لوحات تـفيض بفراشات تـتحدى الألم
سلسلة من الآلام والجراحات الخطرة قادت ولما بورتون إلى البحث عن العلاج بالفن حتى تستخدمه في تخفيف الآلام عن المرضى، وعقب دراسة وبحث استمر لما يقرب من 15 عاماً في هذا المجال، اتجهت بورتون إلى تطبيق أفكارها ونتائج دراستها في لوحات فنية تفيض بالفرح والبهجة، كشفت عن بعضها في المعرض الذي افتتح، مساء أول من أمس، في فندق الخالدية بالاس ريحان في أبوظبي، بعنوان «فن الشفاء»، ويستمر حتى الرابع من ديسمبر المقبل.
23 لوحة من أعمال بورتون تضمنها المعرض، وانقسمت إلى قسمين: الأول تضمن خمس لوحات كانت المرأة هي موضوعها الوحيد، وقصدت منها الفنانة، وهي فنزويلية من أصل لبناني وتقيم في أبوظبي منذ 2010، تقديم صورة للمرأة العربية أقرب للواقع تصحح بها الصورة النمطية لها لدى الغرب، بحسب ما أوضحت لـ«الإمارات اليوم»، معتبرة أن «صورة المرأة العربية المسلمة لدى الغرب تقتصر على كونها حبيسة العباءة السوداء، لكنني أردت في هذه اللوحات أن أكشف عما تخفيه العباءة، وأُظهر أن للمرأة العربية حياتها وذوقها وشخصيتها»، مشيرة إلى أن بعض هذه اللوحات عرض في المتحف العالمي للمرأة بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية.
لوحة للإمارات أنجزت الفنانة ولما بورتون لوحة مخصصة للإمارات احتفالاً باليوم الوطني الـ42، رسمت فيها فتاة ترتدي عباءة، وفراشة لونتها بألوان العلم الوطني، وقدمت اللوحة إلى مدير إدارة العقارات بالدائرة الخاصة لسمو الشيخ محمد بن خالد آل نهيان، منصور سليمان، عقب افتتاحه المعرض.
|
واحدة من اللوحات تحمل عنوان «الشقيقات الثلاث»، وتتصدرها ثلاث فتيات يرتدين ملابس طويلة محتشمة بألوان جميلة متناسقة، في إشارة إلى أن المرأة قد ترتدي العباءة السوداء طوال وجودها في الخارج، لكن هذا لا يعني أنها لا تمتلك ذوقاً رفيعاً، أو قدرة على اختيار ملابسها وفق الموضة.
الجزء الثاني من المعرض تضمن لوحات «الشفاء»، وهي لوحات تسعى من خلالها الفنانة إلى التأثير في حالة المتلقي النفسية وتحسينها، فالعلاج يمكن أن يكون نفسياً أو جسدياً.
وأوضحت بورتون أنها تعتمد في بعض لوحاتها على ثلاثة رموز، هي الفراشة والطاووس والطائر الطنان، لأنها كائنات ارتبطت بالسعادة والألوان والفرح، وعندما يراها المتلقي يشعر تلقائياً بالتحسن من دون وعي منه، كذلك تحمل هذه الكائنات رموزاً متعددة مثل الفراشة التي تعبر عن التحول؛ لأنها تتنقل بين أطوار متتالية لا يشبه بعضها بعضاً، فتبدأ دودة وتنتهي بفراشة متألقة تزهو بالألوان، وهي تغيرات قد تتشابه مع ما قد يمر به مريض السرطان عقب تعاطيه العلاج الكيماوي الذي قد يسبب تساقط الشعر، وغيره من تغييرات تؤثر سلبياً في نفسية المريض، أما الطائر الطنان فيرمز للتوازن، لأنه يستطيع الوقوف في الهواء من دون حركة، إلى جانب أنه دائم الغناء.
في الاتجاه ذاته استخدمت الفنانة قوس قزح في بعض لوحاتها، في إشارة إلى أنه بعد العواصف والأمطار يظهر قوس قزح بالألوان الجميلة المشرقة، كذلك الأمر بعد الأمراض والآلام يأتي الشفاء والأمل.
وفي لوحات أخرى اتجهت ولما بورتون إلى استخدام عناصر أخرى من الطبيعة، مثل الأزهار التي ترمز للسعادة والفرح، والأشجار التي تدل على النماء والعطاء. كذلك تلعب الألوان، بحسب الفنانة، دوراً مهماً في التأثير العلاجي في المتلقي، فالألوان القوية مثل الأحمر والأصفر والبرتقالي تستخدم لتمنح المتلقي الطاقة والقوة والحيوية، في حين يحتاج المريض الذي يعاني من توتر عصبي وضغوط نفسية إلى ألوان هادئة مثل الأزرق والأخضر. ويساعد اللون البنفسجي على زيادة الطاقة الروحية لدى الإنسان، ومنحه حالة من الصفاء النفسي، واللون الزهري يساعد على الإبداع والإلهام.
من جانبه، اعتبر مدير عام فندق الخالدية بالاس ريحان، مارك تمبرل، أن استضافة مثل هذه المعارض تتوافق مع اهتمامات الفندق، وسعيه لتقديم أعمال وأنشطة مختلفة، بعيداً عن الروتين وضغوط الحياة الرسمية.
«الحديقة السحرية»
اعتمدت بورتون في لوحاتها على حشد عدد كبير من الرموز، وعناصر الطبيعة، التي تتداخل معاً بالألوان المتألقة والمتنوعة، وتقصد بذلك جذب انتباه المريض إلى اللوحة، ومحاولة اكتشاف ما بها من عناصر، وتالياً تشتت تركيزه، وتبعده عن التفكير في الألم الذي يعانيه، ولو لبعض الوقت، كما في لوحتها «الحديقة السحرية» التي تتزاحم الفراشات والطيور والأزهار في الجزء السفلي منها، بينما يبدو من بعيد في الجزء العلوي من اللوحة المحيط يعانق السماء بالألوان التي تمنح النفس الراحة والهدوء والاسترخاء.
وذكرت بورتون أن استخدامها للون الذهبي في معظم لوحاتها يمنحها لمسة سحرية، ويذكر المتلقي بعوالم الساحرات والجنيات الطيبات.
معارض
ولما بورتون فنانة فنزويلية من أصل لبناني متخصصة في مجال فن الشفاء، وانتقلت من لوس أنجلوس إلى أبوظبي عام 2010، حيث أسست استوديو لمواصلة مهنتها في مجال الفنون في الإمارات.
وشاركت بورتون في معرضين من المعارض الفنية في كليفلاند كلينك أبوظبي وفي معرض بدبي.
كما شاركت أيضاً في المعارض الفنية الدولية مثل كازا Battlo المرموقة في برشلونة، إسبانيا في أبريل الماضي.