نحافة الطفل.. لا تستدعي القلق
بينما يعاني أطفال كثيرون زيادة الوزن، يعاني آخرون نقصانه بشكل كبير، وترجع مشكلة نحافة الأطفال إلى أسباب عدة، قد تكون وراثية أو مرضية أو تتعلق بالعادات الغذائية للطفل. وذكر خبراء ومختصون أن حافة الطفل مشكلة لا تستدعي القلق، إذا لم تكن ترجع إلى إصابة الطفل بمرض حقيقي، مؤكدين أنه ببعض السبل البسيطة يُمكن للآباء التغلب على هذه المشكلة.
لا لزيادة الكمية حذر اختصاصي الطب الغذائي وطبيب الأطفال توماس كاوت الآباء من زيادة كمية الطعام أو عدد الوجبات لطفلهم، مؤكداً أنه من الأفضل أن يستبدلوا الأطعمة قليلة السعرات الحرارية بأخرى تحتوي على كمية كبيرة من الطاقة من خلال تقديم الزبادي كامل الدسم مثلاً للطفل بدلاً من الزبادي قليل الدسم، والاهتمام بتقديم نظام غذائي متوازن يقوم على مبدأ التنوع. ورأى كاوت أنه من المهم أن يشعر الطفل بالسعادة أثناء تناول الطعام بدلاً من أن يضعوه تحت ضغط الالتزام بتناول وجبته بالكامل، كما ينبغي أن يعمل الآباء على تحديد مواعيد ثابتة للوجبات، بحيث تجتمع الأسرة كلها لتناول الطعام، إذ يُساعد ذلك بشكل كبير على تحفيز الطفل على تناول الطعام. وأشار إلى ضرورة أن تتاح للطفل فترات راحة من تناول الطعام تراوح بين ثلاث إلى أربع ساعات، إذ يسهم ذلك في تحفيز الشعور بالجوع لدى الطفل. |
وأوضحت خبيرة التغذية الألمانية سيلفيا بيكر بروبستل أنه عادةً ما ترتبط بداية مشكلة نحافة الأطفال، لاسيما في مراحل عمرية كبيرة، بالإصابة بأحد اضطرابات الطعام بصفة خاصة كفقدان الشهية العصبي مثلاً، الذي يزداد معدل الإصابة به في المرحلة العمرية المتراوحة بين 11 و12 عاماً، لاسيما الفتيات المراهقات إذ تزداد لديهن الرغبة في الحفاظ على رشاقتهن.
وتُطمئن الخبيرة بأنه ليس بالضرورة أن تُعزى نحافة الطفل إلى أسباب مرضية، إذ تلعب العوامل الوراثية والهرمونية دوراً في تحديد شكل الجسم ووزنه. وأضافت «هناك أسر تتمتع بطول القامة ورشاقة القوام ومسار نمو طبيعي في الوقت ذاته»، لافتة إلى أن هناك العديد من العوامل المؤثرة في الوزن، لاسيما هرمونات الغدة الدرقية التي يُمكن أن تؤثر بشكل كبير في وزن الطفل، بزيادته أو نقصانه. وتندرج الحالة المزاجية للطفل والبيئة المحيطة به ومعدل ممارسته للأنشطة الحركية، وكذلك السلوك الغذائي للأسرة بأكملها أيضاً ضمن العوامل المؤثرة في وزن الطفل.
وحتى إذا تناول الطفل كميات أقل من الطعام عن غيره، أكدت بروبستل أنه لن يؤدي ذلك بالضرورة إلى إصابته باضطرابات في النمو، لأن العوامل الوراثية والهرمونية لدى كل إنسان تلعب دوراً كبيراً في السلوك الغذائي لديه أيضاً.
وأوضحت أنه «يُمكن أن يختلف معدل الاستقلاب الأساسي، الذي يُشير إلى مدى الاحتياج اليومي للطاقة في حالة السكون، وفقاً لعملية التمثيل الغذائي لدى طفلين يتمتع كل منهما بصحة جيدة ومتطابقين في الوزن والطول، بمعدل يصل إلى 300 سعر حراري».
وينبغي على الآباء الأخذ في اعتبارهم أن هناك اختلافات في السلوك الغذائي بين طفل وآخر، وعليهم أيضاً تحمل هذه الاختلافات وتقبلها، إذ يوجد مثلاً أطفال يتوخون الحذر عند تناولهم الطعام، بينما يوجد آخرون لديهم مذاق خاص في تناول الأطعمة ويُفضلون إضفاء مذاقهم هذا عليها. من جانبه، طمأن رئيس قسم طب الأطفال والمراهقين بالمستشفى الإنجيلي بالعاصمة برلين، فرانك يوخائيم، الآباء بأنه لا يوجد أي داع للقلق على الإطلاق من نحافة طفلهم، طالما أنه لا يُصاب بالأمراض بصورة متكررة ولا تظهر عليه تغيرات سلوكية. وإذا ساور الآباء قلق بأن نحافة طفلهم ربما تجاوزت الحد الطبيعي، ينصحهم الطبيب الألماني بإخضاع الطفل حينئذٍ للفحص لدى طبيب أطفال مختص للحسم في هذا الأمر، مؤكداً أنه من الأفضل استشارة الطبيب الذي يعرف الحالة الصحية للطفل منذ فترة طويلة.
وأردف «لا يُمكن الحسم فيما إذا كان وزن الطفل أقل من المعدل الطبيعي أم لا بالعين المجردة فحسب، ويُمكن التحقق من ذلك فقط من خلال حساب العلاقة بين الطول والوزن لدى الطفل، أي مؤشر كتلة الجسم لديه، ومقارنة هذه البيانات بالقيم الطبيعية لأقرانه في المرحلة العمرية نفسها».
وأكد أن وجود اختلاف بين الأطفال في هذا الشأن يُعد أمراً طبيعياً تماماً، لافتاً إلى أنه يُمكن اعتبار وزن الطفل أقل من المعدل الطبيعي، إذا ما نقص بشكل واضح عن أقرانه في المرحلة العمرية نفسها.
وشدد يوخائيم على أنه يجب أيضاً أن يتم أخذ مسار نمو الطفل بشكل عام منذ ولادته وأسلوب حياته الحالي في الاعتبار، لأنه إذا كان وزن الطفل يراوح دائماً في المعدلات الأقل من الوزن الطبيعي وكان مسار نموه في هذا الاتجاه على الدوام، فربما تكون النحافة لديه أمراً مرتبطاً بطبيعة جسمه وبالعوامل الهرمونية والوراثية لديه. أما إذا نقص وزن الطفل عن المعدلات المعهودة به بشكل شديد أو مفاجئ، فيُحذر الطبيب الألماني من إمكانية أن يرجع ذلك حينئذٍ إلى الإصابة بمرض حقيقي يستلزم استشارة الطبيب.