمارات اليوم»، كما كانت المرأة هي الموضوع الرئيس في كل اللوحات التي قدمها سونيا في المعرض، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يمنحها كل هذه المساحة في لوحاته فهي الأساس، ومن دونها لا يمكن ان تستمر الحياة، لافتاً إلى أن العلاقة بين المرأة والألوان في لوحاته تنبع من التراث العماني الذي تميزت أزياء المرأة فيه بألوانها الحارة ذات الحضور المبهج كالأحمر والأصفر والبرتقالي، بينما اقتصرت ملابس الرجل فقط على اللون الأبيض.
في لوحات سونيا ظهرت المرأة تكويناً لونياً تجريدياً بلا ملامح، وأحياناً اختبأ الوجه خلف البرقع التقليدي الذي تتميز به بعض مناطق سلطنة عمان، في حين تميزت اللوحات بالحركة التي يستشعرها المتلقي فيها والتي تمنحها حيوية لافتة، وهي حركة قد لا تنبع من الشخوص في اللوحة، لكن من الألوان أيضاً التي تتداخل وتتراقص في انسيابية واضحة، كما في لوحة عبر فيها عن الصراعات الداخلية التي تعتمل داخل عقل المرأة ونفسها، وعلى الرغم من أن الوجه كان ثابتاً في اللوحة، إلا أن دوامة الألوان المتداخلة حوله صنعت أجواء الصراع خصوصاً مع التداخل بين الألوان الباردة والحارة، الأمر نفسه في لوحة «رقصة»، حيث لم يكتفِ الفنان بحركة الشخوص، لكن كانت للألوان حركتها وإيقاعاتها التي تنساب في انسيابية تمنح للوحة بُعداً إضافياً وكأن المتلقي يستمع لتلك الموسيقى التي تتراقص عليها الالوان.
تجريد وحروفيات
الفنانة الكويتية نورة العبدالهادي ابتعدت عن الأشخاص في لوحاتها التي اتسمت بتجريدية عالية، معتمدة على اللون في توصيل الفكرة، لافتة إلى أن التجريد يمنح الفنان حرية أكبر في التعبير عن أفكاره ونفسه، وفي الوقت ذاته يمنح المتلقي حرية التفاعل مع اللوحة وفقاً لأفكاره وخلفيته الثقافية، وحتى الحالة النفسية التي يمر بها خلال مطالعة اللوحة. وقدمت العبدالهادي في المعرض ثلاثة أعمال في خمس لوحات، عبرت في إحداها عن عوالم الصوفية ورقصة التنورة التي تعد من طقوس التخفف من أحمال الحياة وهمومها حتى يرتقي الصوفي إلى حالة من الصفاء والشفافية تمكنه من التواصل مع الخالق، مستخدمة تدرج الألوان التي بدت ثقيلة معتمة يغلب عليها الأسود في أسفل اللوحة، وكلما ارتقت للأعلى بدت أكثر رقة وشفافية. أما الواقع الحالي في المنطقة فعبرت عنه الفنانة بعملين يتكون كل منهما من لوحتين، غلب عليهما اللون الرمادي الذي يتداخل مع ألوان ترابية قاتمة، بينما استخدمت الحرف بطريقة تجريدية مثل حرف النون الذي اتخذ شكلاً مقلوباً فتحول إلى علامة استفهام.
في حين كانت الحروف والخط العربي هما محور أعمال الفنان العماني، صالح الشكيري، الذي قدم في لوحاته تشكيلات حروفية من الخط العربي تمازج فيها التكوين الحروفي مع اللون، وتناوبا على إيجاد التوازن والثقل في اللوحة.
واعرب الشكيري عن تقديره لتجربة «مجمع أبوظبي للفنون» ومالكه أحمد اليافعي، وما يتيحه من فرصة للتواصل والتلاقي بين فنانين من مختلف الدول والثقافات، بما يثري تجاربهم وأفكارهم، ويمنحهم فرصة للتعرف إلى أساليب وتقنيات فنية مختلفة.
المرأة والعمارة
بينما حملت أعمال الفنانة السعودية، رهيفة بصفر، رسومات بأسلوب طفولي، وهو الأسلوب الذي يجذبها، بحسب ما ذكرت، لافتة إلى عالم الطفولة الذي يتميز بالنقاء والبراءة، ويكتسب فيه الرسم أهمية خاصة، حيث يتحول الرسم إلى وسيلة لتحقيق الأحلام والمطالب البعيدة في الواقع، ففي الرسم يمكن للطفل أن يصل إلى الأشياء البعيدة مثل قمم الأشجار أو السماء أو أن يقوم بأشياء يستحيل القيام بها في الواقع.
فيما كانت الأزياء الشعبية موضوع لوحات الفنانة القطرية، وضحى السليطي، التي استخدمت فيها مواد مختلفة مثل الأقمشة والخيش إلى جانب الألوان، حيث تسعى السليطي إلى إحياء التراث والتقاليد في أعمالها الفنية، والتعريف بالمراحل التاريخية التي مر بها الثوب النسائي التقليدي على اختلاف أنواعه ومسمياته وزخرفاته. بينما غلب اللون الأسود على لوحات الفنانة الكويتية أميرة بهبهاني، وهي فنانة تلقائية ترى ان «الفن ما هو إلا تطهير للذات والعقل، وكما أن البذرة السليمة تنمو بحالة ممتازة وتعطي ثمرة جديدة، فالفن كذلك». وصورت بهبهاني في لوحاتها المرأة وقد غطاها السواد المتمثل في العباءة التقليدية، لكنها خلف هذا الساتر الأسود تخفي ألواناً وعوالم مختلفة متنوعة.
وانقسمت أعمال الفنان اليمني مظهر نزار إلى جزأين اعتمد فيهما على الثقافة اليمنية وتاريخها، مع تأثره بالثقافة الهندية، وتناول في أحدهما المرأة موضوعاً رئيساً للوحاته، وفي الجزء الثاني ركز على المباني القديمة والتراثية وما تتميز به العمارة التقليدية في اليمن من ثراء بصري. والأمر نفسه تكرر مع الفنان البحريني المعروف عباس الموسوي، الذي عرض عدداً من اللوحات كانت المرأة والعمارة والأسواق التقليدية موضوعها. وركز الفنان السعودي، نهار مرزوق، في لوحاته على الخط العربي، وقدمه باستخدام تقنيات مختلفة عن السائد، ليبدو مثل حفر على النحاس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news