مبدعو الكرتون الإماراتي يتحدون «المــقارنات المثيرة»
أضافت عودة المسلسل الكرتوني «خوصة بوصة» في جزئه الثاني هذا العام بعد انقطاع دام لنحو 7 سنوات، زخماً للمعروض الإماراتي من الأعمال الكرتونية، مع نظيريه «فريج» و«شعبية الكرتون» ما وصل بعدد الحلقات من هذا النوع إلى45 حلقة، وزعت بالتساوي بين الأعمال الثلاثة التي استقطبتها شاشات أبوظبي ودبي وسما دبي، خلافاً لبعض المواسم التي انفرد فيها «شعبية الكرتون» بالعرض بسبب احتجاب «فريج» وعدم إنتاجه لأسباب مختلفة.
هذا الزخم الصحي، أفرز ذهنيا مقارنة بين الأعمال الثلاثة جاءت في صور مختلفة سواء إعلامية أو جماهيرية، لكن مبدعي الأعمال الثلاثة، أكدوا لـ«الإمارات اليوم» بصيغ مختلفة، رفضهم لهذا النمط من المقارنة، مؤكدين أن الطابع الخاص لكل مسلسل يجب أن يفرز تكاملاً، وليس تنافساً سلبيا، لتعزيز صناعة الكرتون الإماراتية . وأكد ثلاثي مبدعي الكرتون الإماراتيين نجلاء الشحي ، ومحمد سعيد حارب وحيدر محمد، أن تواصلهم كمخرجين إماراتيين ولدوا في مرحلة واحدة ليقدموا للمشاهد مفهوماً جديداً للترفيه عبر المعروض التلفزيوني، لم ينقطع، سواء في مرحلة التأسيس، او حتى قبيل الانتهاء من الأجزاء الجارية.
وبالإضافة إلى العلاقة القوية التي يؤكدها بشكل مستمر حيدر محمد ومحمد سعيد حارب دائما، فإن نجلاء الشحي نفسها كانت بدايتها مع هذا المجال عبركتابة عدد من السيناريوهات المثيرة في الجزء الأول تحديداً من «فريج»، مثل بعضها ترسيخاً لحضور المسلسل في الشارع الإماراتي خصوصا، في الوقت الذي لا يزال تتر المسلسل حتى الآن يحمل تنويهاً بشكر خاص لها، كما ان حيدر محمد يؤكد من جانبه بأن «الكرتون الإماراتي كسب عودة نجلاء الشحي القوية هذا العام إلى الساحة»، فيما تؤكد الشحي أنها من أكثر المتابعين لكل من «شعبية الكرتون» و«فريج» في اختلاف مواسمهما، وأنها تصاب بالإحباط حينما
تعلم من حارب بأن ثمة معوقات تحول دون إنتاج «فريج» في أحد المواسم.
المثيرون يمتنعون وعد مبدعو المسلسلات الكرتونية الثلاثة «خوصة بوصة» و«فريج» و«شعبية الكرتون» الجمهور بمزيد من مواصلة الإبداع في الأجزاء المقبلة، مؤكدين أن لكل عمل من تلك الأعمال خصوصيته، التي تتيح للمشاهد مساحة مختلفة من المتعة والفائدة معاً. وعلمت «الإمارات اليوم» أن المسلسلات الثلاثة باقية في أجزائها المقبلة على الأقل مع ذات الشاشات، العام المقبل، وهي قناة «أبوظبي» بالنسبة لـ«خوصة بوصة»، وقناتي «دبي» و«سما دبي» في ما يتعلق بـ«فريج» و«شعبية الكرتون». في المقابل، لم يقر كل من نجلاء الشحي ومحمد سعيد حارب وحيدر محمد، بصيغة المقارنة، خصوصاً من أخذ منها تجاه انتقاص أحدها، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها، مطالبين بمن يعمد إلى بث تصريحات مثيرة بينهم على حساب أي منهم، بأن يمتنع عنها، لصالح صناعة كرتون إماراتية لاتزال وليدة. |
وربما يكون حارب تحديداً هو الشخصية المحورية التي تجمع بين المبدعين الثلاثة بشكل أكبر، ويبدو أكثر تواصلاً مع زميليه نجلاء وحيدر، وهو ما تشير إلىه نجلاء التي تؤكد أنها على مدار العام وأثناء اهتمامها بانجاز الحلقات تبقى على تواصل دائم مع حارب الذي لا يخفي عنها طبيعة المحتوى الخاص لكل جزء، ما يعني أن مفهوم المنافسة السلبية على النحو الذي يصوره البعض غير قائم بالأساس.
ومالت نجلاء الشحي التي عرض مسلسلها «خوصة بوصة» على قناة أبوظبي على مدار 15 يوماً متتالية ، رغم أن جزأه الأول عرض على شاشة «سما دبي» إلى مناقشة الكثير من القضايا الاجتماعية ، وفق اسلوب مختلف عن مدرسة «فريج» تماما، ومغاير بطبيعة الحال للنمط الذي يسلكه حيدر في «شعبية الكرتون»،حيث استعانت الشحي بصوت سميرة أحمد للشخصية الرئيسية، بالإضافة إلى العديد من الأصوات الأخرى التي تجدد بعضها في الجزء الثاني وخصوصاً الرياضي ماجد العصيمي الذي يؤدي شخصية «عجوز الفريج» الفنانة نادية العراقية التي أسند لها دور شخصية «حمامة» المصرية بدلاً عن الفنانة عائشة الكيلاني التي أدت الدور نفسه في الجزء الأول.
وركزت الشحي بشكل واضح على مفهوم الرسائل الاجتماعية المكثفة، عبر السياق الكوميدي الذي يقترب من فرط تكثيفه، لقوام «النكتة الشعبية»، وهو ما جعل معظم الحلقات رغم سيادة تلك الرسائل تبتعد عن ملل الطرح المباشر، بل إنها تطرقت إلى قضايا وموضوعات غاية في الجدية من خلال اسلوب ساخر منها «مشكلات الخدم»، «حماية المستهلك»، «سيطرة ثقافات وافدة غير عربية على المجتمع»، «السرعة الزائدة في قيادة المركبات»، الاحتيال في قضايا السحر والشعوذة، «الحسد»، «القروض»، «التوطين»، وغيرها.
ورغم ان بداياتها في الجزء الأول من «خوصة بوصة» حملت تاثراً ب«فريج» باعتباره المسلسل الذي مثل بالنسبة لها ورشة العمل الأولى، إلا أن الشحي تؤكد أنها عمدت بعد ذلك إلى تطوير أفكارها وادواتها، رغم أنها لا تزال غير راضية تماماً على العمل على هذا الصعيد، وتنتظر تطويراً أكبر يتيحه وجود متسع من الوقت خلافاً لما توافر لديها اثناء انجاز الجزء الثاني، لكنها وبعد مرور أكثر من 7 سنوات على تجربتها الأولى لا تزال تردد: «أنا ابنة »فريج«..وهذه حقيقة لا أتجاهلها» .
في المقابل أكد محمد سعيد حارب أن أجواء المقارنة التي يصر عليها البعض بين الأعمال الثلاثة تبدو معيقة وهادمة، أكثر من كونها دافعة إلى المنافسة الإيجابية، مضيفاً :«في كل عام نقابل بعقد مقارنات غير فنية بين »فريج «وشعبية الكرتون»، رغم أن هناك تبايناً تاماً في الفكرة والمحتوى، وبدلاً من ان يتم النظر إلى العملين ووجودهما بأنهما يتيحان مزيداً من فرص الاستمتاع بعمل إماراتي عبر صناعة لم تكن موجودة ، أو ملتفت إلىها بهذا الزخم محلياً وخليجيا، يشمر البعض ساعده من اجل اقصاء أحد العملين بناء على قراره الشخصي«. واضاف حارب : »مع عودة «خوصة بوصة» من الطبيعي وفق هذه الأجواء أن تتسع الدائرة لدى البعض، لكن الحقيقة أن نجلاء الشحي هي أحد من ساهموا بفعالية في خروج «فريج»، كما أن حيدر محمد مبدع مهم، وصديق لا ينقطع تشاورنا، ودعم كلانا للآخر".
ولم يخف حيدر من جانبه اندهاشه لإصرار البعض على عقد تلك المقارنات، مضيفاً : »حينما يتميز عرض «فريج» فإن الأمر الأكيد أن ذلك يصعد بنسبة متابعة الأعمال الكرتونية في الإمارات وفي الخليج، ويؤثر إيجابياً بالتالي على صناعة الكرتون، التي من ضمنها انتاج مسلسل «شعبية الكرتون»، رغم ذلك فإن لكل عمل طابعه وخطه، وإن تلاقى في نوعية المشاهدين«. وتابع : »عودة نجلاء الشحي أحد أهم المفاجآت السارة بالنسبة لي هذا العام، ومسلسلها يناشد دائرة واسعة من المشاهدين، ويبقى مطلوباً للتأكيد على ان صناعة الكرتون الإماراتية أصبحت تتجاوز إطلالتين حصريا، وفي الوقت الذي يهتم «فريج» بالسياق التراثي، ويستثمر «شعبية الكرتون» أجواء التعددية الثقافية، الحقيقية التي تعيشها الإمارة للنفاذ إلى محتوى مرتبط بنمط «الشعبية» عبر السعي إلى رسم الضحكة الهادفة على شفاه الجمهور، فإن «خوصة» يبقى ايضاً كما العملين الآخرين، لا يشبه إلا ذاته.