جنة طبيعية في المحيط الهادئ قبالة ساحل الإكوادور
«غالاباغوس».. ألهمت داروين «النشــوء والارتقاء»
تشتهر جزر «غالاباغوس»، في المحيط الهادئ قبالة ساحل الإكوادور، بثراء كبير وتنوع طبيعي وبيولوجي مميز. وتعد هذه الجزر جنة حقيقية لعشاق السياحة الطبيعية، إذ تعيش فيها أعداد لا تُحصى من الطيور والحيوانات مثل الزواحف وطيور الفلامينغو.
وتحظى جزر «غالاباغوس» الممتدة على شكل أرخبيل بأهمية علمية أيضاً، إذ يمكن للسياح اقتفاء أثر العالم الإنجليزي تشارلز داروين على صخور هذه الجزر البركانية، حيث قام بإجراء العديد من الدراسات أدت به لوضع نظريته الشهيرة في النشوء والتطور في كتابه «أصل الأنواع».
وينعم السياح في هذه الجزر بمشاهدة الكثير من المناظر الطبيعية الخلابة، إذ تُحلق طيور الفرقاطة في السماء مع غروب الشمس، بينما تبحر السفينة «لا بينتا» ببطء إلى الجزيرة التالية، وعلى سطح هذه السفينة يقف روجيليو الأرجنتيني هو وزوجته سوزانا للاستمتاع بمنظر الغروب البديع.
وعلى الرغم من سفر الزوجين إلى العديد من البلدان في جميع قارات العالم، إلا أنهما لم يشاهدا مناظر طبيعية بالروعة نفسها التي تزخر بها جزر غالاباغوس. ودائماً ما تقول سوزانا لزوجها «منظر بديع لا يُصدق، أليس كذلك؟» أثناء رحلتهما البحرية التي تستغرق خمسة أيام في أرخبيل غالاباغوس.
حيوانات فردية
قواعد هناك بعض القواعد التي ينبغي على السياح الالتزام بها أثناء الوجود على جزر غالاباغوس، أولها أنه لا ينبغي اصطحاب أي شيء من الأرخبيل كتذكار، سواء كانت أصدافا بحرية ملونة على الأرض أو نجوم البحر الرائعة من تحت الماء، لأن هذه الأفعال تتسبب في اختلال النظام البيئي على الفور. بالإضافة إلى أنه لا يسمح بالاقتراب الشديد من الحيوانات وعدم التعرض لها، ولا لمسها في أي حال من الأحوال. ويؤكد المرشد السياحي كارلوس على ذلك بقوله «نحن لا نتعرض للحيوانات، بالتالي فإنها لا تتعرض لنا». وبينما يسبح المرشد السياحي في الماء ومن ورائه مجموعة من السياح، صاح أحدهم بصوت خائف «سمكة قرش، سمكة قرش!». ولكن كارلوس نظر لأسفل في الماء وطمأنهم بأنه لن يفعل شيء، لأنه قرش الشعاب المرجانية. وواصل المرشد السياحي السباحة والغوص، وفي تلك الأثناء كان السياح يستمتعون باللعب مع عجول البحر. كيتو ــ د.ب.أ |
يلاحظ السياح ملامح التفرد وجمال الطبيعة والتنوع الثري في الطيور والحيوانات البرية بجزر غالاباغوس، بدءاً من رصيف الميناء في مدينة بويرتو أورا، التي تعتبر أكبر المدن في هذا الأرخبيل. ويتم نقل السياح والأمتعة في زوارق مطاطية لمسافة 50 متراً من الباخرة السياحية إلى اليخت الذي يتمايل فوق الماء، بينما يرقد حيوان الفقمة متمدداً على لوح خشبي صغير، ليستمتع بأخذ حمام شمس.
ويمر طاقم السفينة والسياح بحرص من أمام الفقمة، في تلك الأثناء تنطلق كاميرات التصوير لتسجيل هذه اللحظة الطبيعية البديعة. ويبدو أن الفقمة لم تنزعج من كاميرات التصوير، حيث قامت بتحريك زعنفتها بود للسياح، وتحركت من مكانها بضعة سنتيمترات. ويتضح للسياح أن الحيوانات تتمتع بأهمية كبيرة بهذه الجزر.
ألاويشهد أرخبيل غالاباغوس طفرة سياحية كبيرة، إذ إنه يستقبل نحو 200 ألف سائح سنوياً، وتم إدراج هذا الأرخبيل في عام 1978 على قائمة التراث الطبيعي العالمي لمنظمة اليونيسكو. وتعتبر السياحة هي مصدر الدخل الرئيس لسكان الجزر الخمس المأهولة، التي يبلغ عددهم نحو 25 ألف نسمة. ويقول المرشد السياحي على السفينة «لا بينتا»، كارلوس «لا يأتي السياح إلى الإكوادور لشراء معطف من العاصمة كيتو فقط، لكن جزر غالاباغوس تتمتع بجاذبية خاصة تأسر قلوب السياح من جميع أنحاء العالم».
عصافير ملهمة
يعد العالم تشارلز داروين أحد أسباب شهرة هذا الأرخبيل على خريطة السياحة الطبيعية، حيث جاء هذا العالم الإنجليزي الشاب إلى جزر غالاباغوس قبل نحو قرنين من الزمان، وقام في عام 1835 بالتجول في هذه الجزر لشهر تقريباً لجمع عينات الحيوانات والنباتات. ويصف داروين أرخبيل غالاباغوس في يومياته قائلاً «يمتاز هذا الأرخبيل بتاريخ طبيعي مدهش للغاية، ويبدو أنه عالم مختلف تماماً».
ولكن عندما عاد داروين إلى بريطانيا مرة أخرى، قام بدراسة كنوزه الطبيعية التي جمعها من جزر غالاباغوس، ومن الأمور التي نالت إعجابه بشدة اختلاف أنواع العصافير، إذ تختلف الأنواع بشكل طفيف من جزيرة إلى أخرى، وهو ما يظهر مثلاً في شكل المنقار، حتى تتمكن من تناول الفواكه التي تنمو على هذه الجزيرة بصورة أفضل.
ولايزال عصفور الشرشور الذي ألهم داروين تأليف كتابه الشهير «أصل الأنواع»، يرفرف على هذه الجزر إلى اليوم، لكنه لا يمثل على أي حال من الأحوال عامل جذب سياحي كبير وسط هذا العالم الفريد من نوعه، إذ تزخر جزر غالاباغوس بمئات من أنواع الحيوانات العجيبة، التي يعيش نصفهم تقريباً في هذا المكان فقط، ولا يوجدون في أي مكان آخر بالعالم.
وتنتشر السلاحف الضخمة، التي يزيد حجمها على حجم إطارات السيارات، على بعض الجزر، ويتهادى طائر بأرجل زرقاء على الشاطئ، ويطير مثل السهم عندما يصطاد فرائسه من البحر لإطعام صغاره ذات الريش الأبيض الأشعث. وتسبح طيور البطريق في مجموعات صغيرة بجانب بعضها بعضا. وتعتبر طيور البطريق في جزر غالاباغوس هي النوع الوحيد الذي يعيش في نصف الكرة الشمالي.
وأوضح روجيليو الأرجنتيني أنه يمكن الاقتراب من جميع الحيوانات تقريباً، ويبدو أنها لا تكترث بالسياح على الإطلاق، أو أنها لا تريد إزعاجنا. ولكن المرشد السياحي كارلوس يؤكد دائماً أن الحيوانات هي المسيطرة على جزر غالاباغوس المنعزلة إلى حد بعيد، لأن مشاعر الخوف من الإنسان لم تتطور لديها بشكل سليم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news