قرار استبعاد العامية في «دبي للشباب» دعّم حـضورها

«الفصحى».. تثير الجدل على المسرح الإماراتي

صورة

كثيراً ما كان القصور في التعامل مع قواعد اللغة العربية الفصحى سبباً في اشتعال الندوات التطبيقية لمسرحيات إماراتية عديدة، لدرجة أن جانباً من تلك الندوات شهد انسحاب البعض من المناقشة، بسبب ما اعتبروه تجنياً على «لغة الضاد»، وهو ما حدث في الدورة قبل الماضية لمهرجان دبي للشباب، واضطرت هيئة دبي للثقافة حينها إلى إصدار بيان لتوضيح الموقف.

ويتعاضد الاهتمام بحضور «العربية» على المسرح مع توصيات عديدة من المؤتمر الدولي للغة العربية الذي استضافت دبي دورته الثانية، وكذلك لجنة تحديث تعليم اللغة العربية التي أمر بتشكيلها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بالعمل على أن تكون «اللغة العربية لغة حياة»، فيما أنتجت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع مسرحية توعوية بالتعاون مع جمعية حماية اللغة العربية بعنوان «الماء لغة فصيحة».

وأصبح مهرجان دبي لمسرح الشباب نفسه، أكثر الداعمين لحضور الفصحى على الخشبة، باتخاذه خطوات تدريجية واضحة في هذا الاتجاه، بدأت بالتوصية باعتماد «الفصحى» لغة إبداع مسرحياته، وليست العامية بألوانها، ثم التنويه بأن لجنة التحكيم سوف تنحاز أكثر إلى تلك الأعمال التي تتمسك بسلامة الفصحى عن غيرها.

وأخيراً اتخذت هيئة دبي للثقافة التي يترأسها سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، قراراً ملزماً بأن تكون الأعمال المقدمة للمهرجان باللغة الفصحى، وليس غيرها، ما يعني أن الدورة المقبلة التي ستنطلق خلال الشهر المقبل، سوف تضرب موعداً جديداً على خشبة المسرح الإماراتي تتسيده «اللغة الفصيحة» لأول مرة.

ومع وجود ميراث هائل من الأعمال المسرحية الإماراتية باللهجة العامية، بعضها نجح في اقتناص جوائز خليجية وعربية، مثل مسرحية «السلوقي» التي كُتبت بلهجة موغلة في الشعبية، أو «حبة رمل» لناجي الحاي التي مثلت الدولة في مهرجان طرطوشة الدولي بإسبانيا، فإن البعض يخشى ان يدفع حضور العربية إلى تواري مبدعين وانحسارهم عن المشهد المسرحي الإماراتي، لا سيما أن هناك ندرة بالأساس في إبداع نصوص مسرحية جديدة سواء بالعامية أو الفصحى.

ورغم أن الشباب الإماراتي نفسه تألق كثيراً مع أعمال بالفصحى، وبعضهم مثل حسن يوسف وإبراهيم استادي كممثلين، وطلال محمود مؤلفاً، أسهمت الأعمال الفصيحة في مزيد من تفجير مواهبهم، إلا أن الكثير من هؤلاء الشباب لايزال يتهيب فكرة سيادة الفصحى، وهو ما يفسر تراجع عدد المسرحيات المشاركة في الدورة المقبلة في مهرجان دبي لمسرح الشباب إلى خمسة اعمال فقط.

ويرى مخرج مسرحية «الدومينو» التي ينتجها مسرح دبي الأهلي للمشاركة في المهرجان، مروان عبدالله أن «قطاعاً كبيراً من الشباب ليس مستعداً لهذا القرار الذي فوجئ به الكتاب والممثلون، فكانت المحصلة هي اختفاء العديد من الأسماء التي لا تعرف متنفساً سوى الإبداع على الخشبة، في توقيت شحت فيه النصوص الجيدة، سواء بالفصحى او العامية».

مدير الفنون الأدائية بهيئة دبي للثقافة والفنون ياسر القرقاوي، الذي ينتمي بالأساس للساحة المسرحية المحلية، فناناً وعضواً في مسرح دبي الشعبي، أكد قدرة الفنان الإماراتي عموماً، وقطاع الشباب بصفة خاصة على إدهاش الجمهور والنقاد والمتابعين بأعمال ذات مستوى فني متميز تنسجم مع القرار الجديد، مؤكداً أن «الهيئة» تدرجت في تنفيذه بدءاً من الحث على استخدام الفصحى، وصولاً إلى التوصية بذلك، ثم الإلزامية على مدار دورات متعاقبة. وأكد القرقاوي أن الإلحاح على أن تكون «الفصحى» حاضرة بقوة في المشهد المسرحي يأتي منسجماً مع الرؤية الاستراتيجية للدولة التي تعظم من مفهوم الهوية الوطنية، واعتبار «العربية» أحد اهم مقوماتها، وهو ما وجه بصدده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

ويرى رئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين إسماعيل عبدالله أن الدعم الاستراتيجي الذي يولي للعربية يجب أن يكون في أوضح صوره على المسرح.


توصية

المؤتمرات والدراسات المهتمة بحضور العربية أوصت بأن تكون اللغة العربية الفصحى هي وسيلة الإبداع الأساسية على حساب العامية، بما في ذلك خشبة المسرح، وقامت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع مع جمعية حماية اللغة العربية بإنتاج مسرحية توعوية بعنوان «الماء لغة فصيحة».

 

على حساب الكبار

الشباب الإماراتي وصل لأول مرة إلى تمثيل الدولة على حساب الكبار، عبر عمل مكتوب باللغة العربية الفصحى لطلال محمود هو «عنبر».

تويتر