يشارك في مسابقة الأفلام الطويلة

فيلم عن السياحة والدم في البوسنة

صورة

«لهؤلاء الذين لا يبوحون بالحكايات» هو عنوان فيلم المخرجة البوسنية ياسميلا جبانيش، الذي يحكي قصة حقيقية تقترب إلى الحس الوثائقي أكثر منه إلى الدرامي، لكن الأحاسيس التي نقلت إلى المشاهد مزجت بين الدراما والتوثيق بشكل جعل المشاهد قريباً من الحكاية التي لم ترو إلا من خلال المصادفة، حين التقت جبانيش بالممثلة المسرحية الاسترالية كيم فيركو، صاحبة القصة وراويتها، التي اتفقت مع المخرجة، حسب ما قالته، لتحويل مسرحيتها إلى فيلم سينمائي. إذ تروي حكاية سائحة استرالية قررت قضاء فترة في البوسنة، وتحديداً بين البوسنة وصربيا في منطقة شينغراد الساحرة بطبيعتها التي لم تستطع محو آثار الدم عن جسرها الشهير في مجزرة ارتكبت بحق المسلمين، إضافة إلى فندقها الشهير المطل على مناظر خلابة، والذي شهد هو الآخر على اغتصاب نحو 200 امرأة مسلمة على مدى أسبوعين من قبل الصربيين وقتلهن.

هذا الفيلم الذي يعرض ضمن مسابقة الأفلام الروائية في الدورة السابعة من مهرجان أبوظبي السينمائي، يدور حول سؤال موجه إلى كاتب يشجع السياحة إلى يوغسلافيا السابقة، متمحور حول «كيف تخدع سائحاً في عدم كشفك المعلومات الحقيقية حول مكان ما، خصوصاً اذا كان هذا المكان ملطخاً بالدم؟»، لتكون الإجابة «لأنني أريد تشجيع السياحة ببساطة».

إجابة لم تقتنع بها السائحة الاسترالية التي تحولت سياحتها الترفيهية إلى سياحة استقصائية حول حقيقة المكان، وهي تبحث عن الوجوه وتسأل الناس «هل كنتم شهداء على القتل أم كنتم مشاركين فيه؟».

يبدأ الفيلم مع مشهد السائحة في غرفة تحقيق، حول السبب في وجودها وحملها كاميرا تصور كل شيء، وهي لا تجيب إلا بأنها سائحة.

وتعود المشاهد إلى الوراء إلى ستة أشهر ماضية، حين تقرر ممثلة المسرح الشهيرة أن تذهب في رحلة سياحية إلى مناطق مختلفة من يوغسلافيا السابقة، تصور كل شيء، والسبب في وجودها في مكان ما، هي مفعمة بالفرح، على الرغم من ملامح وجهها الحزينة، خصوصاً أنها عزباء ولم تحظ بحبيب، حسب ما قالته في أحد المشاهد، وهي تعتمد على كتاب سياحي لكاتب يعيش في البوسنة من أصول أميركية، وبناء على ذلك تضع حدود مسيرتها السياحية.

لا يتوقع المشاهد قصة الفيلم في المشاهد الأولى منه، خصوصاً أن التركيز يكون على المناظر الخلابة في البوسنة، وبعض المصنوعات اليدوية، ورجل يرقص بطريق لينة، كأنه لا عظام في جسده، إلى أن تقرر الذهاب إلى فندق له اطلالة خلابة، ومنذ ليلتها الأولى فيه تبدأ خيوط الحكاية.

فهي لم تستطع النوم، حاولت مراراً لكنها لم تستطع، وهذه الحالة أشعرتها بالريبة، وعادت إلى موطنها أستراليا، لكنها لم تنس ليلتها تلك، فعملت على البحث عبر المواقع الإلكترونية لتقصي معلومات عن الفندق، فاكتشفت أن هذا الفندق شهد اغتصاب 200 امرأة مسلمة من قبل الصرب، على مدى أسبوعين، وتم قتلهن بعد ذلك.

فتحولت قضيتها إلى البحث عن كاتب الدليل السياحي لأنه تسبب في خديعتها وجعلها تنام على فراش تم اغتصاب امرأة فيه، واستطاعت الوصول اليه في البوسنة، فصدمت بحجته الهزيلة «يكتب لتشجيع السياحة وليس لتخويف الناس».

لم تبتسم طوال هذه الرحلة، حاولت الحصول على إجابات من دون فائدة، حتى أن رجلاً كان يلاحقها، ذهب اليها وقال لها قصة ليس لها علاقة بواقع الدم المسفوك بأن الأتراك حكموا 500 عام واستبدوا بهم، وكأنه يبرر ما حدث من ردة فعل بحق نساء ورجال كل تهمتهم أنهم مسلمون.

تعاتب كل شخص يمشي في الشارع بنظراتها، وتسأل: هل كنت موجودا حينها، وإذا كنت موجوداً ماذا فعلت، هل لذت بالصمت أم لذت بالفرار أم كنت مشاركاً؟

بعد كل اليأس الذي أصابها، قررت العودة إلى الفندق الملطخ بصرخات نساء يغتصبن ودماء حتى لو ازيلت بمواد التنظيف فرائحتها تظل عالقة في الذهن، ليس لتحاول النوم مرة أخرى، بل لتضع باقة ورد ضخمة على فراش أحد الأسرة في الفندق، وترحل.

 

تويتر