معين البستكي.. ساحر بلا قبعة وأرانــب
تظل ألعاب الخفة أمرا مبهرا، تجذب الناس الى مشاهدتها، خصوصا أن بعض العروض تمنح المشاهد الشعور بوجود قدرات تفوق الخدع البصرية. الإماراتي معين البستكي بات واحدا من الأسماء المعروفة في عالم الخدع البصرية، حيث تبلور عشقه لألعاب الخفة منذ صغره، لكن عدم تقبل العائلة لخوض هذا الغمار، والذي حال دون إكماله دراسته، جعله ينهي دراساته العليا في إدارة الأعمال بأستراليا، ليتسلم منصباً إدارياً في «سيتي بنك»، من غير أن يحول ذلك دون إكماله لتعلم ألعاب الخفة، والتعمق في تقنياتها ومهاراتها. نجح البستكي في جذب أنظار الناس، خصوصا بعد أن تمكن من «إخفاء الفنان عبدالله بالخير، ولاحقا إخفاء برج خليفة»، وأكمل مسيرته في عالم ألعاب الخفة، رغم المحاربة التي تعرض لها من قبل رجال الدين، واتهامه بالسحر والشعوذة.
وقال البستكي عن شغفه بعالم ألعاب الخفة، إن «عالم الطفولة يحفل بالقوى الخارقة، ولا وجود لما يعرف بالمستحيل، وإن ألعاب الخفة ترتبط بمداعبة الأفكار بعدم وجود المستحيل، وقد بدأت أحب ألعاب الخفة من خلال جدي الذي كان يسافر الى الهند قبل الاتحاد، وتعلم بعض المهارات، من خلال الهنود الذين يقدمون العروض الاستعراضية في الأسواق». وأضاف «تعلم جدي بعض التقنيات، وأراد أن يعلم والدي وعمي، لكن لم يكن لديهما الميول لذلك، بينما شكلت بعض ألعابه الانبهار الأول لي في عالم ألعاب الخفة». وتطور حب البستكي لألعاب الخفة من خلال مشاهدة دافيد كوبرفيلد، الذي كان يثيره في ألعابه، لاسيما إخفاءه لتمثال الحرية لدقائق، والذي جعله يقوم بإخفاء برج خليفة. أما العرض الأول، الذي قدمه البستكي فكان للعائلة وهو يبلغ التاسعة من العمر، وقد أشار الى أنه كان عرضا فاشلا معتمدا على التقنيات المكشوفة والتي يعرفها الجميع، لكنه لاقى تشجيعا من عمه، الذي قدم له بعد نهاية العرض خمسة دراهم لتشجيعه على المتابعة.
محاربة
أشهر لاعبي الخفة هناك أسماء معروفة في عالم ألعاب الخفة، وقد اكتسبت شهرتها الواسعة، من خلال الألعاب التي قدمتها والتي تبدو كأنها تميل نحو القدرات الخارقة، وكان من بينهم دافيد كوبرفيلد، الذي أخفى تمثال الحرية لدقائق، وكريس أنجل الذي استطاع إبهار الجمهور بمشيه على الماء في مسبح في لاس فيغاس. إلى جانبهم اشتهر دافيد بلين، الذي أكمل يومين في خزان من الجليد، ثم لانس بورتن الذي حاز جائزة أفضل ساحر في العالم لمرتين، لاسيما أنه قدم عروضه أمام رؤساء الدول، بينما اشتهر أيضا بين ويتلر لكونه قام بتأليف ستة كتب عن ألعاب الخفة. |
أنهى البستكي الثانوية العامة، وطلب من والده دراسة ألعاب الخفة، لكن والده لم يوافق، وبالتالي تابع دراسته في إدارة الأعمال، وحصل على الدراسات العليا، من دون أن يتخلى عن طموحه في ألعاب الخفة. أما شهرته في هذا المجال إعلاميا، فقد بدأت في الامارات ولبنان، حينما قام بإخفاء الفنان الاماراتي عبدالله بالخير، الأمر الذي جعل رجال الدين يحاربونه، واتهموه بالسحر والشعوذة، وبأن ما قام به يشبه ما طلبه النبي سليمان من الإنس والجن لجلب عرش بلقيس. واعتبروا أن العروض التي قدمها تعتبر من الأوهام الكبيرة، ومنها إخفاء سيارة على سطح المبنى، وإخفاء برج خليفة وعبدالله بالخير، أو إخفاء رأس لبني آدم ثم إرجاعه. وشدد على أنه لا يوجد اختلاف بينه وبين البشر، فهو لا يملك قدرات خارقة، ولا حتى يتعامل مع الجن كما اتهم، لكن الاختلاف في العلم الذي يملكه في هذا المجال، وامتلاكه أسرار الخدع البصرية فقط.
غالبا ما يطرح على البستكي سؤال حول ألعاب الخفة وتوجهها للصغار، لذا أكد أنه لا يرى فيها توجها للصغار، لأنه داخل كل إنسان هناك طفل صغير، لكن البشر اعتادوا ذبح الخيال وقمع الطفولة داخلهم، لذا أشار إلى أنه يحاول أن يخرج الطفل داخل الاشخاص، معتمدا على الإبهار، كإخفاء الناس أو تطييرهم، أو قراءة تفكير البشر دون أن يعرفهم. وأكد أن علم ألعاب الخفة تطور مع تطور الزمن، فبات اليوم ممكنا القيام ببعض الألعاب بهاتف «آي فون»، في حين أن ألعاب الخفة كانت تعتمد بشكل أساسي على القبعة التي يخرج منها الساحر الأرنب، ولكن اليوم لم يعد مبهرا هذا المشهد، فقد خرجنا من زمن القبعة والأرنب، ووصلنا الى زمن بات يمكن للاعب الخفة ان يتحكم في جسده أو يقدم عروضه من دون أغراض تخفي أسراره. وشدد على أنه قدم بعض الألعاب الخاصة، التي لم تقدم من قبل أي لاعب خفة، ومنها تبديل ألوان الكندورة والتي قدمها في أحد البرامج التلفزيونية، موضحا أنه يفضل عدم التقليد بل التطور وعدم الاكتفاء بالأفكار الجاهزة، مبينا أنه لا يقوم بأي حركات لا تناسب العادات في المجتمع الاماراتي.
تحديات
التحدي الأساسي، الذي واجهه البستكي في بدايته، هو كيف سيظهر أمام الجمهور، ومدى تقبل المجتمع الاماراتي له، مشيرا الى أنه في البداية لم يكشف اسمه لكنه في مرحلة لاحقة بات يظهر على المحطات التلفزيونية باللباس التقليدي وهو الكندورة، كما أكد أنه تلقى العديد من الانتقادات من قبل المقربين، حتى أن هناك مجموعة من الأقارب مازالوا لا يتقبلون خوضه غمار ألعاب الخفة. ولفت إلى أنه بالتأكد ليس الاماراتي الوحيد الذي يقدم هذه العروض، لكن لم يمتلك إماراتي آخر جرأة الظهور الاعلامي والتواصل مع الجمهور، مؤكدا أنه كانت لديه فكرة لافتتاح مدرسة خاصة بألعاب الخفة، لكن الفكرة رفضت، ولكن لديَّ 10 أشخاص علمتهم في دروس خصوصية. أما موقع لاعب الخفة في العالم العربي فقد كان منذ أربع سنوات ليس أكثر من طفل صغير يحتاج الى الترويض، لكن الاهتمام اليوم في ازدياد حتى أن المشاركات في الاحداث المحلية باتت اكثر من قبل.
بين الادارة في البنك ولعب الخفة، رأى البستكي انه حتى اليوم لم يفكر في تفضيل واحدة على الأخرى، لكنه لا يعرف إن كان من الممكن أن يترك لعب الخفة بسبب عمله، مشيرا إلى أن هذا الاحتمال مفتوح على مجالين، فإما ان يشعر بضرورة التوقف عن تقديم ألعاب الخفة، أو على العكس قد يشعر بضرورة التفرغ لها وترك الوظيفة. وشدد في الختام على أن ألعاب الخفة تكسر الروتين في الحياة، مبينا أنه ينصح الأزواج بتعلم بعض الخدع، التي يمكن أن تكون أداة مفيدة جدا لكسر الروتين بين الأزواج، وتمكن الزوج من إضافة أجواء جميلة على الحياة.