بدور القاسمي: المنطقة شكّلت نقطة تواصل بين الشعوب والحضارات

«قلب الشارقة» يدخل قائــــــــــمة الـ «يونسكو» التمهيدية

منطقة قلب الشارقة تضم عدداً كبيراً من المواقع التاريخية والأثرية تعكس قيمة تاريخية مهمة. من المصدر

قالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، إن «منطقة قلب الشارقة كانت تمثل نقطة للتواصل بين الشعوب والحضارات الإنسانية»، موضحة أن المنطقة تضم مواقع أثرية وتاريخية كانت شاهدة على التقاء الحضارات في المنطقة التي كانت نقطة عبور للقوافل التجارية البرية والبحرية.

وأعلنت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» ودائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، أمس، عن إدراج منطقة قلب الشارقة ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، في إنجاز جديد يعكس ثراء التراث الأثري والتاريخي في الإمارات، وتزامناً مع احتفالات الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام الجاري.

وعبّرت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي عن سعادتها بهذا الإنجاز الذي تحقق قبيل انطلاق الاحتفالات الرسمية باختيار الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014، وتوجهت بالشكر إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، على دعمه لملف الترشح لإدراج منطقة قلب الشارقة على قائمة المواقع المرشحة للتراث العالمي، وتوجيهاته بإبراز التراث الإنساني والموروث الحضاري الغني الذي تحفل به إمارة الشارقة ودولة الإمارات.

ترشيح 7 مواقع إماراتية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/03/101413.jpg

تمكن المجلس الوطني للسياحة والآثار من ترشيح سبعة مواقع إماراتية في القائمة الأولية لمواقع التراث العالمي، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الإدارات المحلية المشرفة على تلك المواقع. وتوجد ثلاثة من هذه المواقع في إمارة الشارقة هي: صير بونعير، والمشهد الثقافي في المنطقة الوسطى «مليحة»، وقلب الشارقة، إضافة إلى جزيرة أم النار في إمارة أبوظبي، وخور دبي، وموقع الدور في أم القيوين، ومسجد البدية في الفجيرة. وتسهم إضافة مواقع جديدة إلى هذه القائمة في تسليط الضوء على التراث الغني للإمارات الذي يعود إلى مئات السنين.

وكانت منظمة الـ«يونسكو» أدرجت عام 2011 مدينة العين على قائمة التراث الإنساني العالمي، لتصبح أول موقع إماراتي على هذه القائمة. وفي العام ذاته وافقت المنظمة على اعتماد دراسة ملف طلب تسجيل الشارقة القديمة محمية للتراث غير المادي، وضمها إلى لائحة مواقع التراث الإنساني لديها وإدراجها على القائمة التمهيدية، وهو الإنجاز الذي تحقق بعد نحو عامين من الجهد الإماراتي المتواصل.

وأكدت أن الاعتراف الدولي بالقيمة الاستثنائية العالمية التي تتميز بها منطقة قلب الشارقة يؤكد على غنى الموروث الحضاري الإماراتي، إذ يسهم ذلك في الحفاظ على هذه المنطقة وصونها وترميمها ضمن المعايير الدولية التي حددتها منظمة الـ«يونسكو»، والتعريف بها وتسويقها على المستوى العالمي، ما يعزز مكانة إمارة الشارقة ودولة الإمارات على الخريطة السياحية العالمية.

وقالت الشيخة بدور القاسمي «تحتوي منطقة قلب الشارقة على عدد كبير من المواقع التاريخية والأثرية، التي يعكس كل واحد منها قيمة تاريخية عظيمة، نظراً لكونها شاهدة على التقاء الحضارات الإنسانية في هذه المنطقة، التي لم تشكل نقطة عبور للقوافل التجارية البحرية والبرية فحسب، بل مثلت أيضاً نقطة تواصل بين الشعوب. وسنواصل العمل على إضافة هذه المنطقة التراثية الغنية إلى قائمة مواقع التراث العالمي، كي نعرّف العالم إلى القيم الاستثنائية العظيمة الكامنة في المخزون التاريخي لدولة الإمارات».

وذكر بيان مشترك لهيئة «شروق» ودائرة الثقافة في الشارقة، أمس، أنه بناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شكّلت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، لجنة مؤقتة لترشيح موقع قلب الشارقة على قائمة مواقع التراث العالمي، وتأتي هذه الخطوة تمهيداً للإدراج النهائي ضمن القائمة العالمية التي تتطلب نحو عامين، تتخللها مجموعة من الزيارات والتقييمات من قبل اللجان المختصة في الـ«يونسكو» بالتنسيق مع الجهات المشرفة على المنطقة.

ويتم ترشيح مواقع التراث العالمي من قبل منظمة الـ«يونسكو» ليتم إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية الذي تديره المنظمة، وهذه المعالم قد تكون طبيعية مثل الغابات وسلاسل الجبال وقد تكون من صنع الإنسان مثل المباني والمدن. وتحظى المواقع التي يتم إدراجها ضمن القائمة برعاية المنظمة الدولية، إذ تسهم في صيانتها إذا تطلب الأمر ذلك، فضلاً عن المكانة الدولية التي تتمتع بها هذه المواقع، إذ تتبناها المنظمة لترميمها وعدم المساس بها.

من جانبه، أكد رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، عضو مجلس إدارة المجلس الوطني للسياحة والآثار، عبدالله محمد العويس، أن «وضع منطقة قلب الشارقة على قائمة مواقع التراث العالمي هو تكريس للنجاحات التي حققتها الشارقة، بما يعكس القيمة التاريخية للدولة بأكملها، ويسهم في تعزيز الحركة السياحية، خصوصاً في مجالات السياحة الثقافية والتراثية، ويدل على أن الإمارات تستند في تميّز حاضرها المشرف إلى عراقة تاريخها وإرثها التراثي».

كما أشاد العويس بدور المؤسسات الحكومية والجهات المعنية بالشأن الثقافي والتراثي في الدولة، وتقدم بالشكر للمجلس الوطني للسياحة والآثار على الجهود، والدور من خلال تبنيه للترشيح، ما شكل دعماً معنوياً له، إضافة إلى دعم المشروعات الناهضة بحفظ التراث والترميم والتنقيب على مستوى الدولة، وأنها ستواصل تعاونها مع منظمة الـ«يونسكو» لإدارج المزيد من المواقع على قائمة التراث العالمي.

ولدى المجلس الوطني للسياحة برنامج لتسجيل عدد من المواقع الأثرية والتاريخية في الامارات، إذ وضعت جمعية التراث العمراني في الدولة قائمة تضم نحو 3000 موقع في الإمارات للعمل على تسجيلها في قائمة الـ«يونسكو».

وذكر البيان الصحافي، أن منطقة قلب الشارقة تقع في الجزء القديم من إمارة الشارقة، ووفقاً لمصادر تاريخية، لعبت هذه المنطقة دوراً بارزاً في تطوير التجارة، إذ أكد عالم الجغرافيا العربي في القرن الـ11، الإدريسي، على وجود ميناء في المكان الذي تقع فيه منطقة قلب الشارقة حالياً. كما تميزت الشارقة تاريخياً بوجود عنصرين أسهما في وجود المستوطنات البشرية في الخليج العربي: الأول أنها تقع في مدخل محمي من البحر يُدعى محلياً الخور، والثاني وجود المياه العذبة في أعماق ضئيلة نسبياً.

وحسب المصادر التاريخية التي ترجع إلى عام 1756 كان يوجد ثلاثة مواقع على الساحل بين القطيف في السعودية، وصير في رأس الخيمة، هي العجير وقطر والشارقة، وتحتوي هذه الأماكن على نسبة قليلة من السكان، ومنها كان يتم نقل بلح البصرة والأرز إلى عرب الصحراء من قبل غواصي اللؤلؤ. وحتى زمن التجارة القديمة مع الشرق وقدوم عائلة القواسم بأسطولها البحري القوي للإقامة في المنطقة، ولغاية النصف الأول من القرن الـ19، كانت الشارقة الميناء الأهم في الخليج العربي الأدنى.

وتم تدمير موقع الشارقة القديمة وميناءها بالكامل من قبل البريطانيين في عام 1820، قبل أن يتعافى بوتيرة أسرع من بقية الموانئ في منطقة الإمارات، فقد أصبحت المنطقة نقطة تواصل حضاري بين التجار القادمين عبر البحر، وبين سكان المنطقة وبقية مدن الإمارات، وهو ما أوجد نشاطاً تجارياً كبيراً في المنطقة، ساعد السكان على إقامة العديد من البيوت السكنية والأسواق والمساجد، التي ظلت شاهدة على نمو المدينة وتطورها عبر الزمن.

وتعكف هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» حالياً على تطوير منطقة قلب الشارقة، في مشروع هو الأول من نوعه للمناطق التراثية في الشارقة، والأكبر والأبرز في المنطقة حتى يومنا هذا. ويعكس الازدهار الذي عاشته الإمارة منذ أكثر من نصف قرن. ويستهدف المشروع تحديداً إعادة ترميم وتجديد المناطق التراثية لتشكيل وجهة سياحية وتجارية متفردة ذات لمسة فنية معاصرة تتناغم مع طابع خمسينات القرن الـ20.

ومن المقرر استكمال إنجاز مشروع قلب الشارقة بالكامل في عام 2025، ويجرى حالياً العمل بالمرحلة الأولى من المشروع الذي يتألف من خمس مراحل؛ وقد قامت «شروق» بتشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين من هيئات حكومية لتولي الإشراف على تنفيذ المرحلة الأولى. وسيتم تنفيذ المشروع بالتوافق مع المعايير الدولية للتنمية المستدامة والمبادئ البيئية.

تويتر