فنان لبناني يرى أن أهل الخط لا يمكنهم تجاهل العلوم الحديثة
موفق بصل: التقنية تنشر الخط العــربي في العالم
لم تعد كتابة الخط العربي حكراً على الخطاطين والمهتمين برسم الخط بواسطة الأحبار والريشة والقصبات، إذ بدأت التقنيات الحديثة تمهد الطريق الوعرة لانتشار الخط العربي ليس فقط عند العرب، إنما عند غير الناطقين باللغة الذين بات في استطاعتهم التمرن على استخدام تقنية الكتابة مباشرة على الكمبيوتر عبر القلم الرقمي أو «فأرة الحاسوب».
وبحسب فنان الخط العربي اللبناني موفق بصل فإن «تقنية كتابة الخط على الكمبيوتر، هي الكتابة مباشرة على الجهاز بواسطة قلم رقمي أو فأرة الحاسوب، من خلال برامج التصميم والرسم عن طريق اختيار أداة الخط ومحاولة الكتابة، وكأننا نخط الحرف بالقصبة، ولكن الفرق أن المستخدم لا يستعمل هنا الحبر والورق بل يعتمد على ما يظهر أمامه على الشاشة».
فروق واختلافات
صعوبة في كتابة خط الثلث
|
عن تجربته الشخصية قال الفنان موفق بصل لـ«الإمارات اليوم» «استعمل برنامج »ألستريتر« للقيام بهذه التقنية، لأنه يمكنني تعديل الحروف وإصلاحها، ليس بمستوى قواعد الخط المتقنة ولكن بطريقة تعد جيدة، إذ لا يوجد حتى اليوم برنامج تتوافر فيه كل تسهيلات كتابة الخط، لكننا لسنا بعيدين عن ذلك وخصوصاً عندما يتم إدخال التمكن من نهايات الحروف على هذه البرامج وتغيير درجة الزاوية خلال كتابة الحروف، فأداة الكتابة المتوافرة حاليا جامدة والخط يحتاج إلى ليونة بمعنى أني عندما أكتب أحدد عرض وزاوية الحرف مسبقا، وملزم بهما، ثم أقوم بالتعديلات في نهاية الأمر لإعطاء الحرف شكله الصحيح، لكنني أتحكم بميلان الحرف مع سيلان الحبر على الورق». واعتبر الفنان أن «هناك فروقا واختلافات في استخدام تقنية الكمبيوتر في كتابة الخط، إذ صعوبة الحصول على الحبر العربي والورق المصقول وقص القصبة وقطها، ثم المسح الضوئي وتحويل الخط لصورة وتنظيف شوائبها وتهذيب أطرافها لاستخدام الخط في المواقع العنكبوتية أو المطبوعات ربما هو الدافع وراء الإقدام والاقبال على هذه التقنية، ولا أنكر أن هناك فروقا وربما يسخر منها أهل الخط، فجمال الخط على الورق ورائحة الحبر بالزعفران وماء والورد لا يمكن الحصول عليهما بهذه التقنية، لكن ما المانع أن أتدرب على جهازي وأعيد كتابة الحروف مرات ومرات مع سهولة التعديل عليها». لافتاً إلى أن «الكتابة بالقصبة تساعد لاشك في الحصول على خط حسب قواعده بسهولة أكبر وتحكم بالميلان كنهاية الواو الدقيقة، بينما الكتابة بالفأرة تحتاج لتصور كيف سيكون شكله بعد التعديل عليه وأن هذا التعديل عليه سيأخذ وقتا أطول، ولكن سهولة استخدام التقنية يدفع الكثيرين لتجربتها بوجود البرنامج على أجهزتهم، وتصليح الخط على الورق يحتاج لشفرة خصوصاً لتقليص الزوائد وملأ الفراغات، بينما على شاشة الجهاز يمكن تكبير الحرف والتعديل مرات كثيرة».
انتشار الخط
موفق بصل يرى أيضا أن «واقع الحال يفرض نفسه ولا يمتلك أهل الخط العربي سوى المضي قدماً فيما تقدمه العلوم الحديثة من تقنيات، وهذا لن يشكل أي خطر على الخط بل على العكس، فعلى سبيل المثال إن استخدام المركبات الحديثة اسهم في تمهيد الطريق للوصول لأي نقطة في العالم، واستخدام تقنية كتابة الخط ليس سوى وسيلة إضافية لوسائل الكتابة مثل القصبة والريشة للاجتهاد في الكتابة، إذ لن يلغى دورها».
ولفت إلى أن «الخطاطين أمام واقع لابد أن يجاروه ويستفيدوا منه في النهوض بالخط العربي، وإلا كيف سنساعد في نشره، إذ بات حكرا على خطاطي المداد، فيما أن سهولة استعمال هذه التقنية هي مفتاح وصول الخط لكل من أمامه شاشة كمبيوتر، وعودة لأنواع الخطوط الأصيلة مرة أخرى إلى الساحة الالكترونية بعد أن استفزت أكثر الحروف الموجودة الأذواق، فما المانع أن أرسل تهنئة بخط يدي على الكمبيوتر بدل أن أطبعها بحرف ربما يكون مشوها». مشيراً إلى أن «التقنية حديثة بعض الشيء وقليلون هم مستخدموها وربما أكثرهم مصممي جرافيك، كما ان قلة البرامج التي تحوي أداة خط قد تكون عائقا في الوقت الجاري، لكن الحاجة لها مع استغناء الكثيرين عن الكتابة على الورق واعتماد الأجهزة الحديثة، قد تكون دافعا لمزيد من هذه البرامج وتسهيل استعمالها على مستخدميها».
سلبيات قليلة
بصل أضاف إن «الكمبيوتر لا يمكن أن يلغي دور الريشة والمداد وباستعمال الكمبيوتر نكون قد أضفنا أداة لهذه الأدوات، إذ قديماً لم يكن هناك أقلاماً تملأ بحبر الخط السائل واليوم الكثير من الخطاطين يعتمد عليها حتى في لوحاتهم الفنية، لابد من القول ان سلبيات الكتابة على الأجهزة الحديثة قليلة، منها سوء استخدامها قد يؤدي لكتابات ركيكة وبعيدة عن الخط خصوصاً ان ظهور أشكال لها تشوه هويته، ولا نستطيع مقارنتها بالحروف التي نطبعها بلوحة المفاتيح والأنماط التي نختار منها ما نريد، فهي تقنية للكتابة وربما تأخذ من وقتنا ولكنها متعة لمحبي الخط، مشكلة التقنية أننا عندما نخط بالحبر على الورق يمكننا الاحتفاظ بالأصل البادية عليه حركة الأصابع وما تنقله من أحاسيس بينما هذه التقنية نخزنها في ذاكرة الجهاز ونشاهدها ونطبعها». وتابع أن «هذه التقنية موجودة منذ سنوات وهذا غريب، ولكنها لم تنتشر، لأن العالم مشغول بجدلية هل يحل الكمبيوتر مكان الخطاط؟، خصوصاً مع سهولة طباعة الأحرف المتوافرة على الجهاز من جهة أخرى، وكل ما فعله أهل الاختصاص أن صمموا بعض الحروف الطباعية ومسح بعض الخطوط القديمة لكبار الخطاطين وإعادة رسمها وإضافتها إلى المكتبة الإلكترونية، ولكن مشاركة رواد الخط وطلبة المدارس والجامعات وخصوصاً أصحاب المواهب الفنية سيتيح لها الانتشار شيئا فشيئا، وظهور نماذج لها سيشجع الاقبال عليها، والكثير من الطبوعات والشعارات والإعلانات الالكترونية تعتمدها للحاجة إلىها، وتسليط الضوء عليها ومناقشتها سيزيل العقبات لنصل يوماً لجيل يعتز بخطه الجميل ويتباهى بما خطه فوق جهازه».
واعتبر الفنان ان «اتقان هذا النوع من الكتابة يحتاج لمراس وتمرن مثله مثل تعلمه بالقصبة، ويمكن الاستفادة من الكراسات الموجودة في المواقع الالكترونية أصلا وتقليد خطوطها مع عدم الخلط بين أنواعها، فمثلا يمكن للمبتدئين والطلاب وضع صورة لخط الرقعة وتثبيتها والكتابة فوقها حرفا حرفا حتى الإجادة ثم الانتقال لدمج حرفين ثم لكتابة الكلمة، ويمكن محاكاة نماذج لخطاطين سابقين وعند إجادة الرقعة يمكننا الانتقال لخط النسخ والديواني وغيره».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news