الرضاعة الطبيعية ترسم ملامح تطور الطفل. من المصدر

الرضاعة الطبيعية تعزز ذكاء الطفل

توصلت دراسة حديثة أجراها باحثون في مختبرات أبحاث تصوير الأطفال في جامعة براون أن الرضاعة الطبيعية تنطوي على فوائد بالجملة، إذ تضطلع بدور رئيس في نمو المادة البيضاء في المخ بنسبة تراوح بين 20 و30%، ما يسهم في تعزيز الذكاء الدماغي والعاطفي عندهم. واستندت الدراسة إلى عملية المقارنة بين الأطفال الذين يحصلون على الرضاعة الطبيعية ونظائرهم ممن يعتمدون على الحليب الاصطناعي أو مزيج من الحليب الاصطناعي والطبيعي. واستند الباحثون في دراستهم هذه على توظيف تقنية الرنين المغناطيسي لتصوير دماغ الأطفال أثناء نومهم، من أجل الوقوف على الفروقات المتعلقة بالرضاعة ومن ثم دراستها. وشملت العينات التي استهدفها الباحثون 133 طفلاً من خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة. وقام الباحثون بتقسيم تلك العينات إلى ثلاث مجموعات: الأطفال الذين يحصلون على الحليب الطبيعي فقط، والأطفال الذين يحصلون على حليب اصطناعي فقط والأطفال الذين يحصلون على مزيج من الحليب الطبيعي والاصطناعي. ولاستكشاف مسارات النمو، قارن الباحثون بين الأطفال الأكبر سناً مع نظائرهم الأصغر لتوضيح الفروقات في كثافة المادة البيضاء (الأنسجة التي تحتوي على الألياف العصبية الطويلة تساعد على عملية التواصل بين الأجزاء المختلفة للدماغ).

وتعليقاً على نتائج هذه الدراسة، قالت مديرة اللجنة التنفيذية لحملة الشارقة إمارة صديقة للطفل، الدكتورة حصة خلفان الغزال، إن «الجانب المميز في هذه الدراسة أنها أسهمت في رفع مستوى وعينا بأهمية الرضاعة الطبيعية في تحسين القدرات اللغوية، المعرفية والعاطفية، فضلاً عن الارتقاء بالإمكانات الدماغية. وتعد هذه الدراسة أولى الدراسات التي تصور بطريقة إلكترونية التأثيرات التي تقع على الأطفال حتى السنة الثانية من العمر، لذا، ننتظر أن تسهم هذه الدراسة في التأثير على سلوك الأمهات، لاسيما في إمارة الشارقة، وعدم التسرع في عملية فطام أطفالهن قبل مرور 24 شهراً، وهي المدة التي توصي بها منظمة الصحة العالمية».

 أكدت الغزال أن الدراسة توصلت أيضاً إلى نتيجة بالغة الأهمية تتمثل في «أن الرضاعة الطبيعية تسهم في نمو مادة (المايلين) في وقت مبكر وبمعدل ملحوظ. و(المايلين) مواد دهنية تضطلع بمهمة عزل الألياف العصبية وتسريع الإشارات الكهربائية الواردة للدماغ».

وكشفت الدراسة أيضاً عن وجود اختلاف في معدل النمو بنسبة 20% إلى 30% بين الأطفال الذين يحصلون على الرضاعة الطبيعية وأولئك الذين لا يحصلون عليها. كما أكدت أن الأطفال الذين يحصلون على مزيج من الرضاعة الطبيعية والحليب الاصطناعي أفضل نمواً ممن يعتمدون على الحليب الاصطناعي فقط، ولكن النسبة لديهم تبقى أقل من أولئك الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية كلياً. وعلى صعيد فوائد الرضاعة الطبيعية على المدى البعيد، أكد الباحثون أن الأطفال الذين يحصلون على الرضاعة الطبيعية لفترة تزيد عن سنة، تتعزز لديهم مسارات النمو، لاسيما في الوظائف الدماغية الحركية.

في إطار متصل، صدرت دارسة بعنوان «مشروع فيفا» أشرفت عليها الأستاذة الجامعية ماندي بي بيلفورت، من مستشفى بوسطن للأطفال، وشملت 1300 طفل، لتعد الأكبر من نوعها في مجال الأبحاث الخاصة بالرضاعة الطبيعية.

 وركزت هذه الدراسة على إجراء مقارنة بين الفترات المختلفة للرضاعة لتحديد مستوى أداء الأطفال وفقاً لمدة الرضاعة الحصرية. وتأتي نتائج هذه الدراسة لتدعم حملة التوعية في الشارقة حول الرضاعة الطبيعية، في إطار تعزيز مكانة الدولة لتحتل مكانة رائدة على صعيد معدلات تبني الرضاعة الطبيعية وتوفير بيئة داعمة للأمهات.

وحول هذه الدراسة، قال الدكتورة الغزال: «ستسهم هذه الدراسة في تعزيز نسبة وعي الأمهات، عن فوائد أخرى للرضاعة الطبيعية تتمثل في تعزيز مهارات أبنائهم الذهنية بنسبة 30% في المادة البيضاء بالدماغ. وهذا يعني أن تلك الفوائد لن تقتصر تحسين المهارت اللغوية للأطفال فحسب، وإنما ستمتد إلى أكثر من ذلك لتشمل المراحل الدراسية. وممك لاشك فيه، أن كل أم تتمنى أن يتفوق ابنها في الحياة الدراسية ويجتاز الامتحانات المدرسية والجامعية ويدخل معترك الحياة المهنية ويحصل على وظيفة. ومع نتائج هذه الدراسة، لم يعد التمني مجرد إحساس وإنما أصبح واقعاً عملياً، لأنه أصبح بمقدورهن إحداث تأثير مباشر في الأداء الأكاديمي لأطفالهن. فالرضاعة الطبيعة هي خيار ذكي للأمهات بكل المقاييس».

يشار إلى أن حملة الشارقة إمارة صديقة للطفل، تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وأطلقت في شهر مارس الماضي برعاية سموّ الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، رئيس الحملة، تحت شعار «بداية صحيحة لمستقبل أفضل». وتتضمن الحملة أربع مبادرات هي «حضانات صديقة للرضاعة»، «أماكن عامة صديقة للأم والطفل»، «أماكن عمل صديقة للأم» و«مرافق صحية صديقة للطفل».

 

الأكثر مشاركة