تلفزيون الشــارقة.. حكاية عمرها 25 عـــاماً
قبل نحو 25 عاماً، وتحديداً في 11 من فبراير، وبعد ترقب وانتظار ولهفة، تابع المشاهدون في الإمارات اللحظات الأولى للانطلاق الرسمي لتلفزيون الشارقة، رحلة طويلة قطعها تلفزيون الشارقة ولايزال يواصل عطاءه، بخط عائلي متزن.
ولاشك في أن لكل رحلة بداية، والبدايات والتأسيس، لا يمكن أن يرويها إلا من عايشها، وهم كوكبة من الإعلاميين الذين رافقوا تلك اللحظات المتميزة، من بينهم مخرج الأخبار سلطان القطري، الذي كان أحد الإعلاميين البارزين، الذين عايشوا اللحظة الاولى التي أعلن فيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بحسّ الأب الرحيم، والقائد ذي النظرة الثاقبة للمستقبل، رسالته التي تلخصت في كلمات رددها واكتفى بها القطري قائلاً «اعملوا على ان يدخل هذا التلفزيون البيوت بكل احترام واحتشام، وان تراعوا في ما تقدمون حرص المجتمع على التمسك بالدين والعادات والتقاليد، وأدعوكم إلى عرض ما هو صالح على هذه الشاشة، والابتعاد عما هو طالح، وما هو صالح كثير».
3 لغات
ما جعل تلفزيون الشارقة متميزاً أنه نطق بلغات عدة، وفي هذا الصدد يوضح رئيس تحرير الأخبار العالمية علي الهباهبة، ان «هذا الإجراء كان مفرحاً للجميع، لأنهم وجدوا أن هذا التلفزيون يمثلهم، ويستوعب همومهم وحاجاتهم، كما يلبي ما يريدون من برامج فنية وثقافية منوعة وهادفة، وبلغات هي اللغة العربية الأم واللغة الإنجليزية والأوردية والفرنسية، ويحسب لتلفزيون الشارقة أنه كان المحطة الوحيدة (خليجياً)، التي قدمت مسلسلات باللغة الأوردية، وأخباراً باللغات كافة، إضافة إلى تقديم برامج توعوية وارشادية لغير الناطقين بالعربية والفرنسية، وأذكرأن بداية الارسال بالأوردية كانت في الثانية ظهراً، والإنجليزية في الثالثة، والعربية من الرابعة حتى منتصف الليل». |
وأكدت المخرجة المؤسسة ابتسام الشايب، أن «الطريق لم يكن سهلاً، فقد رافق انشاء وتجهيز مبنى تلفزيون الشارقة عملية اعداد الكوادر الفنية لهذه المحطة، وتم ايفاد الكوادر الوطنية للتدريب داخل الإمارات وخارجها، مع الاستعانة بالكوادر العربية المؤهلة لهذا العمل».
لافتة إلى أن «تلفزيون الشارقة كان ومازال ينتمي إلى محيطه العربي، وشكلت شاشته مرآة للأحداث والفعاليات العربية عبر نشراته الاخبارية أو برامجه المختلفة، وقد اعتمد التلفزيون منذ البداية على الكوادر المواطنة والعربية المؤهلة لحمل هذه المسؤولية، فكانت عند حسن الظن، وعلى قدر كبير من المسؤولية ولاتزال».
وأشاد المحاسب في قسم الشؤون المالية في التلفزيون توفيق الحوراني، باعتماد إدارة التلفزيون على الكوادر الوطنية وتأهيلها، موضحاً أنه «منذ التأسيس عملنا على تأهيل كوادر بشرية مالية مواطنة، ورفعنا شعار (ندخل بيوتكم، نحن الامناء)، وبعد كل هذه السنين، لايزال الشعار باقياً، لأنه لم يكن مجرد كلمات، بل كان مبدأ وهدفاً ومنهاجاً ورؤية، وسيبقى كذلك من جيل الى جيل».
وقالت الإعلامية في تلفزيون الشارقة هيفاء الكيلاني، إن «مثل هذا اليوم لاشك في أنه محفور في ذاكرتنا، بجميع تفاصيله، فنحن نشعر بأنه سيكون تاريخاً يمتد على عمر التلفزيون، وكنا محظوظين أن نشهد تلك الأجواء من البداية والانطلاقة، وأذكر أنه في مساء يوم الافتتاح قام التلفزيون بنقل فقرات من كرنفال الطفولة، الذي اقيم في ميدان الاتحاد بالشارقة على الهواء مباشرة، إذ تزامن الافتتاح مع فعاليات المهرجان الخامس لثقافة الطفل في الشارقة، ومازلت أذكر رهبة الموقف، فلم تكن البداية سهلة، لكننا حققنا طموحنا».
وحول برامج الأطفال في تلفزيون الشارقة، وبداياتها، كان معد برامج الأطفال جميل الرفاعي، في قلب الحدث، إذ كان من أهم وأبرز معدي ومقدمي برامج الأطفال، قال الرفاعي، إن «تلفزيون الشارقة ضم بين جنباته استوديو الأطفال، الذي تم افتتاحه في الـ10 من مايو 1995، وكان آنذاك اول ايام عيد الأضحى المبارك، حيث خُصص لأنشطة الأطفال وبرامجهم المختلفة والمتنوعة، الأمر الذي جعل منه متنفساً دائماً لهم، يعبرون عن مختلف طاقاتهم وإبداعاتهم، ولاتزال ذاكرة الكبار والصغار على حد سواء تحتفظ بأسماء برامج الطفل مثل المربع 9، واليوم المفتوح، وأحلام أحلام، وأهلاً بالأطفال، ونادي الأطفال، وغيرها من البرامج التي اسهمت في الارتقاء بوعي الطفل وادراكه للحياة ولاتزال، وحققت برامج الأطفال العديد من الجوائز في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، ومهرجان قرطاج للفترة بين 1996-2000». وقال المخرج محمد علوة، إن «التلفزيون بشكل عام لم يعد مجرد زائر أو ضيف، بل اصبح شريكاً وعضواً في كل اسرة بشكل أو بآخر، ولعب دوراً مؤثراً وفاعلاً لا يقلُ عن دور الآباء والمدرسة في تربية وتنشئة أبنائنا». وشاطره الرأي المعد والمذيع محمد حمودة، الذي أكد «لقد وجدنا في التلفزيون الحرية التي ننشدها في إعداد وتقديم برامج متميزة تصب في تحقيق التوجيهات المختلفة، وتخدم العائلة والمجتمع، وحازت البرامج التلفزيونية احترام وتقدير الجميع، والفضل في ذلك يعود الى سياسة المؤسسة، التي بنيت على ركائز قوية ومتميزة اعطت التلفزيون بصمته المعروفة».
البث الفضائي
حول البث الفضائي وما تلاه من إنجازات لتلفزيون الشارقة، قال المهندس عبدالرحمن أحمد، إن «تلفزيون الشارقة مر بفترة تحول لافتة من البث الأرضي الى البث الفضائي، بعد نحو سبع سنوات من انطلاق البث الأرضي، وذلك في اكتوبر عام 1996، كأول قناة ثقافية عربية، حينذاك، وجد فيها المثقفون المحليون والعرب ضالتهم، فاستضافت على شاشتها المثقفين من كل مكان، إيماناً بأهمية البُعد الثقافي في أي عملية نهوض ذاتي وحضاري، فقد كانت تشبع نهمهم الثقافي والفكري والأدبي والفني بشغف، لذلك ليس من الغريب ان تحصل بعد عام من انطلاقتها الفضائية على لقب (قناة العرب الثقافية)».