سميرة أحمد الفن.. والأسرة خط أحمر
استطاعت الفنانة الإماراتية سميرة أحمد، التوفيق بين عوالمها الخاصة والفن، رافعة شعار «الفن وحده لا يكفي»، على خلاف كثير من الفنانات. سميرة أحمد، أو كما يحلو للمقربين لها مناداتها في الوسط الفني (أم أحمد)، تمكنت من التوفيق بين الاحتفاظ بتواجد قوي ومهم في الدراما الإماراتية والخليجية، تلفزيونياً ومسرحياً، في الوقت الذي ظلت الأسرة بالنسبة إليها خطاً أحمر، لا تقبل أن تُقصر تجاه مسؤولياتها، ورغم أعباء التصوير إلا أنها تسعى دائماً إلى ألا يكون ذلك على حساب دورها أماً ترعى شؤون بيتها وأسرتها.
أكبر الظن أن تقدم فنانة ربة بيت استقالتها من عملها، كي تسطيع أن تجابه تحديات التنسيق بينهما، لكن (أم أحمد) تحدت نفسها، واستمرت في عملها بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع لسنوات طويلة، ووصلت إلى منصب نائب رئيس قسم المسرح، الذي يتولى رئاسته الفنان حسن رجب. وعندما رأت (أم احمد) بعد مسيرة من العطاء أن تقدم استقالتها من «الثقافة»، ظلت تلبي مهمات متعددة على نحو تطوعي، واستدعى بعضها السفر إلى الخارج، ضمن بعثات رسمية، ضمّت فنانين إماراتيين لملاقاة المواطنين الذين يخضعون للعلاج خارج الدولة، وكان يرافقها في تلك الرحلات الفنانون: حبيب غلوم، ورزيقة طارش، وأحمد الجسمي.
لم تقع الفنانة القديرة طوال مسيرتها، في خصومة مع من قد يصنفن أنفسهن أنهن منافسات لها، وفي الوقت الذي بدا فيه أن عدداً من الفنانات أصبحن في عداوة شخصية امتدت إلى ساحات الإعلام، فإن سميرة أحمد ظلت بمنأى عن ذلك، بل راحت تستثمر فرص التهدئة دائماً بين الجميع. ويسجل لها في هذا الصدد تفاعلها الدائم مع «الإمارات اليوم» حينما يكون الأمر متعلقاً بمبادرة إنسانية أو مجتمعية، منها حاجة الممثل الإماراتي خالد العبدولي صاحب شخصية «شحمان» للعلاج بالخارج وعجزه عن تدبير نفقاته، قبل أن يتوفى، وغيرها. كما كانت الفنانة من أوائل الموقعين على مبادرة «أتعهد» الداعية لتجنب استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة.
دخول سميرة أحمد الفن كان عن طريق المصادفة، التي قادتها بعد ذلك لمشوار يمتد لنحو 35 عاماً، إذ يقع الفريج الذي كانت تسكن فيه بطفولتها بالقرب من جمعية الفنون الشعبية بمسرحها المفتوح، وكانت خلال عودتها من المدرسة تسمع أصوات الممثلين، ودفعها الفضول يوماً إلى دخول المسرح برفقة صديقتها لاكتشاف ما يجري. وعندما سال أحد المسرحيين عن رغبة إحداهما في التمثيل، بادرت بالموافقة فوراً، قبل أن يتحول الأمر إلى التزام بمواعيد «البروفات»، لتتحول ليلة عرض المسرحية إلى إعلان مولد موهبة جديدة. وتؤكد سميرة أحمد دائماً أنها لم تدخل المسرح يوماً ما من أجل الشهرة أو حتى المال، لكن المسرح في المقابل منحها الكثير، خصوصاً تعزيز دورها كامرأة، مضيفة: «وجدت صوتي مسموعاً اكثر من أي مكان آخر، وأستطيع أن أعبر عن قناعاتي،من خلال أعمال فنية ذات قيمة مؤثرة في المجتمع، لذلك تحول المسرح إلى فناني ذلك الجيل إلى بيت ثان لهم، يخصهم ويخصونه».
وتدين سميرة بالفضل خصوصاً إلى المرحلة التي تعاونت فيها بشكل أكبر مع مسرح الشارقة الوطني، وخصوصية تلك الأعمال التي اتجهت بها إلى مزيد من التمكن الفني، ثم سفرها للمشاركة في مهرجان قرطاج المسرحي، وخضوعها لدورة تدريبية للفنان جواد الأسدي، قبل أن تأتي مرحلة أخرى هي الزواج التي كادت توقف مشوارها الفني، لولا المساندة الأسرية التي لازمتها، خصوصاً من والدتها، حسب تأكيدها.
وبعد أن فُتح المجال للممثلين الإماراتيين للقيام بدور في العملية الإنتاجية من خلال مهام المنتج المنفذ، كانت سميرة أحمد من المسارعين لخوض التجربة مع مؤسسة دبي للإعلام، عبر ثلاثة أعمال مختلفة، سعت عبرها إلى إتاحة فرص مهمة لمواهب شابة، لكن المنتجة الحديثة التي أسست شركة «جرناس للإنتاج الفني» توقفت عن الاستمرار في التجربة بعد أن اصطدمت بعراقيل مالية جمة، وأصيبت بإحباط.
سميرة احمد الذي تُوج مجهودها بحصولها على جائزة الدولة التقديرية، فاجأت الجميع بإبداعها في مسلسل كوميدي اعتمد على نص جمال سالم، الذي أعاد أجواء الزمن الجميل، بلغة درامية حديثة، هو «زمان لول»، مؤكدة أن التكريم ــ وإن تكرر وعظم ــ لا يعني نقطة النهاية لإبداع ممثل يؤمن برسالته الفنية.