محمد عساف: ســـأقابل رئيس بلادي مـن أجل «المصالحــة»
عاشت مدينة دبي للإعلام حالة ازدحام مروري نادرة، مساء أول من أمس، بسبب زيارة الفنان محمد عساف، الفائز بلقب برنامج استكشاف المواهب الغنائية «اراب أيدول»، أو «محبوب العرب» في موسمه الثاني لمقر مجموعة «إم بي سي» الإعلامية، وإعلانه عن أنه سيلتقي جماهيره في الحديقة المكشوفة المقابلة للمبنى، ما أدى إلى توافد جمهور قدر بالآلاف جاءوا لمقابلة المغني الفلسطيني.
وأدى تدافع الجماهير إلى تأخر لقاء إعلامي لعساف إلى نحو ساعتين عن موعده المقرر، داخل مقر «إم.بي.سي» التي شهدت إجراءات أمنية استثنائية، ضاعفت من درجتها الاعتيادية، وهي الأجواء التي ذكرت بزيارة مماثلة قام بها الممثل التركي صاحب الشخصية الشهيرة «مهند»، بصحبة طاقم مسلسل «نور»، في أوج شهرة العمل المدبلج.
وحرص الجمهور على لقاء عساف رغم الارتفاع الشديد لدرجة الرطوبة، قبل أن يستدعي «فلسطين»، في أغنية «علّي الكوفية»، ليلهب حماس الحضور الذين أشرت لوحات سياراتهم إلى أنهم وفدوا من مختلف إمارات الدولة، وبعض الدول الخليجية المجاورة، خصوصاً سلطنة عمان.
استثمار المحبة
ليس مغروراً ولم يتغير شهادة حرص على إيرادها مدير التسويق في مجموعة «إم بي سي»، مازن حايك، ممهداً لها بتأكيد أنها «كلمة حق»، وليست تلميعاً لـ«محبوب العرب» الجديد قال فيها «محمد عساف ابعد ما يكون عن الغرور، ولم ألمس فيه أي تغيير بعد اللقب»، مضيفاً «قام النجم الفلسطيني بالسلام على جميع العاملين في الاستوديو، بمن فيهم عمال النظافة، قبل حلقة الختام، وظل بالروح والحميمية نفسيهما بعدها مع الجميع». ونفى حايك أن تكون «إم بي سي» تتدخل من قريب او بعيد بنتائج التصويت، مضيفاً «مهمتنا تقف عند إنتاج محتوى تلفزيوني مميز وهادف، ولا تعنينا هوية الفائز»، مؤكداً أن الدورة الثالثة من البرنامج ستأتي في موعدها العام المقبل. من جانبه، نفى عساف جملة من الشائعات التي ساقتها مواقع مختلفة على الانترنت، منها انه واجه منعاً رسمياً من «حماس» لدخوله غزة، أو إصدار فتوى تهدر دمه، ومنها أيضاً منع سلطة الاحتلال دخول السيارة التي تمثل جائزة البرنامج، مضيفاً «الجميع يعاملني بترحاب، ولم اتعرض لأي مضايقات أمنية في غزة، اما السيارة فحتى الآن لم اتسلمها بالأساس». هدية أطفال سعوديين حرص ثلاثة أطفال سعوديين جاؤوا متوشحين بالكوفية الفلسطينية على تقديم هدية لعساف، هي أحد اعمال التشكيلي الفلسطيني حنظلة ناجي العلي، بصحبة باقة ورود، لكن المفاجأة أن الأطفال الثلاثة حضروا المؤتمر الصحافي بصحبة والدهم الذي تبين أنه الزميل علي الفحيص مدير مكتب جريدة الرياض السعودية في دبي. الفحيص أكد أن أطفاله لأول مرة يصوتون لموهبة عربية غير خليجية، مضيفاً «من المرات النادرة أجد نفسي غير متناقض مع رؤيتي واللون الطربي الذي يفضله جيلي، من جهة، وخيارات أبنائي من جهة اخرى، ورسالتي لهذه الموهبة الشابة هي أن تحافظ على هذا الإبداع الراقي، والالتزام الجاد والمقدر بالأغنية الوطنية». وفي مقابل حرص شباب على التوشح بالكوفية الفلسطينية، فإن فتيات وسيدات حرصن على ارتداء الثوب الفلسطيني التقليدي، ليبدو اللقاء مع عساف تظاهرة تعيد ذاكرة الوطن للعديد من الفلسطينيين الذين حرصوا على الوجود في مدينة دبي للإعلام. رسالة إلى فرح فضل صاحب لقب «أراب أيدول» «محبوب العرب» الفلسطيني محمد عساف، أن تكون الرسالة الأولى له من دبي، موجهة إلى منافسته في الجولة النهائية من المسابقة، السورية فرح يوسف، مضيفاً «صوتي لو لم أكن مشاركاً في البرنامج، كان حتماً سيذهب لك»، وأضاف «أنت صوت رائع، وتستحقين اللقب»، قبل أن يؤكد أن منافسه المصري أحمد جمال هو أيضاً مؤهل للقب ذاته، مضيفاً «جمال يمتلك إحساساً فنياً رائعاً، وأكاد أجزم بأنه عام لن يتكرر في أراب أيدول، فجميع الأصوات سواء الـ27 منذ بدء البرنامج، أو الـ13 الذين تنافسوا في الحلقات الأخيرة، لديهم إمكانات فنية رائعة». هذا التأكيد لم يرضِ مدير التسويق في مجموعة «إم بي سي» الإعلامية، مازن حايك، واعداً بأن يكون الموسم المقبل من البرنامج «اكثر تميزاً بمفاجآت فنية جديدة»، على حد تعبيره.
لا وقت للراحة بسرعة شديدة بات جدول أعمال محمد عساف متخماً بالارتباطات الفنية المتتالية فور فوزه باللقب، فعساف الذي جاء إلى دبي لمدة 48 ساعة من اجل تسجيل مقدمة غنائية لمسلسل كويتي سيبث على «إم بي سي»، وتسجيل فيديو كليب أول ضمن ألبوم تنتجه أيضاً الذراع الإنتاجية للمجموعة الإعلامية ذاتها، وهي بلاتينيوم ريكوردز، سيبدأ رحلة إحياء الحفلات الفنية بمجرد أن يطوي شهر رمضان المقبل آخر أيامه. فيما حفلات عساف ستبدأ بعد ثلاثة أيام فقط في غزة والضفة الغربية ورام الله، وأريحا، وبيت لحم، قبل أن يطير في عيد الفطر إلى كل من الدوحة، ومسقط، ودبي، والساحل الشمالي في مصر التي سيفد لها في زيارتين مختلفتين أثناء اجازة عيد الفطر، قبل أن يعرج على المغرب، ثم الناصرة، فالكويت.
|
رداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» أكد عساف أنه يضع قضية العمل على المصالحة الوطنية في قائمة أولوياته خلال المرحلة المقبلة، مضيفاً «اجتمع الفلسطينيون في تصويتهم لصالحي، وأكثر من 97٪ من الأصوات جاءت من الضفة الغربية، وليس فقط من مدينتي غزة، وكل المعطيات تؤكد أن الفن قادر على انجاز ما عجزت عنه طاولات السياسة».
واضاف «أعتزم لقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عندما أذهب إلى رام الله، وسأتحدث معه بجدية ومباشرة عن هذا الأمر، وكلي أمل أن تطوى صفحة الانقسام التي لا يرتضيها الفلسطينيون جميعاً».
وأكد عساف أنه سيستثمر تلك المحبة التي منحها له الشعب الفلسطيني وأضحت مثبتة بالأرقام، ليعيد الوحدة بين كل الفصائل الفلسطينية، مؤكداً أنه في كل الأحوال، ومهما كان الذي ستثمر عنه جهوده في هذا الصدد، ستظل قضية الوطن هي قضيته الكبرى.
وأضاف عساف الذي تحدث عن ترعرعه في أزقة مخيم خانيونس بغزة، وارثاً معاناة شعب يرزح تحت وطأة الاحتلال منذ نحو ستة عقود «القضية الفلسطينية بالنسبة لي هي أكبر حقيقة، ومقدمة على كل الأولويات الفنية والشخصية بالنسبة لي».
ووعد عساف جمهوره بألا ينحاز سوى للوطن فلسطين، وألا يتحول للتقوقع في خندق فصيل بعينه، مضيفاً «الكثير من السياسيين ورجال الأعمال دعموني لنيل اللقب، لكن هذا لا يجعلني داخل قالب أو فئة خاصة بأحدهم».
الأغنية الوطنية
عساف أكد أن علاقته بالأغنية الوطنية نمت معه في وقت مبكر، مضيفاً «منذ أن كنت طالباً في كلية الإعلام والاتصال الجماهيري بالجامعة، وهوايتي للغناء تجمعني بمثقفين وموسيقيين في مدينة رفح خصوصاً، وغالباً ما كانت الأغنية الوطنية التي تتغنى بالوطن وترابه وشهدائه، والتضحيات التي تقدم بسخاء له من ابنائه، هي محور اهتماماتنا».
وأشار «محبوب العرب» إلى ان دراسته للإعلام لم تكن الرافد الوحيد له في تعامله مع ممثلي وسائل الإعلام المختلفة على مدار تصوير البرنامج، وبعد فوزه باللقب، كاشفاً عن أن قناة «إم بي سي»، وفرت له دعماً في هذا الصدد، ممثلاً في نصائح استفاد منها بشكل عملي ومباشر.
ورداً على سؤال آخر لـ«الإمارات اليوم» أكد عساف حول الربط بين صوته أو أسلوبه الغنائي، أو طلته، وبين العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، مضيفاً «بكل تأكيد هذا الربط الجماهيري يسعدني كثيراً، لكنني أيضاً أسعى إلى أن أكون ذا شخصية خاصة بصاحبها اسمها محمد عساف».
وحول ملابسات استقباله في غزة بعد فوزه باللقب وعودته من بيروت إلى فلسطين، وعدم قدرة الآلاف المحتشدة من الجماهير على لقائه بسبب إقامته المؤقتة بأحد الفنادق، قال عساف إن الشرطة الفلسطينية هي التي منعته من اللقاء المباشر بالجماهير بسبب حالة التدافع والفوضى التي جعلتها غير مسيطرة على الحشود، مضيفاً «في بادئ الأمر تدافع المئات على السيارة، بشكل مباشر قبل أن يتدخل افراد الشرطة التي أصبحت في ما بعد تتحكم في خط سيري تفادياً لإشكالات التدافع».
وكشف عساف عن أن ابن رئيس الحكومة المقالة، اسماعيل هنية، كان في استقباله عند قدومه لفلسطين لأول مرة بعد فوزه باللقب، كما أن سيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، رافقته، وهي أولى الرسائل العملية التي تلقاها بمجرد العودة إلى الوطن.
أنا ابن قضية
حول ما إذا كان سيكمل المسيرة في الأغنية الوطنية، أم أن الأغنية العاطفية ستطغى على أعماله، أجاب الفنان الفلسطيني «أنا ابن قضية عنوانها فلسطين، ولدي رغبة في أن أشتغل للعالم بأسره، وأرضي جميع الأذواق، لكن من دون أن أنسى بلدي، الذي سيظل عنواناً عريضاً لكل خطوة فنية أخطوها».
لكن الشهرة، والفن، والمسؤولية تجاه المجتمع، كلها عناوين لمرحلة جديدة في مسيرة عساف الذي أكد مداعباً «الشهرة مذاقها لذيذ لكنها متعبة، الموضوع أصبح كبيراً، وسأستثمر كل شيء كي أحافظ على ما وصلت له، فالفن رسالة سامية يصل مضمونها إلى قلوب الناس، لذلك أعاهد الجميع أن أظل محافظاً أيضاً على الفن الأصيل، من دون أن أكون مدفوعاً للإقدام على مشروع فني مجرد من التجويد والاحترافية».
وأضاف عساف «الأغنية الفلسطينية مظلومة عربياً، رغم إمكاناتها الثرية، وآمل أن أكون محاولة لدفع هذا الظلم، واعادة استكشاف جماليات هذه الأغنية عربياً، وخصوصية لونها عالمياً».
عساف رفض وصف عدم قدرته على الفوز ببرنامج استكشاف مواهب غنائية أقامته احدى القنوات في فلسطين سابقاً، بأنه فشل، مضيفاً «الأمر كان بمثابة تجربة، وأعتقد أن الأهم هو الاستفادة من التجارب من أجل تصحيح الأخطاء والاستمرار، ووجودي في (عرب أيدول) ثم الفوز بلقبه، يعني أنني استمررت وتجاوزت الأخطاء، بغض النظر عن الحديث عن آلية تحكيم اي برنامج».
وحول المقارنة بينه وبين مواطنه، عمار حسن، الذي سبق له المشاركة منذ نحو 10 سنوات في برنامج آخر لاستكشاف المواهب الغنائية هو «سوبر ستار»، أشار عساف إلى أنه حينها قام بالفعل بالتصويت لعمار، مضيفاً «الفارق هنا هو فارق في نسب المشاهدة بين البرنامجين، لكنها للأسف لم تسعف عمار الذي يتميز بخلفيته الأكاديمية وثقافته الموسيقية الواسعة»، مشيراً إلى أنه تابع عدداً من أغنيات عمار، مؤكداً أنه موهبة فنية جيدة.