البلوغ المبكر.. احذروا الضغوط العصبية
تمثل مرحلة البلوغ فترة مملوءة بالاضطرابات بالنسبة للأطفال والآباء على حد سواء، إذ يعايش فيها الطفل مجموعة من التغيّرات الفسيولوجية المصحوبة بتغيرات نفسية وسلوكية، وأحياناً يحدث البلوغ بشكل سابق لأوانه، وفي بعض الحالات يرجع ذلك لأسباب مرضية، غير أنه في معظم الحالات لا يمثل مشكلة خطرة.
وأوضح مدير مركز التغيّرات الهرمونية لدى الأطفال والمراهقين في مدينة لوبيك الألمانية البروفيسور أولاف هيورت، أن «مرحلة البلوغ تبدأ لدى الفتيات قبل بلوغهن 11 عاماً بفترة قصيرة في المتوسط، بينما تبدأ لدى الفتيان قبل بلوغهم 12 عاماً بفترة قصيرة أيضاً»، لافتاً إلى أنه «توجد مساحة كبيرة من الاختلاف في هذا الأمر، ومن ثمّ يُمكن أن يدخل الطفل في مرحلة البلوغ قبل هذه المرحلة العمرية أو بعدها».
وأضاف هيورت أن هناك عوامل تتسبب في دخول الطفل مرحلة البلوغ المبكر كالجينات الوراثية مثلاً، فغالباً ما تبدأ هذه المرحلة مبكراً لدى الأطفال الذين حدث لآبائهم ذلك بشكل مبكر، فضلاً عن ذلك تعمل الظروف الحياتية كالوقوع تحت ضغط عصبي في محيط الأسرة مثلاً، وكذلك السلوك الغذائي على التأثير في توقيت بداية مرحلة البلوغ. وأضاف الطبيب الألماني أنه عادة ما تبدأ مرحلة البلوغ مبكراً لدى الفتيات اللائي يُعانين زيادة الوزن.
توقيت من المهم أن يعرف الآباء التوقيت الذي يُعتبر بداية مبكرة لمرحلة البلوغ ويُعد أمراً مرضياً يستلزم العلاج، لكن طالما أن عمر الفتاة تجاوز ثمانية أعوام وأن عمر الفتى تجاوز تسعة أعوام، فعادةً ما يكون دخولهم في مرحلة البلوغ أمراً طبيعياً. |
وأكدّ هيورت أنه من المهم أن يعرف الآباء التوقيت الذي يُعتبر بداية مبكرة لمرحلة البلوغ ويُعد أمراً مرضياً يستلزم العلاج، مطمئناً بقوله: «طالما أن عمر الفتاة تجاوز ثمانية أعوام وأن عمر الفتى تجاوز تسعة أعوام، فعادة ما يكون دخولهم في مرحلة البلوغ أمراً طبيعياً»، ولكن إذا بدأت مرحلة البلوغ لدى الطفل قبل إتمام هذه المرحلة العمرية، فيحذّر الطبيب الألماني من أنه عادةً ما يُوّصف الأطباء ذلك بأنه بلوغ سابق لأوانه، مشدداً: «من الأفضل أن يتم استيضاح سبب ذلك من الناحية الطبية».
وأوضح الطبيب الألماني أن الأمراض الجسمانية يُمكن أن تكون سبباً في حدوث البلوغ بشكل سابق لأوانه للطفل في بعض الأحيان، لاسيما إذا حدث ذلك للأطفال الصغار للغاية، لافتاً إلى أنه «غالباً ما يرجع ذلك إلى أن الإشارات المسؤولة عن إفراز هرمونات البلوغ في الجسم صدرت بشكل مبكر وسابق لأوانه لدى الطفل دون وجود سبب لذلك».
وأشار هيورت إلى أن إثقال كاهل الطفل بمثل هذه التغييرات الجسمانية في سن صغيرة يندرج ضمن مخاطر البلوغ السابق لأوانه، التي تستلزم الخضوع للعلاج، لافتاً إلى أن قصر القامة غالباً ما يكون إحدى المشكلات المصاحبة لهذا البلوغ.
وأوضحت اختصاصي علم نفس النمو كارينا فايشهولد من جامعة يينا الألمانية، أنه من الممكن أن يكون البلوغ المبكر مصحوباً بعواقب نفسية واجتماعية لدى المراهق، «فإذا أصبحت الفتاة الصغيرة مثلاً مثقلة بأعباء البلوغ كمكافحة الوزن الزائد في أماكن معينة من جسدها مثلاً على عكس صديقتها في المرحلة العمرية نفسها، سيعزز ذلك حينئذٍ فرص إصابتها ببعض المشكلات النفسية كتراجع ثقتها بنفسها أو دخولها في نوبات اكتئاب أو إصابتها باضطرابات الخوف». وتحذر طبيبة الأطفال والمراهقين إستر نيتشه من اللجوء للعلاج الهرموني بشكل مبكر.
وتواصل مديرة الجمعية الألمانية لطب أمراض النساء لدى الأطفال والمراهقات تحذيرها، قائلة: «يُعد إخضاع الطفل للعلاج الهرموني تدخلاً طبياً كبيراً في محتوى الهرمونات لديه»، لافتةً إلى أن حدوث البلوغ لدى الفتاة، حتى قبل بلوغها ثمانية أعوام، أو لدى الفتى قبل بلوغه تسعة أعوام لا يُعد دليلاً على دخول الطفل في مرحلة بلوغ مرضية، إنما يُعد فقط أمراً يستلزم الفحص والتوضيح.
وأكدت طبيبة الأطفال نيتشه أنه سواء كان البلوغ سابقاً لأوانه أو طبيعياً، فإنه يتسبب في معايشة الطفل لمجموعة من التقلبات المزاجية والنفسية التي تتبدى للمحيطين به من خلال تصرفاته وسلوكياته الغريبة الأطوار، مشيرةً إلى أنه في حال البلوغ السابق لأوانه يزداد خطر تعرض الفتيات للاستغلال الجنسي في الوقت الذي يكون الآباء غافلين عن مثل هذا الخطر.