«صيد الصقور».. رحلة في تاريخ العرب

تشكل رحلات الصيد عالما واسعا، وبابا كبيرا من أبواب المعرفة، وتظهر أهميتها بما تشتمل عليه من معلومات وفيرة عن فنّ التعامل مع الحيوان والطير والسلاح، بالإضافة إلى ما تتطلبه من القدرة على معرفة النجوم والاتجاهات والرياح، ومن التعامل مع الآخر، كما تظهر تلك الأهمية بهذه الخصوصية من القدرة على استيعاب متطلبات الرحلة، والاستعداد لها، والتهيئة النفسية والمادية والأخلاقية لأهدافها، ثم في هذا الإحساس الجميل والخاص بمتعة الصيد والقنص، بحسب ما أوضح الإعلامي العراقيّ محمّد رجب السامرّائي، في كتابه الذي صدر حديثا بعنوان: «صيد الصقور في الحضارة العربية».

وأوضح السامرائي، في الكتاب الذي ضم 122 صفحة، مقسمة إلى أربعة فصول، توزع كل واحد منها على مباحث عدة، تحكي عن رياضة الصيد بالصقور والجوارح في الحضارة العربية الإسلامية، أن التراث العربي تناول هذا الجانب بشيء من التفصيل العلمي، حتى عُدَّ كلام العرب عنه من أهم المصادر الخاصة بالمعلومات، وهناك كتب لا تحتاج إلى تعريف لأنها ذائعة الصيت وذات قيمة أدبية خاصة، مثل كتاب «الحيوان» للجاحظ، وكتاب «حياة الحيوان الكبرى» لكمال الدين الدميري، وكتاب «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» للقزويني، وغيرها من الكتب التي تناولت أحكام الصيد وأحواله وأنواع الحيوانات والطيور ومواسم الصيد وأهدافه وآدابه.

وتناول الكاتب في الفصل الأول الصيد في القرآن والحديث واللغة، أشار فيه للسور القرآنيّة الكريمة التي تناولت الصيد، ثم لطائفة من الأحاديث النبوية الشريفة، وعرض المؤلف الصيد في كتب الحديث الصحيحة كصحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مُسلم، بعدها تناول ذلك في معاجم اللغة العربية عند ابن منظور في لسان العرب، والخليل بن أحمد الفراهيديّ البصريّ في مُعجم العين، والفيروز آبادي في القاموس المحيط، والرازي في الصِحَاح، الذين تناولوا في معاجمهم تلك مفردات: الصيد، القنص، الطرد، الجوارح، البيزرة. أما الفصل الثاني فحمل عنوان «الصيد في ذاكرة التاريخ»، واستعرض مسيرة رحلة صيد الصقور والجوارح في الحضارات القديمة، ووقف الكاتب عند «الصيد في التاريخ القديم» لبيان أقدم مرجع عن رياضة الصيد بالصقور، وأول من كتب من الغربيين عنها، ولمكانة الصقور وتقديسها في بعض الدول، وفي حضارة العراق القديمة خصوصا عند الحضارة الآشورية، الذين كان ملوكهم أول من سَنّ الزينة في احتفالات الصيد الباذخة لإرضاء الإله نابُو.

وفي الفصل الثالث الذي بعنوان «الصيد عند العرب» ذكر السامرائي معلومات عن الصيد الرياضة المحببة للعربيّ منذ الجاهلية، ثم في الإسلام وفي العصرين الأموي في دمشق، والعباسيّ في بغداد، واستعرض تاريخ الصيد في الآثار العربية، ونماذج وشواهد تاريخية عن الخلفاء والحُكام، الذين أحبوا رياضة الصيد بالصقور والجوارح الأخرى.

وختم السامرّائي الكتاب بالفصل الرابع الذي حمل عنوان «صيد الصقور عربياً»، وهو وقفة عند خمس دول عربية اهتمت بالصيد اختارها المؤلف نماذج على سبيل الذكر لا الحصر، اهتمت برياضة صيد الصقور فيها، وهي صيد الصقور في الإمارات، وصيد الصقور في السعودية، وصيد الصقور في قطر، وصيد الصقور في العراق، وصيد الصقور في تونس.

 

الأكثر مشاركة