رأت أن الدراما الخليجــية أضاعــت فرص تجاوز نظيرتيها المصـرية والسورية
حيــــاة الفهـــد: الرقابة مشانق النصوص الخـليجية الجادة
مقلّة جداً سيدة الدراما الخليجية، القديرة حياة الفهد، في ظهورها الإعلامي، بعيداً عن أجواء تصوير الأعمال الدرامية، كما هي مقلة حتى في قبولها دعوات التكريم التي لا يتوقف إرسالها إليها، فتقوم بترشيح أحد الأسماء التي ترى أنها تستحق التكريم، في مرحلة بعينها من مشوارها الفني، لكن الفهد التي تعد الفنانة الأكثر عطاء للدراما الخليجية تؤكد أنها لا تعيش حالة عزوف عن التواصل مع الوسط الفني، بقدر ما أنها تشعر بقلق شديد على مستقبل الدراما الخليجية رغم الإمكانات البشرية والتمويلية الهائلة التي تزخر بها.
«الإمارات اليوم» التقت الفهد في دبي في حوار أكدت فيه أن «الدراما الخليجية» فوتت فرصة تاريخية في كسب مزيد من الجماهيرية، في ظل تأثير الظروف السياسية والأمنية على صناعة الدراما المصرية والسورية، مضيفة «لا تعوز الدراما الخليجية معطيات التميز، لكنها وجدت عراقيل هائلة من فئة يفترض أن تكون داعمة لها، وليس العكس، وهي الجهات الرقابية».
وتابعت «تمارس الكثير من الجهات الرقابية في الخليج سياسات معيقة للأعمال الجادة، خصوصاً في الكويت التي تعد أهم عاصمة لإنتاج الدراما الخليجية، ما أثر كثيراً في مستوى الأعمال المنتجة فعلياً هذا العام، وبعد أن كنا نتحدث عن نحو 150 عملاً خليجياً في الموسم، انكمش هذا العدد كثيراً بشكل لا يصعب على المتابع إحصاءه في أعمال محدودة».
العقاب الجماعي لمسلسلات كاملة توقعت الفنانة الكويتية القديرة حياة الفهد، أن تشهد خريطة الدراما العربية الكثير من التحولات بدءاً من شهر رمضان المقبل، مشيرة إلى أن «الدراما الخليجية حتى الآن فشلت في استثمار الظروف المعيقة التي تمر بها أهم منافستين لها وهي المصرية والسورية». ورأت الفهد أن المشهد في صناعة الدراما العربية عموماً أضحى «مربكاً» بسبب «تصنيف ممثلين وكتاب ومخرجين بأنهم ضمن قوائم سوداء لدى تلفزيونات بعينها بسبب مواقف سياسية، ما جعل بعض الأعمال الجيدة تتعثر تسويقياً، بسبب الأفكار المسبقة، وسياسة العقاب الجماعي لأسرة العمل مجتمعة، نتيجة موقف أحد أفرادها». وأشارت الفهد إلى أن «الفنان الخليجي محظوظ لأنه خارج هذا التصنيف بالأساس، إلا أن عوامل أخرى عرقلت تألقه، أهمها ليس فنياً وهو سياسات الرقيب، وثانيها بحاجة إلى فترة زمنية من أجل التغلب عليه وهو ضعف النصوص». واعتبرت الفهد أن هجرة الكثير من المسلسلات الخليجية للتصوير في دبي هي أحد نتائج «تعسف الرقابة في الكويت»، مؤكدة أن «استمرار السياسات الجامدة ذاتها في التعامل مع النصوص من شأنه أن يعيد الدراما الخليجية في فترة وجيزة إلى مربع البدايات». |
وأضافت «أصبحت أجهزة الرقابة مشانق فعلية للأعمال الجادة، وفوجئنا بمعادلة غريبة، وهي أنه كلما زادت حرفية العمل وثراؤه، كان يعني ذلك أن العمل لن يجاز رقابياً بسهولة، لدرجة أن بعض الأعمال لا يجاز نصها إلا بعد فترة طويلة قد تصل إلى ستة أشهر، ما يعني أن إجازة النصوص ستأتي بعد أن يتم تفويت فرصة اللحاق بالموسم الدرامي على الجهة المنتجة».
طابع بيروقراطي
رأت الفهد أن إشكالية أجهزة الرقابة عموماً هي طابعها البيروقراطي، فيما تبرز في الكويت خصوصاً فكرة النفوذ والصراع على الكرسي في هذا الجهاز الحيوي، حسب تأكيدها، مضيفة «كان الطلب الرئيس للفنانين الكويتيين هو انجاز نقابة لهم، ففوجئنا بأن هذه المطالبات تمخضت عن تدشين (رقابة)، وحتى الآن ليس هناك وضوح في هذا المطلب الذي يجتمع عليه الفنانون».
وأكدت الفهد أن جهود تأسيس النقابة كانت مخلصة وواضحة لدى الفنانين، مضيفة «أنجزنا بنوداً تحد من انحدار الدراما الخليجية التي تمر الآن بأجواء مليئة بالعواصف والكوارث، وتم النظر بعين الاعتبار لأدوات المنتج والكاتب والممثل والمخرج، وكانت هناك رغبة قوية في ألا يتم تمرير أعمال مسيئة لعراقة صناعة الدراما الخليجية من جهة، ولمنظومة القيم الثابتة في المجتمع من جهة أخرى، خصوصاً تلك الأعمال المسيئة للمرأة الخليجية، لكن التملص من مشروع النقابة، وترسيخ سلطة الرقابة، أفشل كل تلك المشروعات الإيجابية».
رغم ذلك برأت الفهد السياسات الرقابية أن تكون مدفوعة باستهداف تلك الصناعة، مرجحة أن تكون تلك الممارسات نتاج «عدم فهم» لخصوصية المنتج الدرامي، لكنها أشارت أيضاً إلى أن بعض العراقيل يكون دافعها النفسي «الغيرة والحسد، وربما الانتقام من فنانين بأعينهم».
ورأت الفهد أن دخول «التجار» مجال الإنتاج الدرامي قد أفسد الكثير من الجماليات التي كان يتميز بها المسلسل الخليجي، مضيفة أن «الدراما الخليجية أصبحت صنعة من لا صنعة له، بل إن البعض من تجار الدراما تصور أن مهمته أن يقوم بسرقة أفكار وقصص من مكتبة الدراما المصرية القديمة وإكسابها الصبغة الخليجية، لكن على نحو مشوه ومبتسر».
أزمة نصوص
هذا الطرح جعل سيدة الشاشة الخليجية تؤكد أن «أزمة النصوص توازي أزمة الرقابة في الدراما الخليجية»، مؤكدة أن تحليلاً سريعاً لما يقدم خلال المواسم الدرامية الأخيرة سيصل إلى أن «الثراء الإنتاجي، والتميز الفني سواء لدى الممثلين أو المخرجين، لم يوازه في المقابل ثراء وحرفية في النص والسيناريو».
ورداً على سؤال يتعلق بأسباب وجود جمهور عريض للدراما التلفزيونية الخليجية، في مقابل أن الجمهور ذاته يعرض عن متابعة نتاج السينما الخليجية حينما يتاح لها مساحة في دور العرض أقرت الفهد بأن الممثل الخليجي يولي أهمية أكبر للدراما التلفزيونية في الوقت الحالي، مضيفة «غالباً ما يرتبط العمل التلفزيوني بعقود محسومة لمصلحة قنوات تلفزيونية بعينها، ويمثل حضور الممثل فيه جزءاً من حضوره الذي يراهن عليه خلال أهم موسم للدراما على مدار العام، وهو المرتبط بالعرض خلال شهر رمضان، فضلاً عن ان المقابل الذي يتقاضاه الممثل في الدراما التلفزيونية غالباً ما يكون أعلى». وتابعت «لم تسر السينما الخليجية على الوتيرة التصاعدية نفسها التي سارت عليها في البدايات، بعد (بس يا بحر) في الستينات، وبعد محاولات فارس السينما الخليجية خالد الصديق الذي أنجز أفلاماً مهمة واضطر للتوقف لغياب الدعم، وكذلك عائشة محمد التي توقفت بعد ذلك للسبب نفسه، والآن السينما الخليجية مرهونة بجهود شباب معظمهم بحاجة ماسة لاكتساب الخبرة، واكتساب مزيد من الفنيات قبل الشروع في أعمال متتالية قد تزيد الهوة الفاصلة بين الفيلم الخليجي والجمهور».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news