«المسابقات الفنية» تتحدى الســـــياسة

بعد انقطاع أشهراً عدة؛ عادت برامج المسابقات والمواهب الفنية لتغزو الفضائيات العربية بقوة، إذ تعرض حالياً ثلاثة من هذه البرامج وهي «ستار أكاديمي» في موسمه التاسع، ويعرض مساء الخميس من كل أسبوع، و«ذا وينر» في موسمه الأول ويعرض مساء الجمعة، ثم «آرابز غوت تالنت» في موسمه الثالث ويعرض مساء السبت، وهو ما يعد هجوماً مكثفاً ربما تعانيه الأسر العربية لتزامنه مع عودة الدراسة، في الوقت الذي خلت فيه فترة الإجازة الصيفية من هذه البرامج بشكل كامل.

هذا الحضور القوي لبرامج المنوعات والمواهب، واهتمام الفضائيات والمشاهدين به، اعتبره كثير من المتابعين رد فعل طبيعياً لتشبع المشاهدين من السياسة وبرامج الـ«توك شوز» وغيرها من البرامج ذات الطابع السياسي، ورغبة كثير من متابعي الفضائيات في الهروب من ضغوط أحداث العنف والصراعات والمشكلات السياسية والاقتصادية التي يختنق بها المواطن العربي في حياته اليومية، ونسيان هذه المشكلات مع برامج ترفيهية تخفف عنه معاناته اليومية. ولعل هذا الرأي الذي شجع القائمين على البرامج الثلاثة على إطلاق برامجهم من دون خوف من تزامنها وما يمكن أن يسببه هذا الأمر من ضعف المشاهدة لهذا البرنامج أو ذاك، وهو ما يترتب عليه ضعف التصويت للمتسابقين، وكذلك ضعف حصيلة الإعلانات التي يسعى الكل للفوز بأكبر حصة منها.

خبر صادم

كان لخبر وفاة الطفل المصري محمد شريف الذي شارك في تجارب الأداء مع جده بعرض «الأرجل الذهبية» «أصداء واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد شكل الخبر صدمة لمتابعي البرنامج الذين فوجئوا عقب انتهاء فقرة محمد وجده، التي قدما فيها عرضاً لألعاب التوازن والسيرك حاز إعجاب لجنة التحكيم، بأسرة البرنامج تهدي الحلقة إلى روح محمد شريف. وسارعت المواقع الإلكترونية لمتابعة الخبر والكشف عن أسباب وملابسات الوفاة التي وقعت نتيجة حادث سيارة تعرض له الطفل أثناء توجهه لصلاة الفجر.

جماهيرية واسعة

تتمتع برامج المسابقات بجماهيرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبلغ عدد معجبي الصفحة الرسمية لبرنامج «آرابز غوت تالنت» عبر «فيس بوك» الأربعة ملايين معجب مع انتهاء الحلقة الأولى منه، ليكون بذلك من أوائل برامج التلفزيون العربيّة التي تكسر حاجز الأربعة ملايين معجب.

دخول ناعم

وصف الفنان ناصر القصبي انضمام الفنان أحمد حلمي إلى لجنة التحكيم في البرنامج بـ«الدخول الناعم»، وأن حضوره انعكس إيجاباً على اللجنة، مشيراً إلى أن انضمام شخص غير متجانس مع اللجنة كان من الممكن أن يضرب «عملها كله». من الناحية المهنية اعتبر القصبي أن حلمي «أهم كوميديان في مصر»، مثنياً على اختياراته لأفلامه وأناقة «أفيهاته» في أعماله بعيداً عن الابتذال والاستظراف.

ورغم تصنيفها برامج لاكتشاف المواهب، إلا أن لكل برنامج من البرامج الثلاثة شخصية مختلفة عن الآخر، فبرنامج «ذا وينر» الذي يعرض على قناتي دبي والحياة المصرية، يقوم على تنافس مجموعة من الأصوات المتميزة للفوز بمبلغ مالي كبير، معتمداً على تصويت لجنة تحكيم تضم 100 مختص في مجالات الموسيقى، إضافة إلى أحد نجوم الغناء.

أما برنامج «ستار أكاديمي» الذي أطلق موسمه التاسع مساء الخميس الماضي، بعد غياب عامين لأسباب إنتاجية، فيجمع بين 16 موهبة جديدة تتنافس ليفوز أحدها باللقب، وفق معايير متعددة لا تقف على الصوت فقط، لكنها تتضمن الحضور على المسرح والمظهر العام وغيرها من مواصفات النجومية. ورغم تغيير إدارة الأكاديمية، وما تردد عن رغبة قناة «سي بي سي» المصرية التي تعرض البرنامج مع «إل بي سي» اللبنانية في أن يخرج البرنامج في صورة أكثر محافظة بما يتفق مع عادات الاسرة العربية، إلا أن من الصعب الجزم بتخلي الاكاديمية عن طابعها المثير للجدل، الذي تميزت به على مدار مواسمها السابقة، خصوصاً أن بعض المتسابقين هذا العام يحملون شخصيات جريئة تبحث عن الشهرة ولفت الانظار بما يؤهلهم لان يكونوا مادة للجدل في يوميات الأكاديمية.

يظل برنامج «آرابز غوت تالنت» هو الاكثر اختلافاً بسبب طبيعة المنافسة فيه، التي تفتح المجال أمام المواهب العربية في مختلف مجالات الأداء والفنون، دون الاقتصار على الغناء فقط، بما يجعله يقدم للمشاهد توليفة غريبة من الفنون في كل حلقة تتنوع بين الغناء والرقص والتمثيل والاكروبات والعزف والقدرات غير المعتادة، مثل القدرة على الحساب أو القدرات الجسدية كأكل الزجاج أو غيره من المواد الخطرة وألعاب الخفة والاكروبات.

على مدى الحلقات الثلاث الماضية من البرنامج، كشف «آرابز غوت تالنت» عن عدد كبير من المواهب اللافتة التي قدمت تجارب أداء ذات مستوى مبهر، والجيد أن جزءاً كبيراً منها كان لأطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، مثل الطفلة المصرية نور عثمان، التي قدمت أغنية أشبه بالمونولوج وأظهرت خلالها قدرات تمثيلية وأدائية استثنائية، والسوري نائل طرابلسي الذي يعزف على البيانو، ويستطيع ان يعرف النوتة من دون النظر للبيانو خلال استماعه للعزف، وسنى ذبيان التي تمتلك قدرة حساب الأرقام بسرعة تنافس بها الحاسبات الآلية، وغيرهم كثير.

في موسمه الجاري؛ تميز «آرابز غوت تالنت» بروح جديدة طغت على لجنة تحكيمه، وأضفت على حضورها نوعاً من الحيوية والتجدد، بعد انضمام الفنان أحمد حلمي إليها، الذي بدا حريصاً من البداية على إيجاد هذا الفرق، وأن تكون له لمسة خاصة خلال حلقات البرنامج بـ«قفشاته» وتعليقاته الكوميدية، سواء مع اللجنة أو مع المتسابقين ليقترب منهم في كثير من الاحيان بتفاعله أو حتى بانتقاله إلى المسرح لتحيتهم أو تشجيعهم ومداعبتهم دون أن يتجاوز حد الفكاهة إلى السخرية منهم أو «التنكيت» عليهم، كما يفعل البعض في برامج أخرى، هذه الروح شجعت الفنان ناصر القصبي أيضاً على أن يخرج الفنان الكوميدي الذي بداخله، وانعكست هذه الحالة على عضوي اللجنة الآخرين الفنانة نجوى كرم التي حافظت على عفويتها وتعاملها الانساني مع المتسابقين، والإعلامي علي جابر الذي يبدو في الموسم الجاري أكثر مرونة في التعامل، بعد أن كان خلال الموسمين الماضيين من البرنامج يمثل «رعبا» لهم، لما كان يتسم به من جدية شديدة في التعامل وفي التعليق على الأداء. أيضاً شكل مقدما البرنامج ريا أبي راشد وقصي الخولي ثنائياً متجانساً أثناء الحلقات، وعكس حضورهما وأسلوبهما في التقديم الروح الشبابية.

هروب

الحضور القوي لبرامج المنوعات والمواهب،اعتبره كثير من المتابعين رد فعل طبيعي لتشبع المشاهدين من السياسة وبرامج «التوك شوز» وغيرها من البرامج ذات الطابع السياسي، ورغبة كثير من متابعي الفضائيات في الهروب من ضغوط احداث العنف والصراعات والمشاكل السياسية والاقتصادية التي يختنق بها المواطن العربي في حياته اليومية.

الأكثر مشاركة