طلال الرميضي يستعرض محطات من مسيرتها في «كتاب أبوظبي»

الكويت.. ثقافة وتاريخ وكتب ممنـوعة

صورة

قال أمين السر العام لرابطة الأدباء في الكويت طلال سعد الرميضي، إن العلاقات بين الكويت والإمارات قديمة، واتخذت أشكالاً ومظاهر مختلفة، مثل تنقل بعض رجال العلم والثقافة في المنطقة واستقرارهم بعض الوقت هنا أو هناك، مثل الشيخ مساعد العازمي، الذي استقر في رأس الخيمة لفترة قبل عودته إلى الكويت، وكذلك البعثات التعليمية التي كانت تخرج من الكويت إلى دبي ورأس الخيمة ومسقط.

وأوضح الرميضي أن الكويت شهدت اهتماماً مبكراً بالثقافة لعوامل عدة، من أهمها طبيعة السكان، حيث كانت تضم مجموعات تنتمي إلى ثقافات متنوعة نزحت إليها من العراق والسعودية ومختلف مناطق شبه الجزيرة العربية، ما أحدث حالة من التنوع الثقافي، كذلك الموقع الجغرافي الذي جعلها أشبه بميناء لنقل البضائع من وإلى الشام والعراق وغيرهما، وخلال اشتغال الكويتيين في نقل البضائع بالسفن كان لهم احتكاك واسع بالثقافات المختلفة من دبي ورأس الخيمة وإيران حتى الهند وزنجبار، لافتاً إلى أن النظام السياسي في الكويت، الذي كان يقوم على الشورى والحوار بين الحاكم وشعبه منذ عام 1772، له دور في نشر الثقافة والاهتمام بها، كما أتاح الفرصة لتبادل الآراء والخبرات. وأشار خلال الأمسية الاستثنائية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، أول من أمس، وقدمها رئيس مجلس الاتحاد الكاتب حبيب الصايغ، وهي الأمسية التي سبقها بحث الطرفين عمل مسودة مذكرة تفاهم لتطوير وتبادل الأنشطة، إلى ان هناك عوامل أخرى اضافية اسهمت في اهتمام المجتمع الكويتي بالثقافة، مثل زيارات أهل العلم والدين للبلد، والكتب والمطبوعات التي كانت ترد مع السفن من القاهرة وبيروت والعراق.

تواصل أجيال

سيرة

كتب طلال الرميضي العديد من المؤلفات والدراسات التاريخية، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية لأفضل كتاب في الدراسات التاريخية والآثارية لدولة الكويت عام 2010، عن كتابه «الكويت والخليج العربي في السالنامة العثمانية»، الذي كان يتوقع منعه من التداول داخل الكويت من قبل الرقابة بوزارة الإعلام، لأنه تطرق الى مواضيع تاريخية ذات طبيعة حساسة تتعلق بحدود الكويت وعلاقاتها الدولية بالقوى العالمية قبل أكثر من قرن من الزمان، واعتبر الجائزة وساماً على صدره ودافعاً للشباب الكويتي الجاد على المضي في التنقيب والبحث والدراسة التاريخية.

عبر المؤرخ والمحامي الكويتي عن تفاؤله بالحركة الإبداعية والثقافية الشابة في الكويت حالياً، والتي تشهد عودة إلى التاريخ والموروث الكويتي، والتفاتة كبيرة لمشكلات وقضايا المجتمع، بعد أن كانت في الفترة السابقة تحمل ميلاً إلى الأدب الغربي والعالمي على حساب الموروث والواقع المحلي. مدللاً على ذلك برواية «ساق البامبو» للكاتب سعود السنعوسي، التي حازت الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، في دورتها الماضية. على عكس المسرح الكويتي الذي ابتعد عن بداياته الجادة في فترة الستينات والسبعينات، والتي كانت تتميز بالجودة في الكتابة وحرص على طرح ومناقشة قضايا المجتمع، ليتحول إلى الطابع التجاري وتطغى عليه النصوص الضعيفة التي تفتقر إلى جودة الكتابة والاهتمام بمناقشة قضايا الواقع. وحمل الرميضي كتّاب المسرح جزءاً من هذا التراجع في مستوى المسرح الكويتي، بينما يتحمل الجمهور جزءاً آخر من المسؤولية، حيث باتت الكتابات الجادة لا تحظى باهتمام أو حضور مناسبين، نافياً أن يكون للتيار الديني في الكويت تأثير قوي يعيق الحراك الثقافي أو الفني، حيث تتميز الكويت بحرية الرأي، فكما يوجد تيار متشدد يوجد أيضاً تيار تنويري يطالب دائماً بالمزيد من الحرية.

مصادر


استعرض طلال الرميضي مصادر الثقافة في الكويت، ومن أهمها «الكتاتيب»، التي كان يتم فيها تدريس القراءة والكتابة ومبادئ الشريعة الإسلامية وأحياناً مبادئ الحساب، كما كانت تقام فيها حلقات العلم والأدب، ومن هذه المصادر أيضاً المساجد التي كانت تشهد زيارات من أهل العلم والدين، ومجالس أهل العلم والأدب التي كانت تضم رجالات الفكر والعلم وتقام بها العديد من الفعاليات والمناسبات، ومنها انطلقت فكرة انشاء المدارس حيث كانت المدرسة «المباركية» أول مدرسة تقام في الكويت 1911، ثم المدرسة «الأحمدية» في عام 1921، ومدرسة «السعادة» عام 1924، بينما تأسست أول مكتبة في الكويت عام 1922، وهي المكتبة «الأهلية». وقد خرجت هذه المدارس مئات الدارسين الذي قاموا بأدوار مهمة بعد قليل من تخرجهم، كما كانت الدراسة موضع جدل كبير في المجتمع الذي انقسم بين تيار محافظ يرفض تدريس اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة الكفار، وتيار تنويري يرى ضرورة تدريس اللغات للانفتاح على العالم، وهو الذي انتصر في النهاية.

كتب ممنوعة

أشارالرميضي إلى أن الكتب والمجلات والمطبوعات التي كانت تصل إلى ميناء الكويت تعد من المصادر المهمة للثقافة مثل مجلات «المنار»، و«الشورى»، و«الهلال»، و«المقتطف»، بينما كانت مجلة «الكويت» أول المجلات الكويتية وصدرت في عام 1928. لافتاً إلى انه قام بدراسة عن أوائل الكتب التي منعت في الكويت، وكان أول كتاب تم منعه هو «الآيات الصباح في مدائح الشيخ مبارك الصباح»، الذي كتبه عبدالمسيح الانطاكي وطبع في مصر عام 1911، ومنع لما يحمله من مبالغات في المدح لا تليق بمكانة الشيخ. أما الكتاب الثاني فكان «تاريخ الكويت» للشيخ العلامة عبدالعزيز الرشيد، وصدر عام 1926، وتناول تاريخ الكويت بشفافية كبيرة، لكنه انتقد بعض الشخصيات المتشددة انتقاداً حاداً، فتلقى تهديدات بقتله، فتم حجز نسخ الكتاب في الجمارك حتى وفاته ثم سمح الشيخ أحمد الجابر الصباح بالإفراج عن الكتاب. في حين كان ثالث كتاب يمنع هو «نصف عام للحكم النيابي» لخالد سلمان، وتناول أول تجربة برلمانية في الكويت، وتم السماح بتداوله في عام 1978. موضحاً أن سفر طلبة العلم للخارج كان له دور في نشر الثقافة، وكان عيسى بن علوي أول من درس في مصر 1863، كما درس الشيخ مساعد العازمي في الأزهر الشريف عام 1882، وزار دبي ورأس الخيمة التي استقر فيها، واشتهر بالتطعيم ضد الجدري وكان يقدمه للناس مجاناً، وتزوج من إحدى بنات الإمارة وأنجب منها فتاة ثم توفيت زوجته وعاد إلى الكويت بعد استقراره في رأس الخيمة لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات، وخاض الشيخ العازمي حرباً ضد المجتمع في الكويت، بسبب مطالبته بتعليم المرأة في ذاك الوقت.

تويتر