أهل القطاع يستهلكون ‬5 أطنان يومياً

غزة.. الحصار لم يمنع رائـــحة القهوة

صورة

عقارب الساعة تقترب من الثامنة صباحا، وصوت فيروز يصدح في كوفي شوب ومطحنة «ديليس» للبن بمدينة غزة، بينما يتوافد المواطنون من مختلف الشرائح لتناول كوب القهوة قبل التوجه إلى أعمالهم، فقد اعتاد سكان غزة هذه الصورة اليومية منذ عام ‬1997، بعد أن تم إنشاء أول مطحنتين للبن وهما «ديليس» و«بدري وهنية»، حيث تغير المزاج العام لهم، وأصبحوا من عشاق القهوة التي تنتج محليا.

ويعد إنتاج القهوة من أكبر خطوط الإنتاج العاملة في قطاع غزة المحاصر منذ عام ‬2006، حيث يوجد ما يقارب الـ‬26 مطحنة لإنتاج وتسويق القهوة، والتي تشهد إقبالا كبيرا من المستهلكين، فيما تخصص بعض المطاحن محال كوفي شوب تابعة لها، يتردد عليها السكان من مختلفة الطبقات الاجتماعية بشكل يومي لتناول القهوة التي تنتجها هذه المطاحن، وأبرزها «ديليس» و«بدري وهنية» و«مزاج» و«براديس».

وتنتج هذه المطاحن، التي يعمل فيها عدد كبير من الأيدي العاملة، ما يقارب خمسة أطنان يوميا، فمطحنة «ديليس» التي تعتمد على توزيع ما تنتجه من القهوة على محال السوبر ماركت تسوق من ‬500 إلى ‬600 كيلوغرام قهوة يوميا.

خبير فرنسي

عقبات وحصار

لكن مطاحن القهوة في غزة لم تتعافَ من تأثير أزمات الحصار، ففي عام ‬2009 منع الاحتلال الإسرائيلي دخول شاحنات البن المستوردة من الخارج، وهذا تسبب في ارتفاع هائل في الأسعار، إذذ ارتفع ثمن الكيلوغرام من الهيل من ‬25 شيكلاً إلى ‬106 شواكل، واستمرت هذه الأسعار على مدار عامين، لتنخفض بعد ذلك ليصير ثمن الكيلوغرام من الهيل ‬45 شيكلا، وهذا ما دفع أصحاب المطاحن لجلب البن عبر الأنفاق الأرضية المقامة على الحدود بين قطاع غزة والجانب المصري.

كما تقف سياسة الاحتلال الإسرائيلي القاضية بالسيطرة على المعابر التجارية والتحكم بحركة العمل فيها، عقبة تمنع مطاحن البن في غزة من تصدير منتجاتها إلى الخارج، خصوصا الضفة الغربية المحتلة.

وفي ما يتعلق بذلك، يقول مدير التطوير في شركة بدري وهنية «في عام ‬2012 شاركنا في معرض بتركيا بدافع ذاتي، وعرضنا منتجاتنا من القهوة، وكانت شركتنا هي الشركة الفلسطينية الوحيدة المشاركة في هذا المعرض، وقد لاقت القهوة التي ننتجها إعجاب الحضور، وتلقينا عروضا كثيرة للتصدير، ولكن لم نتمكن من ذلك بسبب إغلاق المعابر، وتحكم الاحتلال الإسرائيلي في حركتها». ويضيف «الدورة الإنتاجية لمصنع بدري وهنية لديها القدرة أن توفر مثلاً حاجة مليوني مستهلك للقهوة في جمهورية مصر العربية».

وعلى الرغم من عدم إمكانية مطاحن القهوة في غزة من تصدير منتجاتها إلى الخارج، إلا أن عددا كبيرا من سكان القطاع يقبلون على شراء كميات كبيرة من القهوة، التي تنتجها المطاحن في غزة، ويقدمونها هدايا لأقاربهم وأصدقائهم، في مصر، أو في الدول الأخرى.

«الإمارات اليوم» زارت كوفي شوب ومطحنة «ديليس» غرب مدينة غزة، حيث رائحة البن الذي يحمص ويطحن تملأ المكان، فيما يتناول عدد من المواطنين أكواب القهوة، وعلى الجانب الآخر يطحن العاملون البن لبيعه للزبائن.

يقول رياض هيجر نائب رئيس مجلس إدارة مطحنة وكوفي شوب «ديليس» لـ«الإمارات اليوم»، «في عام ‬1997 كان لدينا توجه لافتتاح مطحنة خاصة لإنتاج القهوة وتسويقها، وفي هذا الوقت لم يكن موجودا هنا سوى مطحنة (بدري وهنية)، ولم يكن يوجد أي نوع من القهوة التي تنتج داخل غزة، وفي البداية استعنت بخبير حلويات فرنسي قام بتعليم اثنين من العاملين لدي، وتوجهنا بعد ذلك لافتتاح أول كوفي شوب في غزة، واخترنا اسم (ديليس)، وهو اسم مشهور في فرنسا ويعني لذيذ، وهو في النهاية اسم خفيف ويرضي الجميع».

ويضيف «بدأنا العمل في محل صغير، لكنه كان مزينا بديكور أوروبي، ووضعت محمص البن في وسط الزبائن، حتى يشاهدوا عملية التحميص وليشمّوا رائحة القهوة، وفي البداية كانت تتردد علينا الجاليات الأوروبية التي كانت توجد في غزة».

ويتابع هيجر قوله بينما كان عامل المطبخ يعد لنا كوبا من قهوة «ديليس»، «مكثنا أربع سنوات، ونحن نعمل في المحل الصغير وكفترة تجريبية، وبعد ذلك بدأ العمل يتسع، وحركة الإقبال والاستهلاك تزداد، وبعد ذلك افتتحت محلا آخر وهو عبارة عن مطعم وكوفي شوب، وكان كواجهة للمطحنة وشركة إنتاج البن».

وكانت مطحنة «ديليس»، بحسب هيجر، تنتج وتسوق خلال الأعوام الأربعة من بداية عملها ‬100 كيلوغرام يوميا، لكن بعد ذلك أصبحت تسوق وتوزع من ‬500 الى ‬600 كيلوغرام يوميا، من خلال التوزيع على محال السوبر ماركت، أو البيع في مقر المطحنة المركزية.

ويبلغ ثمن كيلوغرام القهوة، التي تنتجها ديليس ‬60 شيكلاً (نحو ‬60 درهماً)، داخل المطحنة، و‬56 شيكلاً، داخل محال السوبر ماركت.

ويشير نائب رئيس مجلس الإدارة، إلى أن مطحنة «ديليس»، تعتمد في إنتاج القهوة على «نوع مميز ومعين من البن، يتم استيراده من الهند، عبر الأنفاق الأرضية المقامة على طول الشريط الحدودي بين غزة والأراضي المصرية، إلى جانب استخدام بن يستورد من إثيوبيا، حيث إن البن الإثيوبي يعد من أجود نكهات القهوة في العالم».

‬5 أطنان يومياً

تنتج شركة «بدري وهنية» أنواعاً عدة من القهوة التي يتم تسويقها داخل القطاع، وتتبع لها محال كوفي شوب عدة، تحمل اسم «مزاج» تشهد إقبالا كبيرا على شرب القهوة، إذ تنتج هذه الشركة خمسة أطنان من مسحوق القهوة يوميا، يتم توزيعها في الأسواق المحلية. يقول مدير التطوير في شركة بدري وهنية للبن محمد هنية، «بالاعتماد على قواعد البيانات لمحال السوبر ماركت الكبيرة والصغيرة في غزة، تبين لنا أن الزبائن يستهلكون ما يقارب الخمسة أطنان من القهوة يوميا، حيث ننتج ما يقارب ‬10 أصناف من القهوة متعددة الأنواع».

ويضيف «تعد القهوة من أكبر خطوط الانتاج في غزة، وما ننتجه فقط يمثل ‬10٪ من الطاقة الإنتاجية لشركتنا، وذلك بما يناسـب حجم استهلاك سكان غزة».

وتعتمد شركة بدري وهنية على تكنولوجيا جديدة لطحن وإنتاج القهوة، إذ أدخلت مواصفات عالية الجودة على الماكـينات، والمواد المستخدمة في الإنتاج.

تويتر