غياب المؤسسات المتخصصة يفسح المجال للفــوضى وغياب المعلومة

استطلاعـات الدرامــا.. اجتهادات تنقصها الاحترافية

الساحة الدرامية تعاني عدم وجــود مؤسسات ذات صدقية تقدم إحصاءات دقيقة وحقيقية. أرشيفية

انقضى المهرجان الرمضاني الدرامي على الشاشات العربية منذ أسابيع، وكالعادة يتم التعامل مع كل هذا الكم الضخم من الانتاج الدرامي الذي فاق الـ100 مسلسل قدمتها مصر وسورية ودول الخليج بطريقة سطحية لا تتناسب مع ما باتت تمتلكه الدراما من ثقل ليس فقط في المجالين الفني والثقافي، لكن أيضاً في مجال الاقتصاد، فقد أصبحت صناعة يتزايد رأس مالها باطراد، ولذلك غابت الدراسات الموضوعية والاستطلاعات المدروسة وفق أسس علمية حول ما عرض من أعمال درامية هذا العام على الرغم من أهمية مثل هذه الدراسات، للتعرف إلى اتجاهات الجمهور وحاجاته والأذواق المختلفة، وكذلك درجة استيعاب السوق والفضائيات العربية من أعمال، وغير ذلك من المؤشرات التي تسهم في توجيه هذه الصناعة وفق مؤشرات واقعية، ويوفر للقائمين عليها أسس بناء صناعة قادرة على النمو والتوسع ليس في الدول العربية فقط لكن خارجها أيضاً، خصوصاً أن هناك أعمالاً عربية قدمت هذا العام تتسم بمستوى فني متميز يمكنه ان ينافس غيره من الدراما التركية أو الكورية، وغيرهما.

مواكبة

خلال شهر رمضان لجأت كثير من وسائل الاعلام إلى مواكبة المسلسلات المعروضة باستطلاعات للرأي حول الأعمال الأفضل في رأي الجمهور، بعضها كان ينشر كيفما اتفق والبعض الآخر اسبوعياً، ومعظم هذه الاستطلاعات اعتمد أسلوباً عشوائياً من خلال سؤال مجموعة من المشاهدين أو النقاد، وذكر آرائهم الخاصة، بينما لجأت بعض وسائل الإعلام، خصوصاً المواقع الإلكترونية، إلى وضع استطلاعات للرأي على الموقع نفسه، وهي أساليب قد تعطي مؤشرات عامة، لكنها تفتقر إلى الدقة والأسس العلمية في البحث، مثل تحديد حجم العينة المشاركة في الاستطلاع وكيفية اختيارها وإذا ما كانت مصنفة لفئات عمرية أو اجتماعية أو غير ذلك من التصنيفات المتعارف عليها، إلى جانب تحديد الهدف من الاستطلاع نفسه، فهناك استطلاعات قد يحتاج إليها صناع الدراما من فنيين وكتاب ومخرجين، والبعض يفيد المنتجين، والبعض يتوجه بنتائجه للقنوات الفضائية لتحديد اختياراتها من أعمال مبكراً، أو يتوجه للمعلنين الذين بات لهم دور مهم في توجيه دفة الدراما، وفي أحيان كثيرة كان البحث عن المعلن وأكبر قدر من الإعلانات سبباً في تنميط الدراما العربية، بمعنى انه بمجرد نجاح عمل معين أو لون درامي بعينه واستطاعته اجتذاب عدد كبير من المعلنين، يتسارع الجميع لتقديم نسخ مقلدة منه، كما أسهم في انتشار ظاهرة النجم الأوحد المتحكم في العمل، الذي يتم تفصيل السيناريو على مقاسه الخاص، اعتماداً على جماهيريته وارتباط المشاهدين به، وهي الظاهرة التي بدأت تتراجع بشكل واضح هذا العام، لذا لا تمثل الاستطلاعات التي نشرت سوى مؤشرات رأي تساعد المشاهد في اختيار أعمال معينة يشاهدها وسط الزحام الدرامي في رمضان، ولا تقدم خدمة حقيقية للدراما كصناعة، وهو ما يدعو إلى حث مؤسسات البحث العلمي والاجتماعي وكليات الإعلام وغيرها من الجهات الرسمية أو الخاصة للعمل على إجراء أبحاث رصينة وذات صدقية حول الدراما العربية وكل ما يرتبط بها من جوانب وتفاصيل.

أرقام

على الرغم من غياب الإحصاءات والدراسات، توجد بعض الارقام القليلة التي يمكن ان تعكس سوق الدراما العربية، من بينها تقرير أجري قبل شهر رمضان الماضي عن صناعة الدراما المصرية وتأثرها بالأوضاع السياسية والاقتصادية، يعقد مقارنة بين الانتاج الدرامي في السنوات الأخيرة في مصر، وأشار التقرير إلى أن منحنى الإنتاج الدرامي شهد ارتفاعاً مطرداً في السنوات الخمس الأخيرة بنحو 40% سنوياً، باستثناء عام 2011 الذي انخفض فيه لظروف سياسية أكثر منها اقتصادية، لكنه استطاع في العام التالي أن يحقق أعلى معدل إنتاج في تاريخ الدراما المصرية ليصل إلى 73 مسلسلاً، بلغ إجمالي تكاليفها ملياراً و180 مليون جنيه مصري، وهو الرقم الأكبر في تاريخ الإنتاج الدرامي، ما شجع كثيراً من المنتجين وأصحاب رؤوس الأموال من خارج الوسط الفني على دخول المجال سعياً في تحقيق أرباح مماثلة، وتوقع مسؤولون عن هذه الصناعة أن يتزايد حجم الإنتاج، ففي العام التالي 2013 بنسبة 10% إلى 15%، أو على أقل تقدير ثبات هذا المعدل، لكن خابت هذه التوقعات وجاء عام 2013 مخيباً للتوقعات، فقد تراجع الإنتاج بنسبة 45.2% عن العام السابق لنجد أن الأعمال التي تم إنتاجها هذا العام لم تتخط 40 عملاً (وفقاً للدراسة)، لكن أضيف بعد ذلك عدد من الأعمال التي تم الانتهاء من تنفيذها في وقت متأخر لتلحق بالعرض في رمضان. وذكرت الدراسة أن الأعمال التي أنتجت في 2013 بينها ثلاثة أعمال فقط من إنتاج قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتلفزيون، و37 من إنتاج القطاع الخاص، بينها ثمانية مسلسلات مصرية بإنتاج عربي وخليجي.

عادات

أما في ما يخص عادات المشاهدة خلال شهر رمضان واتجاهات المشاهدين الدرامية؛ فكشف استطلاع أجرته (OSN) خلال شهري يونيو ويوليو 2013، شاملاً نحو 1000 مشاهد من مختلف أنحاء المنطقة، أن نحو شخص من بين كل ثلاثة أشخاص في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشاهد التلفزيون فترة تراوح بين ثلاث وخمس ساعات يومياً خلال شهر رمضان، مقابل 3.1 ساعات خلال بقية السنة. وحلت مصر في المرتبة الأولى من حيث عدد ساعات مشاهدة التلفزيون، إذ قال أكثر من 37% من المصريين المشاركين في الاستطلاع، إنهم يمضون من ثلاث إلى خمس ساعات يومياً أمام التلفزيون، بينما قال 26% إنهم يشاهدون التلفزيون من ساعة إلى ثلاث ساعات فقط، و15% بمعدل خمس إلى سبع ساعات يومياً خلال شهر رمضان. وفي المملكة العربية السعودية، قال 33% من المشاركين في الاستطلاع إنهم يشاهدون التلفزيون يومياً من ثلاث إلى خمس ساعات، مقابل 30% و32% في كل من الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة. وجاءت المسلسلات بوصفها الأكثر شعبية خلال الشهر الكريم، فقد ذكر أكثر من نصف المشاركين أنهم يفضلون متابعة الأعمال المصرية والسورية والخليجية والتركية. وفي مصر، جاءت الدراما في المرتبة الأولى (35%)، تليها البرامج الحوارية واللقاءات مع المشاهير (28%). وأكد نحو 60% من المشاركين في المنطقة على أهمية مشاهدة أحدث البرامج أولاً، وقبل أي أحد آخر، وهو ما شدد عليه بصورة أكبر المشاركون في الاستطلاع في الكويت (70%)، والمملكة العربية السعودية.

تويتر