رحيل «نجم» الفقراء
رحل «سفير الفقراء»، الشاعر أحمد فؤاد نجم، صباح أمس، في القاهرة، بعد حياة تضج بالشعر والسياسة والفقر والسجن، وكان مع الشيخ إمام ثنائياً استثنائياً، في الكلمة واللحن. وبرحيل نجم فقدت الأمة العربية واحداً من أهم شعراء العامية، وأكثرهم جرأة وصراحة. رحل الشاعر بعد مسيرة شعرية ونضالية طويلة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، ليلتحق بتوأمه الإبداعي والاحتجاجي الشيخ إمام، الذي توفي في السابع من يونيو 1995.
وأوردت وكالات الأنباء والصحف والمواقع الإلكترونية نبأ وفاة نجم، الذي ولد في 23 مايو 1929، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى «بيت عزاء» منذ نشر خبر وفاة الشاعر، الذي يعد أحد أبرز ثوار الكلمة في الوطن العربي.
تشييع من «الحسين» شُيع بعد ظهر أمس جثمان أحمد فؤاد نجم، إلى مثواه الأخير، عقب أداء الصلاة عليه في مسجد الحسين بالقاهرة. وشارك مئات من المواطنين والمثقفين والفنانين في تشييع جثمان نجم، إذ احتشد المشيعون خارج مسجد «الحسين» في منطقة القاهرة القديمة. |
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن الناشر محمد هاشم، أن «الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، توفي فجراً في منزله بالمقطم». وأضاف هاشم، وهو صديق الشاعر، «سيتم تحديد مكان العزاء في وقت لاحق».
كان نجم عبر في برنامج «الشارع العربي» على تلفزيون دبي في أبريل الماضي، عن رغبته في أن يكون رئيساً لمصر، وفي معرض رده على سؤال حول مدى إمكانية ذلك، رد متمنياً، ومضيفاً «سأحول مصر إلى حديقة، وما سأفعله هو إطلاق يد الشعب للإبداع». ووصف ثورة 25 يناير في مصر بأنها «ثورة لم تكتمل، إنما كانت مجرد تمرين في انتظار ما هو آتٍ».
بدأ نجم كتابة الشعر في الخمسينات، وعرف في مصر في الستينات بقصائده السياسية النقدية المرتكزة على حس اجتماعي عميق تجاه الحرية والعدالة الاجتماعية، ما ادى الى اعتقاله اكثر من مرة.
وأصبح من اهم الظواهر الشعرية السياسية بعد لقائه مع الملحن والمغني الراحل الشيخ إمام عيسى، وأصبح الاثنان معاً من اهم ظواهر تظاهرات الطلبة في الجامعات المصرية مطلع السبعينات، إذ ان اغانيهما انتشرت في الوسط الطلابي، وكان لها دور كبير في انتفاضة 19 يناير 1979، التي اطلق عليها الرئيس السادات اسم «انتفاضة الحرامية»، في حين أنها كانت انتفاضة من أجل الخبز والحرية.
واتسع نطاق شهرة الثنائي نجم وإمام في الوطن العربي وأصبحا معروفين لدى أغلبية الشباب حتى ان شهرتهما في البلاد العربية كانت اكثر اتساعاً منها في بلدهما مصر.
ولد أحمد فؤاد نجم عام 1929، في قرية كفر أبونجم بمحافظة الشرقية. وفي عام 2007 اختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر، التابع للأمم المتحدة سفيراً للفقراء.
كما فاز بالجائزة الكبرى لمؤسسة الأمير كلاوس للثقافة والتنمية الهولندية، تقديراً لتأثيره الكبير في اجيال عدة مصرية وعربية، وكان يفترض ان يتسلمها في 10 ديسمبر الجاري.
وقالت المؤسسة الهولندية، ان «منح الشاعر هذه الجائزة يأتي تقديراً لمساهماته وأشعاره باللهجة العامية المصرية، التي ألهمت ثلاثة اجيال من المصريين والعرب، فقد تميزت قصائده بحس نقدي ساخر، وبتأكيدها على الحرية والعدالة الاجتماعية». واستطاع نجم من خلال شعره السياسي ان يسخر من السلطة والنخب السياسية في مصر بمفردات شعبية بسيطة، وبسبب ذلك سجن مرات عدة.
الصوت العفي
نعى الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، الشاعر الكبير، الذي «أثرى الحياة الثقافية المصرية بأشعاره العامية، التي عبرت عن الروح المصرية الأصيلة، ووقفت ضد الظلم والطغيان على مر العصور»، كما جاء على موقع التلفزيون المصري. وقال العربي، إن نجم «سيظل علماً من أعلام شعراء العامية المصرية، ورمزاً للنضال والكفاح على مر الأجيال».
وكتب مؤسس التيار الشعبي المصري، حمدين صباحي، عبر حسابه على موقع تويتر «عمال وفلاحون وطلبة.. يودعون اليوم صوتهم العفي النقي الجسور.. وداعاً شاعر الشعب أحمد فؤاد نجم».
«صور من الحياة والسجن»
استطاع أحمد فؤاد نجم من خلال شعره السياسي أن يسخر من السلطة والنخب السياسية في مصر بمفردات شعبية بسيطة، وبسبب ذلك سجن مرات عدة.
وخلال فترة سجنه اصدر أول ديوان شعري له بعنوان «صور من الحياة والسجن»، من خلال مشاركته في مسابقة كان ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الأدب والفنون، وتبنته الكاتبة المصرية سهير القلماوي، وبعد خروجه من السجن أصبح من شعراء الإذاعة المصرية.
وردد آلاف المتظاهرين كلماته في ميدان التحرير والميادين المختلفة في انتفاضة 25 يناير 2011، التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك، وبعد ذلك في 30 يونيو، التي أسقطت حكم الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي.