«جيران».. جلسات ودّية في أحياء الشـــارقة

من منطلق تمكين الأسرة على بناء الشخصية الإنسانية، وتوطيد العلاقات والترابط الأسري بين أسر الحي الواحد، أطلق المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة أخيراً، مبادرة جيران، التي تقوم على عقد جلسات ودية ثقافية في أحد الأحياء السكنية في إمارة الشارقة، على أن تجمع الأسر وأفراد الحي لمناقشة الموضوعات المطروحة والتعرف إلى بعضهم بعضا.

ولأن الجيران في الحي الواحد، عادة تربطهم علاقة جيدة، لكن في ظل المجتمع المدني والتطور الحاصل في المجتمعات، لم تعد الأسر في الحي الواحد تتواصل مع بعضهم بعضا، بل إن معظم الناس لا يعرفون جيرانهم أصلاً، وهذا عكس ما أوصت عليه التعاليم الإسلامية، التي بينت أهمية الجار في الإسلام، فضلاً عن العادات والتقاليد القديمة التي أوضحت العلاقات الإنسانية التي كانت تربط بين الجيران في الفريج الواحد، إذ إن جميع الناس كانوا يتعارفون على عكس ما هو حاصل اليوم.

وقالت رئيس البرامج والأنشطة للأفرع في ادارة مراكز التنمية الأسرية التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة بدرية حسن بوكفيل، إن «للعلاقات الاجتماعية أهمية كبرى في حياتنا اليومية، لذلك جاءت مبادرة (جيران) لتعزز الترابط الأسري وتوثيق العلاقات الاجتماعية بين أفراد الحي الواحد، فنحن في زمن انشغل الناس بأمورهم الخاصة ومشاغلهم اليومية، فما عاد الكثير يعير جاره اهتماماً أو حتى يتواصل معه، فأتت المبادرة لإحياء هذا الموروث الإسلامي الذي جاء في وصايا النبي-صلى الله عليه وسلم- إذ وصى بالجار في حديث (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننته أنه سيورثه)».

تلاحم أسري

جواهر القاسمي تشيد بـ «جيران»

أشادت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، بمبادرة «جيران»، وأكدت في وقت سابق أن «المبادرة التي تنظمها مراكز التنمية الأسرية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، بالتعاون مع دائرة شؤون الضواحي والقرى، تنعش هذه العلاقة بين الجيران».

وقالت إن «(جيران) تهدف إلى تقوية أركان القيم، التي تكاد تختفي من مجتمعاتنا مع تطور الحياة والنماء الاقتصادي والتأثر بالثقافات الوافدة، وكأن ما يدخل علينا يكون نتائجه بالضرورة انحسار الإيجابيات التي كانت موجودة في حياتنا ويومياتنا، تلك القيم التي تنمي الروابط بين الناس وترقى بالعلاقات الإنسانية التي تشعر الإنسان بنبض أخيه قبل أن يتفوه به أحياناً، لذلك أرى ان مبادرة (جيران) تعد انعكاساً لاجتماع دوري قريب بين فئات المجتمع، خصوصاً الذين يسكنون في منطقة واحدة».

أوضحت بوكفيل أن «إدارة مراكز التنمية الأسرية بادرت بالشراكة مع دائرة شؤون الضواحي والقرى، إلى تفعيل هذه المبادرة من خلال عقد جلسات وديّة ثقافية تجتمع فيها أسر الحي الواحد في إمارة الشارقة، خصوصاً مع الاهتمام الذي يوليه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لذلك كان التعاون مع دائرة شؤون الضواحي والقرى على ساحة المجتمع في الشارقة أمراً غاية في الأهمية، إذ تمكنت ادارة مراكز التنمية الأسرية من خلال هذا التعاون من تحقيق مبادرة جيران ضمن الخطة الاستراتيجية عبر المجالس التابعة للدائرة، لضمان تعزيز مفهوم التلاحم الأسري وعودة العلاقات المجتمعية بين أفراد المجتمع».

وأكدت بوكفيل أن «مجتمع الإمارات مجتمع مترابط ومتراحم ملتزم بدينه وقيمه وعاداته وتقاليده، ودائماً يحرص الناس على القيم التي لها أصل في الدين والموروث الشعبي، لذلك اطلقت المبادرة من صميم حاجة المجتمع إلى هذه القيمة الاسلامية الجليلة، التي بدأت بالانزواء في ظل التحولات الكبيرة والمتنوعة في المجتمع والانتقال الى المناطق الجديدة والكبيرة والانشغال الدائم، فمن الملح اطلاق المبادرة التي بدأت تطبيقها في فبراير الماضي».

وتابعت أن «التواصل أصبح بين الجيران قليل، الذي صار خارجاً من الأولويات أصلاً، فهناك من يقول إنه انتقل إلى الحي منذ ثماني سنوات أو أكثر ولكن لا يعرف الجيران، فكان لابد من وقفة في حق الجار والعمل على توعية وتذكرة الأسر بأهمية هذه القيمة للفرد والمجتمع، إن من اهم أهداف المبادرة توطيد العلاقات والترابط الأسري بين أسر الحي الواحد وتبادل الخبرات الاجتماعية والثقافية بين الأسر، إضافة إلى تعزيز التواصل بين الإدارة والمجتمع المحلي في إمارة الشارقة وغرس العادات والتقاليد الاسلامية والعربية الأصيلة في نفوس الناشئة».

شمولية المبادرة

وحول التوسع في هذه المبادرة لتشمل مناطق الشارقة كافة، قالت بوكفيل إن «المبادرة في بداية تطبيقها، استهدفنا ست مناطق سكنية تندرج تحت ضاحية مغيدر، وتم تطبيق الفعاليات بها لنشر المبادرة وانتشار صداها في تلك المناطق، على ان يتم تطبيقها في المناطق السكنية الأخرى وذلك في مرحلة مقبلة، إذ لا توجد معايير لاختيار المناطق التي ستشملها المبادرة، ونسعى لتطبيقها في جميع المناطق في مدينة الشارقة والمنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية».

وتابعت أن «المبادرة تستهدف جميع أفراد المجتمع، إذ بدأت بانطلاقة جماهيرية في قصر الثقافة باستضافة الدكتور يوسف الدوس من السعودية، حيث قدم محاضرة (أحياؤنا وحياتنا)، لنشر الهدف الرئيس من المبادرة وتعزيز التواصل، كما تم تفعيل مجالس ضاحية مغيدر من خلال استضافات متكررة، فقد أقيم لقاء للسيدات والأمهات مع عضو المجلس الوطني د. شيخة العري تحدثت فيه عن حكاية وصولها للمجلس الوطني وترشيح جيرانها لها وسر اختيارها من قبل أهالي أم القوين، وذلك في جلسة بعنوان (حكاية حب) بيّنت دور التواصل مع الجيران وأهمية ذلك في الوصول إلى النجاح».

كما تم تنظيم لقاء آخر للسيدات تحت عنوان «تجربتي مع أبنائي» للمحاضرة عائشة اسحاق، وتم خلال اللقاء تبادل الخبرات في موضوع تربية الأبناء، ولأن المحاضرات تستهدف جميع أفراد المنطقة، فقد كان للرجال نصيب إذ نظم لقاء لرجال المنطقة تحدث فيه الشيخ سالم الشويهي عن «سابع جار» كما تمت استضافة الشاعرين عبدالله بورحيمة وعلي الشوين بإدارة الإعلامي المتألق عبدالله اسماعيل لإضفاء روح المرح على اللقاء، وقدمت مسابقات تنافسية للحضور بإشراف دائرة شؤون الضواحي والقرى، ولأن مبادرة جيران تستهدف أفراد المجتمع كافة، لذلك تحرص المبادرة على استهداف الناشئة، من خلال تنظيم لقاء استضيفت فيه فتيات ضاحية مغيدر، وقدم خلاله برنامج منوع يغرس قيمة الجار في نفوس الفتيات الصغار.

مبادرات أسرية

لأن تقديم الاستشارات جزء من الاستراتيجية الجديدة، التي أطلقتها إدارة مراكز التنمية الأسرية، لذلك قدمت برنامج قافلة الاستشارات الأسرية، ليكون أحد البرامج الاستراتيجية التي تنبثق من مركز الإرشاد، لاستحداث منهجيات وتصميم برامج في الاستشارات الأسرية الموجهة التي تندرج ضمن الأولوية الاستراتيجية، التي تعتمد على تعزيز تكامل الأدوار والاستقرار الأسري ونشر ثقافة الخصائص السيكولوجية للمراحل العمرية المختلفة، ومساعدة الأزواج في كيفية التعامل مع المشكلات، وتقديم أفضل وأنسب الطرق العلاجية.

وهناك مبادرات تستهدف الأزواج منها مبادرة «تيسير» التي تسعى إلى تسهيل أمور الزواج وعلاج حالات غلاء المهور والإسراف في حفلات الأعراس، وتحرص المبادرة على تنمية الوعي الثقافي والاقتصادي والأسري لاستقرار الأسرة والحد من غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج وتقليل المشكلات الأسرية المستقبلية الناجمة عن المغالاة في تكاليف الزواج لضمان تقليل نسبة العنوسة والعزوف عن الزواج بين المواطنين.

أما برنامج «رحلة عسل»، فيقوم على تطوير الثقافة الزوجية الراقية لبناء أسرة مستقرة، من خلال تنمية المهارات الأسرية للزوجين في جو من الألفة وتنمية المهارات الأسرية والحياتية للزوجين، إضافة إلى خلق جو من السعادة والاحترام بين الزوجين من خلال إيجاد فرص للحوار والابتعاد عن ضغوط الحياة والسماح للزوجين بالتخطيط لحياتهما بشكل أفضل، كما يقوم البرنامج بإيصال النصائح والمعلومات للزوجين من خلال ورش عمل ومحاضرات، أما برنامج ألفة فلا يخلو من تطوير الثقافة الزوجية عبر التوعية بأساسيات الزواج الناجح لتقوية الأواصر الأسرية في المجتمع، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول الثقافة الزوجية وتثقيف الشباب من الناحية الصحية والقانونية والاجتماعية للزواج.

الأكثر مشاركة