«طش فش» يحتفي برموز «الفن التاسع»
تلقي مختارات لثمانية من فناني الكاريكاتير في العالم العربي أضواء على تناقضات سياسية واجتماعية، بعضها مازال قائماً رغم قِدَم بعض هذه الأعمال الساخرة التي يضمها، مع رسوم جديدة، كتاب «طش فش.. البحث عن الصديق مستمر» الذي يقع في 70 صفحة كبيرة القطع، وأصدره اللبناني المعتز الصواف، بالتعاون مع «دار الآداب» و«هزار غرافيكس» في بيروت.
والنصوص المصاحبة للرسوم كتبتها خيرية حنون، والغلاف للصواف الذي يقول في المقدمة إن الكاريكاتير هو «الفن التاسع» الذي يؤثر في أوجه النشاط الاجتماعي في العالم العربي، وييضيف في الغلاف الأخير أن هذا الكتاب الذي يصدر مرتين في السنة محاولة لتوثيق «هذا الفن الذي عانى إهمالاً كبيراً على مر السنين».
ففي رسم عمره نحو 20 عاماً للفنان المصري أحمد حجازي (1936-2011) يلتف مجموعة من المسؤولين حول مائدة اجتماع، ويقدم رئيسهم هذا الاقتراح قائلاً «ملايين من المصريين الغلابة عايشين على الستر.. إيه رأيكم في ضريبة جديدة اسمها ضريبة الستر؟».
وفي رسم آخر لحجازي يقوم لصان بسحب نهر النيل من الجنوب، تمهيداً لسرقته، ويجذبان النهر الذي يتشبث فرعاه في دلتا البلاد بالبحر المتوسط، ويقف مصريان في حالة دهشة، ويسأل أحدهما صاحبه «واخدين مصر على فين؟».
ويعلق الكتاب قائلاً إن هذا الكاريكاتير عن «اللصوص الذين يسرقون خيرات مصر ومقدرات الشعب المصري.. إلى أي مصير يأخذون البلاد؟».
وينشر «طش فش» رسوماً للفلسطيني ناجي العلي تحت عنوان «حنظلة الشاهد والشهيد» في إشارة إلى شخصية «حنظلة» الشهيرة التي ابتكرها العلي، وفي أحد هذه الرسوم يجلس رجل فلسطيني مهموماً ويكلم نفسه: «إن قلت أنا من جماعة عرفات بدهم يقتلوني، وإن قلت أنا مش من جماعة عرفات برضه بدهم يقتلوني.. ممكن أنفد بجلدي إن أنكرت إني فلسطيني.. فشروا»، بمعنى كذبوا، ولن ينالوا إنكاره لهويته.
ويسجل الكتاب أن هذا الكاريكاتير «كان يحمله ناجي العلي لحظة اغتياله في 22 يوليو عام 1987 وهو متوجه إلى مكتبه في جريدة القبس الدولي في لندن»، حيث أصابت الرصاصة وجهه وظل في غيبوبة حتى توفي في 29 أغسطس عام 1987.
وينشر «طش فش» رسوماً للبناني حبيب حداد يتناول الكثير منها نتائج الربيع العربي الذي اجتاح بلداناً عربية عدة قبل أكثر من عامين، وأنهى حكم رؤساء كل من تونس ومصر وليبيا واليمن.
ومن هذه الرسوم مطرقة القاضي، إلا أنها لا تهبط على منصة قاعة المحكمة بل على لوحة تشبه لوحة تسبق مباشرة تصوير مشاهد الأفلام السينمائية وتحمل رقم المشهد. وكتب حداد معلقا «محكمة.. مش ح نصور»، تعليقاً على قرار منع تصوير جلسات محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وكان رئيس محكمة مبارك منع البث التلفزيوني للمحاكمة اعتباراً من يوليو 2011 حتى النطق بالسجن المؤبد لمبارك في يونيو 2012.
ويحتفي الكتاب بمن يعتبرها خليفة لناجي العلي وهي أمية جحا (أصغر رسامة كاريكاتير فلسطينية، وأول رسامة كاريكاتير في صحافة العالم العربي) ومن أعمالها رسم من دون كلمات لفلسطينيين في الشتات، حيث يعلق على الحائط مفتاح كبير، وهو رمز يحمله الفلسطينيون الذين أجبروا على ترك بلادهم عام 1948، ولم يتمكنوا من حمل شيء إلا مفاتيح بيوتهم.
ومن أعمال أمية جحا (41 عاماً) رسم يرتفع فيه علم تونس في يد محمد البوعزيزي وهو يبتسم والنيران تشتعل في جسده، حيث كان إشعاله النار في نفسه في نهاية ديسمبر 2010 بداية اندلاع الثورة التي أنهت حكم الرئيس زين العابدين بن علي.
ويخصص الكتاب أيضاً فصولاً لأعمال أربعة فنانين آخرين هم الكويتي محمد ثلاب، والأردني الفلسطيني جلال الرفاعي، واللبناني بيار صادق، والعراقي عبدالرحيم ياسر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news