«99 كائناً» لنديم كرم في أيام غاليري بدبي

ذكريات في الخزائن وغيوم مسكونة بالأحلام

صورة

يبتكر الفنان اللبناني نديم كرم عالماً من الأحلام، يبنيه فوق الغيوم، حيث اللعب والأطفال والذكريات. كل المشاعر التي يوجدها كرم في أعماله النحتية ومجسماته التي تتنوع بين الرصاص والستانلس ستيل، وكذلك الخشب في معرضه الذي افتتح أخيراً في أيام غاليري، تجعل سماءه مكتظة بالأحلام. يدعونا من خلال منحوتاته إلى التأمل في الغيمة التي يطرحها كوسيلة للنظر داخل الذات، وكذلك إلى وضع الروايات المحتملة لأشكالها المتحولة والمتبدلة في سيرها، علها تمكننا من ارتشاف القليل من السعادة عبر الهروب من الواقع إلى عالم خيالي ومثالي.

«99 كائناً يمكن أن يكونوا على غيمة» هذا العنوان الذي منحه الفنان لمعرضه الذي يستمر حتى 31 ديسمبر، يلفت من خلاله كرم مخيلة المشاهد على عالم مفتوح من الأحلام والذكريات الطفولية، اذ يأبى التخلي عن رموزه التي شبع بها مسيرته بالفن، والتي تنطلق من الطفل والطفلة اللذين يحلقان بفرح غامر وهما يمسكان ايدي بعضهما، وصولاً إلى الفيل والفراشات، ثم الألعاب التي حملتها كائناته. يشيد كرم عالمه الخاص، فيجرد الأعمال من الانتماء إلى المكان والزمان، لا بل من انتمائها إلى الكون كله ان صح التعبير.

عالم خاص

يشيد كرم عالمه الخاص، فيجرد الأعمال من الانتماء إلى المكان والزمان، لا بل من انتمائها إلى الكون كله إن صح التعبير. هذه الأعمال التي يخلق من خلالها دهشة متجددة لدى المتلقي تفصح عن أمنياته في سيطرة الخير داخل النفس البشرية والابتعاد عن كل مساوئ وسلبيات العالم المكتظ بالحروب والمثقل بلغة القتل.


رفوف الخزائن

ينقسم المعرض إلى ثلاثة أقسام، بداية مع اللوحات المطبوعة التي عددها 99، والتي عمد كرم إلى تفريغها عبر منحوتات خشبية بيضاء اللون تتدلى من السماء، جمع كلاً منها مع لعبتها. هذا المشهد الفانتازي في التعبير يثبت حرص كرم على إدخال المنحوتة إلى حياة الناس وإسكانها منازلهم، لا أن يتركها ضخمة مثبتة في الأماكن العامة. ثم يرتب الذكريات والأحلام على رفوف الخزائن.


التأمل في الغيمة

يدعونا من خلال منحوتاته إلى التأمل في الغيمة التي يطرحها كوسيلة للنظر داخل الذات، وكذلك إلى وضع الروايات المحتملة لأشكالها المتحولة والمتبدلة في سيرها، علها تمكننا من ارتشاف القليل من السعادة عبر الهروب من الواقع إلى عالم خيالي ومثالي.

هذه الأعمال التي يخلق من خلالها دهشة متجددة لدى المتلقي تفصح عن أمنياته في سيطرة الخير داخل النفس البشرية والابتعاد عن كل مساوئ وسلبيات العالم المكتظ بالحروب والمثقل بلغة القتل. تشكل المنحوتات ابتكار حالة جديدة أوسع من المحيط الواقعي، كما أنها لغة جميلة بعيدة عن كل أشكال التعصب.

ينقسم المعرض إلى ثلاثة أقسام، بداية مع اللوحات المطبوعة التي عددها 99، والتي عمد كرم إلى تفريغها عبر منحوتات خشبية بيضاء اللون تتدلى من السماء، جمع كلا منها مع لعبتها. هذا المشهد الفانتازي في التعبير يثبت حرص كرم على إدخال المنحوتة إلى حياة الناس وإسكانها منازلهم، لا ان يتركها ضخمة مثبتة في الأماكن العامة. ينتقل بعدها كرم إلى الستانلس ستيل فيجسد من خلاله المطر، ثم يرتب الذكريات والأحلام على رفوف الخزائن، لتشكل مشهداً عبثياً ومزدحماً باللحظات التي لا تنسى. هناك حيث البشر والكائنات التي تتجاور على رفوف الخزائن نقف امام مشهد يتفاوت بين السكون تارة والفوضى تارة أخرى، لتشكل هذه الأعمال اختصاراً للحياة التي لا يمكن ان تبنى الا من خلال التناقض.

وسط كل الأحلام والعبث الطفولي الذي يتأرجح على المنحوتات عبر الألعاب، لا يمكن أن يتخذ كرم دور المتفرج من المآسي التي ألمت بوطنه، أو التي تحدث في الأوطان العربية اليوم، فالسياسة لها حصتها على الرغم من كونها قد تكون لها غيمة الدخان الأسود المنبعث من الدمار. كما أنه عبر التشكيل جسد وللمرة الأولى بالأبيض والأسود بعض من مآسي الحروب، فصور الصواريخ التي تمر فوق الرؤوس وقصف الدبابات وحالات الفراق في الحرب لم تغب عن لوحاته، حيث كانت في هذا المعرض المساحة التي تثير علامات الاستفهام حول مصائرنا وأوجاعنا. ثم يتابع كرم صرخته من خلال منحوتة خشبية يتداخل فيها الجسدان مع بعضهما بعضا، فيبدو كأن أحدهما ظل للآخر.

التشكيل لم يعد هامشيا في اعمال اللبناني الذي عرف بكونه نحاتا يوازن منحوتاته بأسلوب يعتمد على الهندسة بشكل أساسي، فهو بات المجال الذي يترك لنفسه الفرصة للتعبير من خلاله عن مشاعره بصيغة أكثر مباشرة من خلال اللون. لهذا لم تعد اللوحات جانباً من المعرض، بل باتت تشكل جزءاً أساسياً منه. كما أنه يوجد من خلال الأكريليك عالما غريب الأطوار بين السلم والحرب ليؤكد وجوب معرفة وتحليل أحداث محيطنا.

القسم الثالث من المعرض هو الغيوم التي ملأها بحكايات وقصص الطفولة، وحدها حين تمطر ستملأ الأرض بالأحلام والفرح. أما الأسماء التي يمنحها كرم لأعماله فتفصح عن لغة سردية ومتسلسلة. لغة قد لا تخلو من المشاعر السلبية في بعض الأحيان، فالذكريات الجميلة لابد أن تبعث في النفس بعض المرارة او الأسى على انقضائها. الأعمال الشديدة الفرح والدهشة وكذلك التي تداعب المستحيل، لا يمكن أن تمر على المشاهد دون ان تترك لديه القليل من الحسرة. كل هذا الفرح والدهشة والحزن، يطرح سؤالاً واحداً على العالم أجمع، ماذا تختارون بين غيوم الدخان المتكونة من نار أو غيوم الفرح التي تزرع الأحلام؟ وقد تبقى داخلنا امنية أن تطفئ مياه الأحلام كل النار لتغيب الغيوم السوداء عن عالمنا.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/10/EAY_MA_0510_23_v1.jpg

تويتر