سياح يقصدون العاصمة المجرية للاستمتاع ببرامج ينابيعها الحرارية
بودابست.. استجمام في أجواء تاريخية
تجتذب العاصمة المجرية بودابست السياح بفضل موقعها المميز على نهر الدانوب، وما تزخر به من كنوز معمارية وتنوع للحياة الثقافية، إلا أن كثيرين من السياح يقصدون المدينة بشكل أساسي للاستمتاع بحماماتها الساخنة. ولا تقتصر أهمية هذه الحمامات على الاسترخاء والاستجمام فقط، بل يُقام بها العديد من الحفلات الساهرة.
ويتدفق يومياً أكثر من 70 مليون لتر مكعب من مياه الاستشفاء الغنية بالأملاح المعدنية من الينابيع الحرارية، التي يبلغ عددها 118 ينبوعاً، في بودابست، وهو ما لا يتكرر في أي مدينة أخرى حول العالم. ويرجع الإقبال على الحمامات إلى زمن قديم يشكل عمر المدينة نفسها، إذ عرف الرومان فوائد الينابيع الساخنة، كما اهتم الأتراك العثمانيون بالحمامات اهتماماً بالغاً، أما اليوم فإن الشباب يستغلون الحمامات الحرارية في بودابست لإقامة الحفلات.
مرح في حمام الأمواج يستمتع السياح بالاستحمام في أجواء من المرح والسعادة، وقد تم تركيب ماكينة الأمواج بالفعل خلال عام 1927. ويقدم هذا الحمام أيضاً، مثل الحمامات الأخرى، باقة متنوعة من عروض الاسترخاء والعافية، والطرق العلاجية المهدئة للأعصاب بدءاً من تدليك حجر التوفا المسامي، مروراً بتطبيقات الشوكولاتة واستخدامات الطمي، وصولاً إلى حمامات حمض الكربونيك. ويتمكن السياح من الاستحمام كأحد الباشوات الأتراك في حمام روداس، الذي يقع على نهر الدانوب مباشرة بالقرب من جسر السلسلة الشهير. وقد أمر الباشا مصطفى سوكولي بإنشاء هذا الحمام، الذي لايزال على حالته الأصلية إلى حد كبير منذ إنشائه عام 1566، على أنقاض أحد الحمامات القديمة. ويغطي حوض الاستحمام الرئيس في هذا الحمام قبة ضخمة تحملها ثمانية أعمدة من الرخام الأحمر. وتحتوي الأحواض الموجودة في الأركان الأربعة على مياه دافئة بدرجات مختلفة. وظهرت ثقافة الاستحمام الجديدة في حمام روداس، إذ يأتي الشباب بلباس البحر فقط إلى هناك للاستمتاع بحفلات سينتريب. ويقول أحد منظمي هذه الحفلات «تجمع هذه الحفلات ما بين عروض المنتجعات الصحية (سبا) والموسيقى، إذ تعمل الألحان والنغمات وعروض الليزر على إشاعة أجواء من المرح والسعادة في الحمام. ويستمر السياح في السباحة ورش بعضهم بالماء حتى الرابعة صباحاً». وبحسب التقاليد التركية، فإنه لم يكن مسموحاً للنساء بدخول الحمام حتى عام 2005. ويعد حمام بالاتينوس أول حمام في بودابست يسمح بحرية دخول جميع الأشخاص. ويقع هذا الحمام في منطقة الحدائق والمتنزهات بجزيرة مارغاريتين. ثقافة الاستحمام الجديدة تظهر في حمام روداس التركي. |
ويعشق الموسيقار لازلو لاكيس أفلام الأبيض والأسود، ورغب في إحدى المرات في استئجار سينما لعرض الأفلام القديمة مع الموسيقى التصويرية الجديدة التي أبدعها. ولكن كان من الصعب جداً البحث عن مكان مناسب لعرض الأفلام. وفي نهاية المطاف خطرت على باله فكرة أن يعرض الأفلام في أحد حمامات بودابست. ويتذكر الموسيقار لازلو لاكيس أن المسؤول عن الحمام كان متشككاً في البداية، لكنه وافق بعد ذلك. وقد حضر العرض الأول للفيلم 130 شخصاً، واتفقوا جميعاً على أن تستمر مثل هذه العروض. واليوم بعد مرور 16 عاماً على العرض الأول للفيلم الأبيض والأسود، تجتذب حفلات سينتريب الأسطورية في حمامات بودابست الشباب من جميع أنحاء العالم.
يمكن أن يسع حمام سيشيني في بودابست ما يصل إلى 2000 سائح أثناء الحفلات الراقصة، ويعد هذا الحمام واحداً من أكبر مجمعات الاستحمام في أوروبا، وتم افتتاحه في عام 1913، أما الحمام المكشوف فتمت إضافته خلال عام 1927. وعادةً ما يلعب السياح الشطرنج في هذا المكان، بينما تحيط بهم غيوم من البخار، وتقول المسؤولة عن هذا المكان «يعد هذا الحمام من أشهر المعالم السياحية في بودابست». ويستمتع السياح بهذا الحمام بصفة خاصة عندما تسود حالة من الهدوء في المكان، إذ تظهر روعة المباني على طراز «نيوباروك» مع قاعات الأحواض العالية، التي يظهر بها تأثير ثقافة الحمامات الرومانية، بالإضافة إلى حمامات الأحواض، أو حمامات البخار (الساونا)، المستمدة من الإغريق، وكذلك غرف التعرق وأحواض الغطس المستوحاة من فنلندا. ويمكن للسياح الاستمتاع بهذا الحمام المفتوح والممتد على مساحة كبيرة، خلال فصل الشتاء أيضاً لأن درجة حرارة سطح الماء قد تصل إلى 74 درجة. وبينما يجلس السياح في المياه الساخنة، التي تراوح درجة حرارتها ما بين 27 و38 درجة مئوية، يتساقط الجليد من حولهم أو يظهر بعض السياح وهم يلعبون الشطرنج على الألواح العائمة. ويرفع حمام غيليرت شعار الاستحمام وسط نصب تذكاري، ويعتبر هذا الحمام المشيد على طراز «أرت نوفو» درة الحمامات الحرارية في العاصمة المجرية بودابست. ومن أهم ما يميز هذا الحمام قاعة الاستحمام المكونة من طابقين مع رواق وقبة زجاجية، وتنتشر به زخارف الفسيفساء الملونة والأعمدة والتماثيل والمزهريات، وكذلك حمام الرجال الذي لايزال على حالته الأصلية منذ عام 1918. وقد تمت تغطية الأرضيات والجدران والأحواض في هذا المكان بسيراميك زولناي الشهير بدرجات مختلفة من اللون الفيروزي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news