«الحربية» الإماراتية تبهر جمهور «الجنادرية»
واصل جناح الإمارات المشارك في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية 29) بالسعودية، تقديم روائع الموروث المحلي الإماراتي باختلاف ألوانه وأشكاله من فنون شعبية ومشغولات يدوية تفننت في صنعها أيادٍ إماراتية، وحرف قديمة امتهنها أهل الإمارات القدامى، وساعدتهم على التعامل مع بيئتهم، والاستمرار في تدبير أمور حياتهم على مدى قرون عدة. وعكست الفنون الشعبية الإماراتية التراث الذي تزخر به وأبرزها فن الحربية «الرزفة» التي مثلت أبرز أنواع الفنون الشعبية الإماراتية وأكثرها حضوراً بين الفعاليات والمناشط المختلفة، التي برع أبناء الإمارات في تقديمها منذ انطلاق مهرجان الجنادرية في نسخته الـ29، في 12 فبراير الجاري، التي تختتم الجمعة المقبل.
ففي تمام الساعة الرابعة من عصر كل يوم من أيام الجنادرية يصطف الجمهور وقوفاً محيطين بالمسرح الكبير الملحق بالجناح الإماراتي متأهبين لمشاهدة عروض الحربية، وسماع الألحان والأشعار الإماراتية الأصيلة التي يتغنى بها أبناء الإمارات، وهم يقدمون موروثاً موسيقياً غنائياً مميزاً دهشت له عيون الرائين، واستمتعت به آذان السامعين، ثم يخرج أعضاء الفرقة تباعاً في أرديتهم البيضاء، متوشحين بأعلام إماراتية مزينة بصور قادة الوطن، وتبدأ الأهازيج والأشعار المصاحبة لعروض الحربية، ليثبتوا أنهم مجموعة من أبرع عارضي الرزفة في الإمارات تم اختيارهم بعناية ليكونوا خير ممثلين لتأدية التعريف بواحد من أهم الفنون الشعبية الإماراتية التي تعد ملمحاً رئيساً في الموروث المحلي الإماراتي، ونجح أبناء الوطن في الحفاظ عليه وإعلاء قيمته عبر الزمن، ويحرصون على توصيل معانيه الجميلة إلى الجميع داخل الإمارات وخارجها.
ويُعرف قائد الفرقة ومؤسسها، سالم مصبح المقبالي، «الحربية» بأنها «فن الآباء والأجداد ونقله لنا الأولون، وأصبح حبها يسري في دم كل ،وجميع أعضاء الفرقة من الأصل عاشقين لـ(الحربية)، وتعلموها بالفطرة من آبائهم واختلاطهم بالأهل والأقارب ومشاهدتهم وهم يمارسونها منذ نعومة أظفارهم».
وقال إن «(الحربية) عبارة عن فن تراثي تقوم به مجموعة من الرجال في صفين متقابلين، ويحركون العصا أو البندقية بشكل متناغم، وبين صفي الرجال يقف شاعر أو أكثر ويقومون بمحاورة شعرية بينهم، بحيث يقوم كل شاعر بإلقاء بيتين من الشعر في موضوع معين، ثم يرد عليه الآخر في الموضوع نفسه، في حين يتفنن عارضو الحربية في تقديم فنونهم خلال هذه المحاورة الشعرية، التي تضفي عمقاً على فن الحربية، وتجعله فناً شاملاً يجمع الموسيقى والشعر والحركات الإيقاعية، وهي جميعاً العناصر الرئيسة لأي فن جميل وراق يستطيع أن يعبّر عن ثقافة أي شعب من الشعوب».
وأوضح المقبالي أن «أبناء الإمارات يفخرون بإجادتهم لـ(الحربية)، ويحتفون بها ويمارسونها في كل مناسباتهم الدينية والوطنية والاجتماعية، مثل عيدي الفطر والأضحى، واحتفالات أعياد الاتحاد والأعراس، وغيرها من المناسبات الخاصة التي يشعر الجميع بالفخر والانتماء للوطن حين يتنافسون في تقديم (الحربية)، ومطالعة كيفية أدائها بحب وإتقان من جانب أبناء الإمارات على اختلاف أعمارهم».
وأشار إلى أن «الحربية» لها أشعار مختلفة باختلاف كل مناسبة، ولها شعراء متخصصون، كون هذا اللون من الأداء الشعري يحتاج مهارات خاصة، وأهمها الارتجال السريع أثناء تقديم الرزفة، لأن هناك محاورات تقوم مع شعراء آخرين، ما يستلزم القدرة على استحضار وتأليف أبيات شعرية مناسبة للحدث في اللحظة ذاتها.
وتابع: «(الحربية) تضم أيضاً اليولة التي تعد أحد فنون المرتبطة بها، وهناك نوعان من اليولة: يولة العصا ويولة السلاح».