«كتارا».. موروث قطر الشعبي في الشارقة

«كتارا» أو الحي الثقافي، والمشروع الاستثنائي المشيد في دولة قطر، الذي يعكس الطابع التراثي والمعاصر للثقافة، بات في مقدور أي شخص لديه الفضول للتعرف إلى ذلك التراث التوجه إلى منطقة التراث في الشارقة لزيارة الجناح القطري المستضاف للمشاركة في أيام الشارقة التراثية.

يأتي «كتارا» الموجود في الشارقة حالياً، ليعكس الصورة الحقيقية لما هو عليه الحي الثقافي، الذي يعد أحد أكبر المشروعات في قطر ذات الأبعاد الثقافية المتعددة، ويعد المكان الأنسب للتعرف إلى ثقافات العالم في مكان واحد، عبر مسارحه الرائعة وقاعات الاحتفالات الموسيقية وقاعات العرض ومرافق اخرى متطوّرة، كما يعد محوراً ثقافياً ومركز الريادة في مجال النشاطات الثقافية المتعددة، فتركز «كتارا» بشكل رئيس على دعم التراث الثقافي ونشر التوعية وإعادة صياغة المشهد الثقافي العربي من خلال إعادة تكوين أفراد مبدعين ودعم مواهبهم وإطلاق حوار حقيقي يسهم في تقوية التعايش الثقافي على مستوى العالم.

نشر الوعي

اسم

قد يتساءل الكثير عن معنى اسم «كتارا»، ولماذا تم اختيار تلك التسمية لتطلق على الحي الثقافي في قطر، إذ أوضح رئيس الحي الثقافي «كتارا»، عبدالرحمن صالح الخليفي، أن «كتارا» (Catara) هو أول وأقدم اسم استخدم للإشارة إلى شبه الجزيرة القطرية في الخرائط الجغرافية والتاريخية منذ عام ‬150 ميلادياً، وقد ظهر هذا الاسم للمرة الأولى في خرائط كلاوديوس بطليموس، وبعد ذلك في أطلس تاريخ الإسلام، حيث حدّدت الخرائط شعوب شبه الجزيرة العربية في منتصف القرن الثاني الميلادي. أما اسم «كتارا» (Katara)، فظهر في الخرائط الجغرافية والتاريخية في أوائل القرن ‬18 الميلادي، وفي خريطة فرنسية للساحل شبه الجزيرة العربية البحر والخليج، حيث كُتب اسم كتارا على شكل Katara بدلاً من Catara واستخدمت هذه التسمية من قبل الجغرافيين منذ صدور خريطة بطليموس عام ‬150 وحتى عام ‬1738. لذلك قررت كتارا «مؤسسة الحي الثقافي» إحياء هذا الاسم بهدف التركيز على فكرة ارتباط الإنسان بجذوره التاريخية، لاسيما أن للثراء الثقافي دوراً مهماً في بناء المجتمع، فالأسس القوية للهوية المحلية وقيمها نابعة من تعلق المواطن بجذوره القديمة، ومسايرته للحداثة ومواكبة التكنولوجيا.

أشار رئيس «كتارا» عبدالرحمن صالح الخليفي، إلى أن «المهمة الرئيسة التي أوجد من خلالها (كتارا) هي نشر الوعي بأهمية كل ثقافة وحضارة، لذلك تقوم «كتارا» باستضافة الفعاليات المحلية والعالمية وورش العمل والمعارض والاحتفالات، لاسيما أنها تضم بين جنباتها مسرحاً مكشوفاً يوحي بالإلهام والشموخ العريق المتوافر في المسارح العالمية، كما أنه يضم دار أوبرا وسينما ومسرحاً للدراما وقاعة متعددة الاستخدامات، وسوقاً للحرف اليدوية ومعرضاً للكتب وشاطئاً تتلألأ رماله الذهبية الساحرة وتتمازج بأمواجه الهادئة».

وتابع أن «إنشاء (كتارا) جاء بهمة عالية وحماس بالغ لتضيف مكاناً يمكن لقطريين أن يعرضوا إرثهم الثقافي، إذ إنها مركز ثقافي ومنصة يجتمع عبرها أناس من مختلف أنحاء العالم، ليشاركوا بعرض ثقافاتهم في سبيل التعرف إلى جمالية الاختلاف الذي يجعل عالمنا فريداً من نوعه، ولنتمكن من اكتشاف نقاط التشابه التي توحد الناس بغض النظر عن أصولهم».

لافتاً إلى أن «رؤية (كتارا) تهدف إلى خلق بيئة تسمح لنمو وتطور الفنون وتشجع المبادرات الثقافية في قطر، ويمكن للحي الثقافي أن يحقق أهدافه من خلال سعيه المتواصل للترويج لبرامج فكرية فنية وثقافية تسهم بمجملها في تحقيق رؤية قطر الوطنية ‬2030، إذ تشجع (كتارا) تطوير الفنون والاندماج في المبادرات الثقافية العالمية التي ستشهد على بناء دولة قطر لجيل من الشخصيات المبدعة والمبتكرة التي تدرك تماماً وتعي ما يحيط بها وتمتلك معارف شتى عن الثقافات العالمية».

منهج واضح

تعتمد «كتارا» منهجاً سعياً وراء دفع الحراك الثقافي في قطر والترويج لفئات ومهارات محلية مبدعة، إذ يقوم المنهج على توفير بيئة تسمح لتفعيل الأنشطة الثقافية والإبداعية والفكرية والعمل، ليكون المكان منتدى للمفكرين والفنانين ورفع مستوى الوعي حول الفنون المحلية والأنشطة الثقافية في قطر محلياً وعالمياً والسعي لإشراك الفنانين القطريين والخليجيين والعرب في مؤسسات ومعاهد فنية عالمية معروفة، إضافة إلى الترويج لاحتفالات ومعارض وندوات وفعاليات ذات طبيعة ثقافية بالتعاون مع وزارة الثقافة والفنون التراث. ويحتل الاهتمام بالتراث في الجناح الحيز الأكبر من مشاركة قطر في أيام الشارقة التراثية، إذ لم يخلو الجناح من الصناعات التقليدية والموروث الشعبي والهوية الخليجية التي تفوح من بين أروقة الجناح، فضلاً عن التركيز على تعريف الزوار بالحي الثقافي في قطر، كما أن هناك الأهازيج الشعبية والأزياء القديمة إضافة إلى الصناعات التقليدية، الأمر الذي يعكس جانباً من الجذور والأصول العربية والعادات والتقاليد القديمة إضافة إلى تلك الثقافات المتنوعة.

اهتمام ثقافي

لأن «كتارا» تسعى إلى أن تكون مركزاً ثقافياً في المنطقة، اهتمت بمواقع الثقافة بمختلف أنواعها منها المسرح المكشوف، الذي هو جوهرة الحي الثقافي، إذ يتناغم فيه كل من طراز العمارة الروماني بالفن العربي الإسلامي ليشمخ المسرح المكشوف في قلب الحي الثقافي، خصوصاً أن المسرح يتسع لنحو ‬5000 شخص، إذ يعد أعجوبة معمارية من حيث قدرته على توزيع الصوت والسماح بإيصال صوت المؤدي إلى جميع الحضور من دون الحاجة لميكروفون.

أما دار الأوبرا، التي هي مقر أوركسترا قطر الفلهارمونية، فقد تحولت بشكل سريع إلى مركز مفضل لمجموعة من أهم المؤدين في العالم، لاسيما أنها نموذج معماري فاخر يجمع بين العمارة الحديثة والتصميم الإسلامي التقليدي، كما أنه يتسع لنحو ‬550 شخصاً ويضم مساحات مخصصة لضيوف البلكونات الملكية وصالة للشخصيات المهمة، فيما مسرح الدراما المستوحى من المعالم المعروفة في الدولة، فهو يعكس إحساساً بالتمازج بين الروح العصرية والسمات التقليدية.

قاعة

تعد القاعة متعددة الأغراض وصالات العرض مكاناً نموذجياً لاستضافة الفعاليات المحلية والدولية، خصوصاً أن مرافقها لديها طاقة استيعابية لأكثر من ‬1500 شخص، أما مركز كتارا للفن الذي تم اطلاقه في ‬2011، فيهدف إلى دعم وتشجيع العمل الإبداعي، وفيه مرافق متعددة مثل مساحات للمعارض وساحات للعروض الفنية وورش العمل، كما ضم أخيراً عدداً من الوحدات التي تدعم من خلالها المواهب بشكل عام منها محال التصميم والتصوير الفوتوغرافي والفنون التشكيلية ومحال الأزياء. ولا يمكن إغفال استديوهات «كتارا» للفن، التي تحتل قلب الحي الثقافي، إذ توجد غرفتان مجهزتان لاستضافة ورش العمل، حيث يتم اعداد وتقديم برامج تعليمية عن الفن التشكيلي، وهناك قاعة المكتبة وثلاثة استوديوهات فنية تستضيف فنانين عالميين ضمن برنامج «الفنان المقيم»، من أجل اتاحة الفرصة لنقل المعلومات ولتشجيع الفنانين العالميين والعرب والمحليين على تبادل الخبرات والنهوض بالفنون بجميع أنواعها.

الأكثر مشاركة