«ديناصور» عمـــره 155 مليون عام في دبي
تمكنت «إعمار»، أول من أمس، من تحويل زيارة «دبي مول» إلى تجربة فريدة، بعد أن عرضت هيكلا عظميا لديناصور من فصيلة «ديبلودوكوس لونجوس»، والذي يعد من أكبر المخلوقات التي عاشت على سطح الارض في العصر الجوراسي المتأخر، منذ نحو 155 مليون سنة. أضيء الهيكل الخاص بالديناصور بالليزر بالأخضر والأحمر، عند إزاحة الستارة السوداء، التي أحاطته والتي دفعت الناس للتجمهر على الطوابق المختلفة للمركز، لمعرفة ماذا تخفي خلفها، بعد أن أحيط الكشف عن الحدث بالكثير من الغموض.
يتميز الهيكل، الذي حضر الكشف عنه رئيس مجلس إدارة شركة إعمار، محمد العبار، وكذلك عالم الديناصورات الألماني ريموند البيرسدويفر، ومدير متحف «هيوستن» للعلوم الطبيعية جويل بارتش، بكونه ينتمي إلى فصيلة الديناصورات النباتية، وطوله 24.4 مترا وارتفاعه سبعة أمتار. وعلى الرغم من الضخامة التي يمتاز بها من حيث البنية إلا انه يتسم برأس صغير، بينما يمتد عنقه أمتارا وكذلك ذيله الذي يبدو أن هناك أجزاء مفقودة من آخره.
وقال العبار، عن فكرة إحضار الديناصور الى «دبي مول»: «عندما عرفت أن خالد صديق قد اشترى قطعاً من ديناصور، أذهلني الأمر ورغبت في إحضار ديناصور إلى المكان، وكنت متأكدا أنه سيقدم لي أفضل ما هو موجود، وأفضل ما يمكن طرحه، وكان ذلك فعلا».
وقال عالم الديناصورات الألماني، ومكتشف الهيكل، ريموند البيرسدويفر، لـ«الإمارات اليوم»، إنني «أملك شركة خاصة في ألمانيا وأميركا للبحث عن الديناصورات، وكنت بدأت بالبحث في ولاية وايومنغ الأميركية، بسبب المؤشرات في الطبيعة التي ترجح وجود ديناصورات عاشت في المكان». وأضاف العالم الألماني «بدأنا البحث عندما وجدنا قاع المياه، ويعرف أن الديناصورات توجد حيث توجد هذه المياه، وقد وجدنا في البداية جزءاً من الديناصور عالقا بين صخرتين، ما سهل الأمر لنبحث في مكان محدد، واكتشفناه تحت سبعة أمتار من الصخور». ولفت العالم الألماني إلى أن الديناصور وجد بحالة ممتازة في وضعية النوم، وهي تعد فرصة نادرة، وذلك لأن الصخور التي غطته لأمتار شكلت حماية طبيعية له، كما أن 90% من بنيته وجدت كاملة، لهذا يكتسب ندرة خاصة، حيث إن الديناصور المشابه له وجد من هيكله ما نسبته 30%، ولكن هناك القليل من العظام مفقودة ومنها في الجزء الأعلى من القدم، وكذلك جزء من الذيل، وبعض الاسنان التي تمتاز بكونها غير حادة. وشدد على أن العظام الموجودة ثلاثية الأبعاد، ما يؤكد أنها لم تتعرض لضغط من الصخور التي غطتها طوال الأعوام. أما أبرز ميزات هذا النوع من الديناصورات، فأكد البيرسدويفر أنه يمتاز برأسه الصغير، الذي يتيح له الأكل من الطبيعة بشكل متوازن، لأن عنقه طويل جدا. واعتبر العالم أن فرصة إيجاد ديناصورات مشابهة ليست بالمستحيل، ولكن ليست باليسيرة أيضا، إذ تبقى الأماكن التي يمكن إيجاد ديناصورات فيها غير معروفة تماما.
وحول السبب الذي دفعه للبحث في أميركا، قال البيرسدويفر «كان البحث في تلك المنطقة مشروعا وقانونيا، خصوصا أننا حصلنا على موافقة من مالكي الأرض، وكان من الممكن أخذ ما نجده وبيعه، بينما في الواقع في بعض المناطق لا يسمح بذلك».
نقل الديناصور إلى دبي بالطائرة، وبداخل 17 صندوقا، ولفت البيرسدويفر إلى أن الجمهورالذي يأتي إلى «دبي مول»، عليه أن يدرك أنه يرى الهيكل الأضخم لهذا النوع من الديناصورات في العالم، فهولا يقدر بثمن، كما أنه لا يوجد مثيل له بهذا الحجم في أي متحف في العالم».
ولفت إلى أن الاكتشاف لا يتم بلحظة واحدة، كما أننا لا نكون في البداية متأكدين من وجود الهيكل كاملا، لكن علميا إيجاد الديناصور حقق حدثا علميا مهما، حيث بات لدينا تأكيد على شكل هذه الفصيلة من الديناصورات. واعتبر أن وجود فريق عمل مساند ضروري، لكنه ليس ضخما كبيرا، فهو يتألف من سبعة أشخاص فقط، واستغرق عملنا ما يقارب الثلاث سنوات، حتى وجدنا الديناصور عام 2008، في حين أن تنظيفه استغرق نحو 20 ألف ساعة، وذلك لأنها عملية دقيقة تتم بعيدان الأسنان الرفيعة.
شراء الهيكل
عرض هيكل الديناصور بمتحف هيوستن للعلوم الطبيعية، وقد تمت عملية الشراء من مالكيه الأصليين بواسطة رئيس مجلس إدارة «غاليري الاتحاد للفن الحديث» في أبوظبي، خالد صديق.
ويعد هذا الهيكل أول هيكل عظمي أحفوري، يتم تركيب أجزائه بشكل قائم، كما أن جميع العظام تعود إلى الحيوان نفسه. ومن اللافت أن الحيوان قد تعرض لإصابة خلال حياته، وقد تكون ناجمة عن عضة حيوان مفترس، أو ضربة ناتجة عن ارتطام ذيله القوي، خلال تصديه لهجوم ما.
فرصة
أكد مدير متحف هيوستن، الذي عرض الهيكل في السابق، جويل بارتش، أن عرض الديناصور في «دبي مول» أمر مثير ومشجع، لاسيما أن المركز استقبل العام الماضي 75 مليون زائر، وهو رقم لم تصله المتاحف، ولا حتى «ديزني لاند»، ما يعني أن فرصة الناس لرؤيته أكبر بكثير. ولفت إلى أن وضع الهيكل في مركز للتسوق أمر مهم، كونه يمنح الناس فرصة التعرف إلى هذا النوع من الكائنات، لاسيما للأطفال من خلال تجربة تعليمية نادرة. واعتبر بارتش أن معظم المتاحف لا تملك هيكلا كاملا، وإنما عظاماً لديناصورات عاشت على سطح الأرض.
وأكد بارتش أن هذا الديناصور وبهذا الحجم غير موجود في اي مكان بالعالم. معتبرا أن إكتشافة كان حدثا علميا بارزا خاصة وأن المعلومات المتوفرة لم تكن كاملة عن هذه الفصيلة بشكل قطي ونهائي. ودعا بارتش سكان دبي إلى إغتنام هذه الفرصة لمشاهدة هذا الإكتشاف العلمي الكبير.
تحديات
هيكل الديناصور وضع على الحديد، ويبلغ وزن العظام طناً ونصف الطن، بينما وزن الحيوان عندما كان حيا يصل إلى 25 طنا. وشدد على أنه لا ضرورة لتأمين عناية خاصة بالهيكل، فهو يحتاج فقط للتنظيف من الغبار. أما التحديات الاساسية التي واجهت البحث عنه، فتمثلت في السير طويلا بالمنطقة التي تتسم بكونها تجمل التلال والصخور،
«ديبلودوكس لونجوس»
ينتمي هذا الديناصور إلى فصيلة ديبلودوكس، وهي كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين «ديبلو» وتعني مزدوجاً، و«ودوكوس» وتعني شعاعاً. ويشير الاسم إلى العظام التي تبدو كشعاعين يقعان تحت الذيل، وهي تساعد الديناصور على رفع ذيله. ومن المرجح أن يكون الديناصور قد لقي حتفه أثناء فترة الجفاف.