جائزة «العويس».. عقد جديد من «الإبــداع»
طوت جائزة العويس للإبداع عقدها الثاني مساء أول من أمس، في حفل تسليم جوائز دورتها الـ20 الذي استضافه مسرح ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وشهد تكريم 28 شخصية، في مجالات متنوعة تحت مظلة الثقافة والفنون والبحث العلمي، فيما عُرضت الأعمال الفائزة في الفنون البصرية تحديداً، التي ضمت الرسم والخط والتصوير الضوئي وتصميم الشعار في بهو مدخل «الندوة مستهلة عقدها الثالث».
وفي الوقت الذي قدمت فيه جوائز لأسماء معروفة في مجال إبداعها، شهدت مجالات أخرى منح الجوائز لأشخاص تزف نتاجهم للجمهور لأول مرة، ما شكل إثراء حقيقياً للمشهد الثقافي الذي جمع بين مكرمين تفصل بينهم عقود من الإبداع، ويجمعهم الإبداع نفسه.
وجاء تسليم الجوائز للفائزين بعد عرض فيلم قصير، تحت عنوان «دبي ملتقى الثقافات»، تضمن مشاهد بانورامية لعدد من أبرز وجوه المشهد الثقافي والفني في الإمارات، في حقب زمنية متتالية، من أبرزها الراحل سلطان بن علي العويس مؤسس الجائزة، التي اعتادت «ندوة الثقافة والعلوم» تولي تنظيمها وإدارتها.
استوعب الفيلم القصير ايضاً لوحات متبدلة لمعالم إمارة تجمع بعبقرية بين الأصالة والمعاصرة، وهو المشهد الذي عكسته كاميرا التصوير واقعيا تارة، وتشكيليا تارة أخرى، في الوقت الذي توالت فيه اللوحات الغنائية الفلكلورية بدءاً من «أوه يا مال»، مروراً بـ«طاح المطر»، وصولاً إلى لحظة تسليم الجوائز الراهنة على المسرح، لتتلاشى صورة السينما على وقع موسيقى ممتدة من «دبي ملتقى الثقافات» تصل الزمان الماضي بالحاضر.
دافع للإبداع
مذاقات الفرح عاش 28 مبدعاً استحقوا جوائز «العويس للإبداع» الفرح، ليلة تسلمهم جوائزهم بمذاقات مختلفة، فالشاعر علي الشعالي، الذي حصد جائزة افضل ديوان شعري عن ديوانه «وجوه وأخرى متعبة»، لم يخف أن نبأ الفوز «كسر متوالية إحباط» اضحت سابقة، كاشفاً عن انه تعامل مع إشعاره بهذا الفوز في البداية من باب «المزحة»، قبل أن يؤكد له اتصال تال لرسالة نصية قصيرة مختزلة بأنها حقيقة. الدكتور يوسف عيدابي الذي علمت «الإمارات اليوم» بأن ترشيح اسمه لنيل جائزة تكريمية خاصة جاء بإجماع الآراء، رأى الفرحة بشكل مختلف واصفاً إياها «بأنها فرحة انتصار مجتمع يقدر دور الثقافة، والحوار الثقافي، وتعلو فيه قيمة المؤسسات المدنية، في انسجام مع غيرها الرسمية، ضمن استراتيجية عمل ثقافي ترى أن الثقافة العربية كيان واحد، وأن الشركاء في العطاء شركاء في الإنجاز». ورغم تعرضها لانتقادات قاسية في عملها الإبداعي الأول مسرحية «الطين والزجاج»، إلا أن الكاتبة فاطمة المزروعي أقدمت على كتابة روايتين، فازت إحداهما وهي «كمائن العتمة» بجائزة أفضل إبداع قصصي، مؤكدة لـ«الإمارات اليوم» أن مذاق الفرح بالنسبة لها في ليلة التتويج «تحريض على استمرار مشوار الكتابة والإبداع». رئيس جمعية المسرحيين الفنان إسماعيل عبدالله الذي فاز بجائزة افضل نص مسرحي عن «صهيل الطين»، رأى أن وجود هذه الجائزة، ضمن كوكبة جوائز الإبداع فرحة تنتصر للفنان المسرحي عموماً، وتأكيد على أن فنون المسرح دائماً ستظل متسعة للجميع سواء كانوا مبدعين وفنانين، أو متلقين وجمهوراً. الخطاط الإماراتي حسين السري الذي فاز بالجائزة الأولى في مسابقة الخط، رأى أن ثمة وصالاً حقيقياً بين الجوائز والفعاليات المختلفة التي تحتضنها الإمارات في مجال فن الخط، مؤكداً أن الدولة تقود نهضة حقيقية في مجال الاهتمام به على الصعيد العالمي. |
د. شهاب غانم الفائز بلقب شخصية العام الثقافية قال لـ«الإمارات اليوم»: إن «التكريم يعد في أي مرحلة من مراحل صاحبه دافعاً لمزيد من الإبداع، ومسؤولية تتجاوز فخر التشريف»، مضيفاً: «لدي الكثير من المشروعات الثقافية التي أسعى لإنجازها هذا العام، وفي الأعوام القليلة المقبلة، ووجود أي شخص في تلك الكوكبة التي تقدر في وطن يعلي من قيمة الثقافة والفنون والعلوم، هو من دون شك مدعاة لمضاعفة اي جهد مهما تعاظم».
وأحال غانم الذي حصل منذ اسابيع قليلة على جائزة دولية مهمة، وهي جائزة «طاغور» للسلام، تقديراً لمؤلفاته في مجال الشعر والترجمة، إلى مشهد مماثل عام 1989، احتفالا بتسليم جائزة راشد للتفوق العلمي، مستدعياً أبيات شعر صاغها في حضور المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تشيد برعايتهما وتقديرهما للثقافة والفنون وأهلها.
وقام كل من عضو مجلس أمناء مؤسسة العويس الثقافية حميد بن ناصر العويس، وعلي بن حميد العويس، والدكتور سعيد حارب بتسليم الجوائز للفائزين، قبل أن يقدم الشاعر محمود نور قصيدة من إبداعه، تذكر فيها مؤسس الجائزة سلطان بن علي العويس، وعطاءه الساري للثقافة رغم رحيله جسداً عن دنيانا، قال في مطلعها:
إذا العمر ولى فمن باب أولى
بنا أن نراعي الذي قد تولى
فذي الباقيات استطابت فطابت
وطابت بفعل الذي طاب فعلا
جالبو السعادة
استدعى عضو مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم علي عبيد الهاملي، وصفاً لمؤسس الجائزة سلطان بن علي العويس، نعت فيه المبدعين بأنهم جالبو السعادة الحقيقية للناس، رابطاً بين هذا الفكر الأصيل في وعي المواطن الإماراتي، وبين حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في أحدث مؤلفاته «ومضات من فكر» عن «السعادة» التي رآها سموه في «إسعاد المواطنين» كهدف من أهداف الحكومة، قبل أن ينهل من معين شعر العويس الوطني، منشداً:
وطني دمي ينساب بين جوانحي
فكأنه والروح فيَّ سواء
تجارب بصرية
عكست معظم الأعمال البصرية الفائزة معاني الأصالة عموماً، سواء في اللوحات التشكيلية أو الفوتوغرافية، وبرزت النخلة خصوصاً ثيمة متكررة في تلك الأعمال، وهو ما برره سلطان سعيد الزبيدي الفائز بالجائزة الأولى في مسابقة التصوير الضوئي، بالقيمة الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية التي تمثلها النخلة في الموروث الإمارتي.
لكن عدسة الزبيدي التقطت نخلة ضاربة بجذورها في حافة جبل لا تتحدى صلابة ارضه ووعورتها فقط، بل أيضاً عدم استواء مسطحه، على نحو دفع بساقها إلى الميل، رغم ذلك ظلت النخلة شامخة، وهو ما تظهره صورة الزبيدي الذي يهوى التصوير، ويداوم في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات في أبوظبي.
وكان لافتاً تسلم نجلتي شخصيتين مكرمتين عوضاً عن والديهما لظروف صحية، وهما نجلتا كل من د. عبدالإله عبدالقادر الفائز بجائزة افضل كتاب لغير المواطنين عن دولة الإمارات، وهو «المسرح في الإمارات»، والدكتور يوسف الحسن، فيما غاب المخرج الشاب نواف الجناحي عن تسلم جائزة افضل فيلم قصير الممنوحة له عن فيلم «ظل البحر».