عيد الثور.. احتفالات تغلفها الأساطير
تشتهر البرازيل بشغفها الكبير بكرة القدم، وولعها الشديد بالرقص والاحتفالات، إضافة إلى شواطئها الساحرة. وتجسد جزيرة «توبينامبارانا» بنهر الأمازون كل هذه الصفات؛ حيث تشتهر الجزيرة بالمهرجانات الراقصة التي تغلفها الأساطير والخرافات، وعلى رأسها عيد الثور، كما أنها تزخر بطبيعة خلاّبة تأسر الألباب. وعادةً ما تكون الأجواء هادئة للغاية في جزيرة «توبينامبارانا»، لكن الوضع يبدو مختلفاً خلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو، حيث يتزاحم سكان الجزيرة، البالغ عددهم 100 ألف نسمة، في طوابير لا نهاية لها بشوارع المدينة، التي تعد ثان أكبر المدن في ولاية أمازوناس، وتتوجه هذه الحشود الضخمة إلى استاد بومبودرومو، الذي سيشهد إقامة مباريات كأس العالم لكرة القدم 2014.
ولا تتوجه هذه الأعداد الغفيرة من الجمهور إلى الاستاد لمشاهدة مباراة كرة قدم بين فريقين، بل للمشاركة في الاحتفالات التي تتم في بارينتينز منذ 100 عام، والتي تعرف باسم عيد الثور (بوي بومبا). وقد نقل المهاجرون هذه الاحتفالات معهم بعد انتقالهم إلى منطقة الأمازون، بسبب الجفاف الكبير الذي ضرب شمال شرق البرازيل.
غابة مطيرة يوضح نيلسون ميندوكا لمحة سريعة عن هذا التنوع البيولوجي أثناء جولته بالسياح خلال الغابة المطيرة، التي تحولت أمام السياح من جميع أنحاء العالم إلى حديقة حيوان، كما تعد الغابة المطيرة في الوقت نفسه بمثابة صيدلية كبيرة مفتوحة، إذ تعمل بذور الكومارو على علاج حالات الإسهال، ويمتاز لحاء أشجار باراناوبا بتأثيرات وقائية، إضافة إلى أن لحاء أشجار الأمابا يساعد على علاج اضطرابات المعدة، وتعمل مادة الكينين بنبات كافيرانا على إيقاف الملاريا. طيور أثناء تجول المجموعة السياحية على طرق طويلة متعرجة، وقفت مجموعة من طيور الطوقان تراقب هؤلاء الدخلاء. وأخرج المرشد السياحي نيلسون بواسطة عصا بعض النمل الضخم من الحفرة، الذي يظهر بحجم أكبر من الضفادع الصغيرة المجاورة لها في هذا المشهد الطبيعي البديع. |
وتحكي الأسطورة أن كاترينا، زوجة أحد عمال المزرعة، كانت حاملاً، واشتهت تناول لسان ثور، فما كان من زوجها فرانسيسكو إلا أن قام بذبح ثور صاحب المزرعة، الذي علم بهذا الأمر. وكي يفلت عامل المزرعة من العقاب طلب من أحد الكهنة إعادة إحياء الثور مرة أخرى، وعندما تحقق ذلك احتفلت المدينة بأكملها بعيد الثور، ولاتزال هذه الاحتفالات تقام في بارينتينز حتى الآن. ومع مرور الأيام لم تعد الاحتفالات تقتصر على الرقص والغناء، لكنها تحولت إلى مهرجانات حقيقية تزخر بالعديد من الفعاليات الفخمة والأنشطة المبهجة.
ويظهر استاد بومبودرومو ممتلئاً عن آخره بالجمهور، إذ جلس كل متفرج على مقعده منذ ساعات طويلة في الاستاد الذي يسع نحو 20 ألف متفرج. ولاتزال هناك محاولات لإدخال أعداد أخرى من الأشخاص الراغبين في المشاركة في الأجواء الاحتفالية التي بدأت تشتد، وتم تقسيم الزوار إلى فريقين؛ الفريق الأول باللون الأحمر والثاني باللون الأزرق. وكما هي الحال في مباريات كرة القدم، يقوم الجمهور بتشجيع الفريقين أثناء المنافسات المستوحاة من قصة كاترينا وزوجها فرانسيسكو. وفي ذلك المساء، حصل الفريق الأحمر أولاً على فرصته لإقناع المحلفين برؤيته أحداث القصة، وظهر المئات من قارعي الطبول بملابسهم ذات الألوان الزاهية، وهم يقومون ببعض الضربات الإيقاعية التي تصم الآذان، في موكب يضم ما يصل إلى 3500 من الراقصين والموسيقيين والمغنين والممثلين، الذين سيملأون ساحة الملعب خلال الساعتين والنصف التالية بالرقص والموسيقى، ودائماً ما تتغير صور المسرح الكبير والمشاركين في هذه العروض الاحتفالية الضخمة. ويعتمد مهرجان بارينتينز على عناصر فلكلورية من ماضي البلاد، مثل الخرافات والأساطير، حتى إذا كانت قصة الثور تعد بمثابة الخيط الأحمر الذي تنسج حوله بقية العروض والفعاليات بالكامل، ودائماً ما تظهر على المسرح دلافين المياه العذبة في منطقة الأمازون. وهناك أسطورة تحكي أن هذه الدلافين تتحول ليلاً إلى رجال بمظهر حسن، ويحاولون إغواء الشابات.
وتقدم الفرق المشاركة في هذا المهرجان أسطورة الثعبان الضخم أناكوندا، إذ يقوم الكاهن بانتزاع حاسة البصر وقوة هذا الثعبان لتوفير الحماية للسكان، لكن هذه الأعمال قد تجلب معها خطر الطوفان الكبير. وبطبيعة الحال تكثر مشاهد الرقص ذات الألوان المشرقة والزاهية، التي تظهر بها الأسماك والصيادون والقوارب بمختلف أشكالها وأحجامها. وبعد خمس ساعات تقريباً من الرقص والغناء وصلت الاحتفالات إلى نهايتها، ولم يدرك الكثير من المتفرجين أي الفريقين نال نقاطاً أكثر، من فرط الإجهاد التي تعرضت له الحواس المختلفة، خصوصاً إذا لم يعثر المتفرج على مقعد ليستريح عليه خلال هذه العروض الاحتفالية.
دولفين
يعتمد مهرجان «بارينتينز» على عناصر فلكلورية من ماضي البلاد، مثل الخرافات والأساطير، حتى إذا كانت قصة الثور تعد بمثابة الخيط الأحمر الذي تنسج حوله بقية العروض والفعاليات بالكامل، ودائماً ما تظهر على المسرح دلافين المياه العذبة في منطقة الأمازون، وهناك أسطورة تحكي أن هذه الدلافين تتحول ليلاً إلى رجال بمظهر حسن ويحاولون إغواء الشابات.
يشهد مهرجان بارينتينز محاكاة للأساطير القديمة، مثل دلافين المياه العذبة التي تتحول ليلاً إلى رجال لإغواء الشابات. د.ب.أ
طبيعة ساحرة
في طريق العودة إلى مدينة ماناوس تتبدى للسياح طبيعة ساحرة؛ إذ إنهم يمرون على عوالم لا نهائية من البيئات المائية، إذ لاتزال الفيضانات تغطي مساحات شاسعة من الأقاليم المتاخمة لنهر الأمازون، بسبب الأمطار الموسمية. وعلى الرغم من قطع وحرق وجرف الكثير من المساحات، إلا أن العلماء وثقوا ملايين الأنواع من الحشرات، إضافة إلى الطيور و420 نوعاً من الثدييات والأشجار.
الغابات المطيرة بمنطقة الأمازون تمتد على مساحات شاسعة. د.ب.أ