زايد التميمي.. صوت من لا صوت لهم

بثت تغريدة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، أخيراً، للمواطن الأصم زايد حمد التميمي (29 عاماً)، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أملاً كبيراً في تعزيز وتفعيل حقوق وقوانين الصم في الدولة. الأمر الذي يتمثل بوضوح في توفير مترجمي لغة إشارة يسهمون في إشراكهم وإدراجهم في الأحداث والفعاليات الوطنية الكبيرة.

جاءت تغريدة سموه استجابةً لأخرى كتبها التميمي، الذي يحمل على عاتقه إيصال صوت الصم الصامت للمجتمع، وذلك تزامناً مع اختتام فعاليات القمة الحكومية الثانية في دبي «انظروا لنا مواطنين فاعلين.. نحن أبناء الإمارات، نريد أن نكون جزءاً من القمة الحكومية، أشركونا.. وفّروا لنا مترجم لغة إشارة، وادعونا للتفاعل معكم، وأشعرونا بقيمتنا وأعطونا الفرصة»، وجاء فيها أيضاً «شكراً على الملاحظة المهمة وسوف يتم ذلك من القمة المقبلة.. نأسف على التقصير».

لا تقتصر نجاحات التميمي على العمل والدراسة والحرص على إكمالها إلى جانب الجهود الحثيثة في سبيل خدمة الصم، بل تتعداها إلى الإصرار على تكوين أسرة حيث تزوج بامرأة من فئته، ونجحا سوياً في تدبير أمور الحياة والاندماج بشكلٍ أكبر في المجتمع. وقال «نشعر برضا وسعادةٍ عارمة كون الله وهبنا ثلاثة أطفال أصحاء (منصور ـ خمس سنوات) و(روضة ثلاث سنوات)، و(ديمة ـ شهر)، يتواصلون معنا بسلاسة ويسر بلغة الإشارة التي أتقنوها عنا بجدارة». تصوير: أشوك فيرما

حَمْل التغريدة للأسف شكل حرجاً كبيراً للتميمي الذي رد شاكراً وعاجزاً عن التعبير «هذا عشمنا في سموكم الكريم وأشكركم بصدق لاهتمامكم الذي لا يدخله شك.. وأجدها فرصة لأن أطلب استقطاب مترجمي إشارة.. فمازلنا بحاجة شديدة.. وتطور البلد ونموها الزاهر يحتاج لكوادر مميزة يتزامن مع هذا الصعود للقمة».

ذكر التميمي لـ«الإمارات اليوم» عبر صديقه المترجم أحمد الفهيد «هدفي الحثيث وحرصي الكبير ونظرائي من الصم، على في المشاركة في الأحداث والفعاليات الوطنية لنكون جزءاً فاعلاً فيها، أسوةً بأقراننا من المواطنين، دفعني إلى إرسال تغريدة على (تويتر) لسمو الشيخ عبدالله بن زايد تحمل هذه الرغبة»، وأكد «لاسيما بعد أن لمسنا غياب المترجمين عن جلسات الحدث الأبرز (القمة الحكومية الثانية) الذي نُظم أخيراً في دبي، وددنا لو أننا نحن الصم كنا جزءاً فاعلاً في هذا الحدث العالمي الضخم، نشهد جلساته وندرك مغزاها ونسهم في تحقيق أهدافها المستقبلية».

ونوه التميمي «لولا ثقتي بالقيادة الرشيدة لما فكرت لوهلة في مخاطبة سمو الشيخ عبدالله كونه مسؤولاً في الدولة، وليست هذه هي المرة الأولى التي يتفاعل فيها وأقرانه من الشيوخ الكرام مع قضايا متنوعة، ضاربين بذلك مثلاً مميزاً للقيادة الواعية والحنونة في الوقت نفسه، وقد فاجأني لحد الخجل، اعتذاره على التقصير، كما وصف، نبل وتواضع ملحوظ منه».

وأضاف «يصعب على الصم في كثيرٍ من الأحيان إيصال مبتغاهم للناطقين الذين لا يدركون لغتهم، الأمر الذي يترك آثاراً سلبية ويحول دون تيسير أمورهم وتحقيق أهدافهم». وشرح «على سبيل المثال لا الحصر، يواجه الصم صعوبة بالغة في ظل عدم توافر المترجم لشرح ما يعانونه من مرضٍ إلى الأطباء، وكذلك الحال خلال إنجازهم للمعاملات المختلفة في بعض الدوائر والمؤسسات، ويقفون عاجزين عن القيام بشيء حيال هذا الأمر».

يحمل التميمي، الموظف المتفرغ في دائرة النقل بأبوظبي، على عاتقه إيصال صوت الصم الصامت للمجتمع، وعليه سعى جاهداً لتحقيق ذلك من خلال «إطلاقه بصحبة فريق عمل مشرف برنامج (مع زايد) عبر قناة خاصة على (اليوتيوب)، يحتوي على خواطر الصم ورسائل موجهة منهم إلى المجتمع تحمل صوتهم الصامت»، وتابع «وقد كانت انطلاقته بالتعريف بشخصية الأصم، تلته حلقات منوعة انتهجت فيها أسلوب عرض المشكلة وتقديم مقترح للعمل على حلها، ومنها منوعة كتعليم الصم وحقهم المفقود فيه، ومترجمي لغة الإشارة، هذا بالإضافة إلى توعية المجتمع بلغة الإشارة للتواصل والتفاهم والاندماج معنا»، وأضاف «هذا بالإضافة إلى توعية المجتمع بلغة الإشارة للتواصل والتفاهم والاندماج معنا، وذلك عن طريق حسابي في برنامج (انستغرام)».

لائحة تنفيذية للمترجمين

أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أخيراً، قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2014 باللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2012 في شأن تنظيم مهنة الترجمة. ووفقاً للقرار فإنه يحظر مزاولة مهنة الترجمة في الدولة إلا بعد القيد في جدول قيد المترجمين بوزارة العدل، والحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة في الإمارة المعنية.

وحددت اللائحة شروطاً عدة للقيد بالجدول تضمنت العديد من الأمور، منها: أن يكون حسن السيرة والسلوك، وأن يجيد اللغة العربية قراءة وكتابة وتحدثاً إجادة تامة، إذا كانت الترجمة من وإلى اللغة العربية، وأن يكون حاصلاً على مؤهل معتمد من إحدى الجامعات أو المعاهد المعترف بها، يفيد تخصصه في اللغة، أو اللغات، التي ستتم الترجمة منها وإليها، وألا تقل خبرته العملية في مجال الترجمة عن خمس سنوات تالية للتخرج، ويستثنى المواطن من مدة الخبرة، وأن يجتاز الإجراءات والاختبارات التي يحددها قرار من الوزير.

وفي السياق ذاته اكد زايد التميمي أنه «واثقٌ كل الثقة بأن تغريداته المطلبية، مع عدد من الشيوخ وكبار الشخصيات، في قنوات التواصل الاجتماعي، هي حروف جادة و تحمل الإجابات عنها في طياتها قرارات نافدةً للتطبيق، ولا عذر لأي من المسؤولين في التغاضي أو التهاون في سبيل تنفيذ ذلك، لاسيما أنها بمثابة دروس لابد من الاستفادة منها والعمل على تطبيقها». واعتبر التميمي أنه آن الأوان ليأخذ الأصم دوره الإيجابي في المجتمع، وألا ينظر إليه بشكل غير جدي أو التعامل معه بشفقة.

وذكر التميمي، الذي يهوى تصوير المناظر الطبيعية «شاركت في تأسيس جمعية الإمارات للصم في الدولة، وهي جمعية ذات نفع عام تهدف إلى خدمة الصم في كل إمارات الدولة، إلا أنها تحصل على دعم محدود في سبيل تحقيق ذلك، وقد كنت عضواً في مجلس إداراتها قبل أن أعتذر للتفرغ للدراسة». وأشار «كما أنني أحرص على أن أكون أصم فعالاً في المجتمع، ممثلاً أفراد فئتي من الصم في الفعاليات والمناسبات الوطنية المختلفة، بالمشاركة والتجاوب معها، ومنها أخيراً مشاركة المغردين في (تويتر) بفيديو بلغة الإشارة لتمني الصحة والعافية لصاحب السمو رئيس الدولة، الذي جاء مباشرة بعد إعلان وزارة شؤون الرئاسة خبر تعرض سموه لوعكة صحية، وذلك تحت عنوان (سلامتك خليفة)، وسبقه وسم بفيديو لغة إشارة، كذلك، لشكر سموه، تجاوباً مع حملة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (شكراً خليفة)، وذلك في ذكرى يوم جلوسه».

يرجع التميمي نجاحاته وإصراره على المضي قدماً في سبيل إيصال صوت الصم الصامت إلى أفراد المجتمع، إلى «نشأته التي حظي فيها باهتمامٍ بالغ، لاسيما أنه كان الأصم الوحيد بين 10 أفراد، من بينهم والداه اللذان لم يقصرا البتة في دعمه سواسية بأخوته، وعليه تم توفير بيئة مشجعة ابتكر فيها لغة إشارة منزلية للتواصل والتجاوب معه، ما لعب دوراً بارزاً في تكوين شخصيته الاجتماعية التي تحرص على مخالطة الناس من الجيران وغيرهم، الأمر الذي يفتقده بعض أقرانه من الصم الذين يعانون تجاهلاً واضطهاداً من أفراد أسرهم قبل الآخرين».

وأوضح التميمي «حرص والداي على توفير التعليم المناسب لي، وذلك من خلال إلحاقي بإحدى المدارس المتخصصة، حتى المرحلة الثانوية التي لا تتوافر في الدولة، وعليه أكملتها بفضل بمجلس أبوظبي للتعليم مع مجموعة من أقراني الصم في أميركا. ولله الحمد حصلت على شهادة الثانوية إلى جانب الدبلوم»، وأسعى حالياً إلى إكمال دراسة البكالوريوس في أغسطس المقبل في أميركا عن طريق بعثة من مجلس أبوظبي للتعليم، واختياراتي التخصصية تتوزع حتى الآن ما بين دراسات الصم وعلم النفس، فضلاً عن الموارد البشرية». 

لغة منزلية

ابتكرت أسرة المواطن الأصم زايد حمد التميمي (29 عاماً) لغة إشارة منزلية خاصة للتواصل، يرجع سر نجاحاته العملية والعلمية إلى تنشئته في بيئة مشجعة ساوت بينه وبين إخوانه الثمانية.

ثناء

يشدد التميمي مراراً في كلامه على تأكيد أهمية مترجم لغة الإشارة بالنسبة للصم، لاسيما أنه يشكل «الوسيط الأساسي ما بين الصم والمجتمع»، وأثنى بشكل كبير على جهود صديقه المترجم السعودي، أحمد الفهيد، في سبيل تحقيق ذلك.

 

الأكثر مشاركة