د. عبدالله الفهيم عمل مرافقاً خاصاً للشيـخ زايد منذ عام 1968 ويملك أرشيفاً نادراً من الصور

الإمـارات تـاريـــخ من ذهب

صورة

ما إن يدخل الزائر إلى مكتب الدكتور عبدالله عبدالجليل الفهيم حتى يجد نفسه في مواجهة تاريخ حافل يمتد على مدى ما يزيد على أربعة عقود من تاريخ عزيز على الجميع، هو يرى جدران المكتب وقد تزينت بعشرات الصور الفوتوغرافية التي تروي مشاهد من تاريخ أبوظبي والإمارات ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. هذه الصور هي جزء من كم كبير من الصور التي مازالت تقبع في أرشيف الفهيم شاهدة على تاريخ من ذهب.

«قصة أبوظبي»
 
اعتبر د.عبدالله الفهيم أن كتاب اقصة أبوظبيب الذي كتبه شقيقه رجل الأعمال محمد الفهيم من أصدق الكتب التي صدرت عن أبوظبي قديماً، وأكثرها واقعية. موضحاً أن شقيقه نقل الواقع كما كان دون زيادة أو نقصان، وكان اميناً في نقل الأحداث ورسم صورة واضحة لتلك الفترة. كما أعرب عن استغرابه من صدور العشرات من الكتب عن أبوظبي في فترة الستينات وما قبلها من قبل أشخاص لم يكونوا مطلعين على واقع المدينة الصغيرة في ذاك الوقت، ولا يمتلكون الرؤية والمعلومات التي تمكنهم من إصدار كتب عن هذا الموضوع.
صورة خالدة

من الصور التي تحتل مكانة خاصة في ذاكرة د.عبدالله الفهيم صورة إعلان الاتحاد وقيام الإمارات التي يجتمع فيها المغفور له الشيخ زايد مع إخوانه حكام الإمارات رحمهم الله. وكان شاهداً على هذا الحدث التاريخي مرافقاً وحارساً شخصياً للمغفور له الشيخ زايد. لافتاً إلى أن هذه الاتفاقية لم تكن وليدة المصادفة، ولكن كانت نتيجة جهود كبيرة ومباحثات واجتماعات متعددة وطويلة قام بها الشيخ زايد مع شيوخ الإمارات في ذاك الوقت. اقام الشيخ زايد بمساعٍ جبارة لتحقيق هذا الحلم، في المقابل كان هناك تعاون من بقية الحكام، ونية صادقة لدى الجميع لإسعاد شعوبهمب. وأضاف: «لكن من الصعب ان أصف مشاعر من عاصروا هذا الحدث الذي كان بمثابة عيد لنا، غمرتنا فيه مشاعر لا توصف، بالفرح والفخر والأمل في المستقبل، ونحن نشاهد علم الاتحاد يرتفع عالياً في السماء».
تعليم وسياحة

ينتمي د.عبدالله الفهيم إلى واحدة من اكبر العائلات التي تعمل في مجال التجارة والأعمال في أبوظبي، إلا انه اختار العمل في مجال التعليم، وهو مجال لا يهدف في الأساس لتحقيق ربح مادي بقدر ما يقدمه للمجتمع من خدمة عبر المساهمة في تنشئة أجيال جديدة قادرة على المشاركة في بناء الدولة وخدمة الوطن.  كما اعتبر ان السياحة هي المجال الأكثر اهمية في المستقبل، ولذلك اسس الكلية الأوروبية الدولية للدراسات الإدارية التي تؤهل الطالب للماجستير في إدارة الفنادق بموافقة من وزارة التعليم العالي، حتى تسهم في رفد قطاع السياحة بالعنصر الاماراتي ولتشجع الشباب على دخول هذا المجال، كما تقوم الكلية بتدريب الكوادر الشابة، حيث انتهت أخيراً من تدريب 120 إماراتياً بالتعاون مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.

«خلف كل صورة من هذه الصور قصة لحدث أو موقف لا يمكن نسيانه، خصوصاً صور المغفور له الشيخ زايد، وصور الوالد عبدالجليل الفهيم الذي كان رفيقاً للشيخ لسنوات طويلة». وقال الفهيم لـ«الإمارات اليوم» وهو يشير إلى صورة باللونين الأبيض والأسود يجلس فيها الشيخ زايد على الأرض ممسكاً بعصاه وهو يشير إلى خريطة لأبوظبي، وإلى جانبه عبدالجليل الفهيم ود. عبدالرحمن مخلوف الذي تولى تخطيط مدينة أبوظبي: «التقطت هذه الصورة أثناء تخطيط مدينة أبوظبي، ويظهر الشيخ زايد وهو يخطط بنفسه شارع حمدان، حيث لم يكتف بإسناد مهمة التخطيط  للمهندس عبدالرحمن مخلوف ولكنه كان يشارك في ذلك ويرسم بنفسه ما يرد إليه من أفكار».

صورة أخرى يتوقف أمامها د.عبدالله الفهيم الذي عمل لسنوات طويلة مرافقاً خاصاً للمغفور له الشيخ زايد، يظهر فيها مؤسس الدولة وهو يقلم شجرة: «كان الشيخ زايد صاحب يد خضراء تمنح الحياة لكل ما تلمسه، ويكفي أنه استطاع في الفترة من نهاية الستينات وحتى التسعينات، وهي فترة تعتبر معدودة في عمر الدول، أن ينشئ دولة حديثة ذات مكانة بين دول العالم. وفي هذه الصورة كان الشيخ زايد يسير بسيارته في أحد الشوارع وتوقف ليقوم بتقليم أغصان الشجرة بنفسه، فقد كان يحتفظ بمقص لتقليم الشجر في السيارة. كذلك كان يحب أن يكون قريباً من الناس ويتفقد كل ما يتم في الإمارة من مشروعات بنفسه ليطمئن على سير العمل بها ويعطي توجيهاته للقائمين عليها، وكنا كثيراً ما نخرج في الصباح دون ان يحدد لنا الشيخ زايد وجهتنا إلى أن نصل إلى أحد المشروعات أو مواقع العمل والانشاء لمتابعة ما يجري بها. إضافة إلى حرصه المستمر على التوقف والاستماع إلى المواطنين والتعرف إلى مشكلاتهم وحاجاتهم لإجابتها، كما كان لا يرد أحداً عن مجلسه حتى الأطفال كان يسمح لهم بالدخول».

يعود الفهيم بذاكرته ليستعيد معالم أبوظبي القديمة التي عاش فيها فترة طفولته، مستعيناً بالصور المعلقة على الجدران: «في فترة الستينات، كانت الحياة بسيطة جداً، لم تكن هناك كهرباء أو مياه أو شوارع، وكانت مباني أبوظبي عبارة عن قصر الحصن الذي كان مقراً للحكم، وإلى جانبه عدد محدود من البيوت المبنية، وحولها يتناثر عدد من الخيام والعشش، كما كان الشاطئ قريباً، وفيه مرسى يستخدم كميناء لرسو السفن والقوارب. وأذكر أن أول سيارة ظهرت في شوارع أبوظبي كانت في النصف الثاني من الخمسينات وكانت عند الشيخ شخبوط، أما نحن فقد كنا نخاف منها عندما نراها تسير في الشارع». ويشير إلى صورة أخرى تظهر فيها مجموعة من الأطفال بملابسهم البسيطة، موضحاً ان «هذه صورة لهم وهم في مدرسة (الفلاحية) التي كانت اول مدرسة نظامية في أبوظبي، وكانت تماثل في بساطتها بيوت أهالي المدينة في ذاك الوقت». 

معتبراً أن الجيل الذي عاش في الفترة قبل 1971 هو الأكثر تقديراً لكل ما يتم انجازه من عمل وتقدم في الدولة اليوم، لأن هذا الجيل عايش الظروف الصعبة والحياة الشاقة التي كانت سائدة في المنطقة قبل اكتشاف النفط وقيام الاتحاد وبناء دولة حديثة. ويطلق عليهم «الدهريين» أي الذين عايشوا فترتين مختلفتين، أما الجيل الذي ولد بعد 1971، فاعتاد الحياة السهلة والتطور السريع ومظاهر المدنية والرفاهية التي تتميز بها دولة الإمارات، ولذلك لا يشعر بقيمة ما يتم مثل الجيل السابق له.

عن العلاقة التي ربطت المعفول له الشيخ زايد ووالده عبدالجليل الفهيم، قال د.عبدالله الذي عمل كقائد للقوات الجوية الإماراتية قبل أن يتقاعد: «كان الوالد قريباً جداً من الشيخ زايد، فكانت تربط بينهما علاقة صداقة وعشرة عمر قوية جداً واحترام متبادل، خصوصاً أن الشيخ زايد كان يحب ان يستمع إلى الوالد وإلى آرائه، وهناك العديد من الصور التي تعكس ملامح من العلاقة بينهما سواء خلال العمل والإشراف على بناء أبوظبي الجديدة، أو في رحلات الصيد والقنص، او في أوقات الراحة والاسترخاء. وبالنسبة لي كنت حاضراً في جانب كبير من لقاءاتهما وجلساتهما، ومنهما تعلمت الكثير واكتسبت خبرة وعلماً ليس من السهل اكتسابهما.

تويتر