النوارس.. في رحلة الشتاء والصيف
تقطع طيور النورس في طريق وصولها إلى سواحل الإمارات ما يقارب 5000 كيلومتر، تاركة مواطنها في مناطق بعيدة، مثل سيبيريا أو شرق آسيا، بحثاً عن الشمس والدفء. وتبدأ أول اسراب النورس التي عرفت محلياً بـ«الحريش أو «أم الحريش»، بالتوافد إلى الشواطئ الإماراتية قادمة من أوروبا في شهر سبتمبر، وتتبعها وفود أخرى حتى فبراير، لتبدأ في أبريل ومايو بالهجرة مجدداً باتجاه جنوب إفريقيا مروراً برأس الرجاء الصالح. ويضع طائر النورس، الذي يتبع فصيلة النورسية من رتبة الزقزاقيات الآلاف من البيض، ويعرف علمياً باسم Larus لكنه يُسمى أيضاً بقرصان البحر، لأنه يسرق بيض الطيور الأخرى ويقتات على أجنتها، كما يطلق عليه اسم زُمُج الماء.
ويرى رئيس قسم البيئة البحرية والحياة الفطرية في إدارة البيئة في بلدية دبي، محمد عبدالرحمن حسن، أن النورس طائر مائي يوجد غالباً قرب الشواطئ والجزر، ويتغذى على أنواع مختلفة من الفرائس مثل الاسماك واللافقاريات الحية والميتة والحشرات والديدان والقوارض والبيض والجثث والزواحف والبرمائيات وبذور النباتات وثمارها وبعض الطيور وبقايا الطعام. ووفقاً لحسن، فإن كثيراً من النوارس تموت نتيجة التسمم بسبب تغذيتها على النفايات التي كثيراً ما تحتوى على مواد كيميائية وبقايا سامة، حيث تم رصد ذلك سنوياً مع نهاية الشتاء وبداية فصل الصيف.
وأضاف حسن أن «النورس يهرب سنوياً من الظروف البيئية القاسية في شمال الكرة الأرضية في أوروبا وآسيا في فترة الشتاء، وهى الفترة التي يكون فيها الجو معتدلاً في الإمارات، ليسكن سواحلها شهوراً عدة، حيث يتميز بالقدرة على شرب المياه المالحة، لأن بإمكانه امتصاص الأملاح الزائدة وفرزها مما لا يؤثر في عملياته الحيوية»، مشيراً إلى أنه يعد من الطيور المهمة لنظافة البيئة، حيث يقوم بكنس الشواطئ ليتغذى على البقايا والفضلات الكثيرة التي يجدها على هذه الشواطئ.
وأشار حسن إلى أن كميات كبيرة جداً من النوارس توجد في الإمارات على الشواطئ والجزر والمحميات الطبيعية ومناطق الصرف الصحي، مضيفاً أنها «مهددة بفقدان موائلها الطبيعية، بسبب الامتداد السكاني على حساب الموائل الطبيعية، خصوصاً في المناطق الساحلية والخيران، علماً أنها تأقلمت في كثير من الأماكن على وجود البشر، بل والتقاط الأكل من أياديهم عند شعورها بالأمان وإطعامها بصورة مستمرة».
يذكر أن هناك أنواعاً عدة من طيور النورس، ولها أسماء متداولة في دول الخليج مثل ذكير، بوزط، والصلال أو الحصني، كما تتفاوت أحجامها وتتميز باللونين الأبيض أو الرمادي مع خطوط سوداء أحيانا. وتبنى النوارس أعشاشها على الأرض ولها سلوك انتهازي خلال التغذية وتعيش في مستعمرات كبيرة وتصدر أصواتا عالية، كما أنها طيور فضولية وذكية وواسعة الحيلة، ولها طرق تواصل معقدة وتركيب اجتماعي متطور جداً. وتمثل مشاهد تجمعها أهم المناظر السياحية الخلابة الجاذبة للسياح الذين يتسابقون إلى إطعامها والاستمتاع بحركاتها وسرعتها في التقاط الطعام.