بطلة «فتاة المصنع» تترقب عرضه في الإمارات.. والحظ يلازم مخرجه محمد خان

ياسمين رئيـــــس: دبي استوديو متكامل للتصـــوير السينمائي

صورة

تعد دبي حالة خاصة بالنسبة لأسرة الفيلم المصري «فتاة المصنع». الفيلم الذي حظي بدعم مادي من مشروع «إنجاز»، التابع لمهرجان «دبي السينمائي»، عاد ليفتتح عروض الليالي العربية في المهرجان نفسه، قبل أن يفوز بجائزتين مختلفتين هما أحسن إخراج وأحسن ممثلة، ومع عرض الفيلم تجارياً في دور العرض المصرية والعربية، يعود الفيلم مرة ثانية لدبي، من بوابة دور العرض التجارية التي سيستهلها غداً بعرض خاص للإعلاميين، على ان يستأنف رحلته مع الجمهور في اليوم التالي.

لقي الفيلم ردود فعل إيجابية في الأوساط النقدية المصرية، يشكل حالة خاصة، حتى على صعيد الترويج الدعائي له، فمعظم برامج «التوك شو» الشهيرة ذات الجماهيرية الضخمة، استضافت عدد من أسرة الفيلم، وفي مقدمتهم المخرج القدير محمد خان.

الحظ الجيد لازم محمد خان بشكل كبير في هذه الفترة التي ينشغل فيها بـ«فتاة المصنع»، فبعد عقود طويلة مع الفيلم المصري، وسعيه للحصول على جنسية البلد التي انتمى إليها ثقافيا فأبدع نخبة من أروع أفلام مكتبتها الثرية، تم منحه الجنسية المصرية بقرار جمهوري، جاء بمثابة انتصار للعطاء المخلص، وتقديراً للإبداع الأصيل.

أنا والسيندريللا

كشف المخرج محمد خان عن جانب من علاقته بالفنانة المصرية الراحلة سعاد حسني، الملقبة بـ«السيندريللا»، التي يظهر صوتها في الفيلم، من خلال تسجيلات خاصة، في حين أن خان أخرج لها فيلماً وحيداً هو «موعد على العشاء». وقال خان أن سعاد حسني نموذج حاضر داخل كل فتاة مصريةن وانتصار حقيقي للفرح والتفاؤل، كاشفاً عن أنه توجس في البداية مما أشيع عن تدخلها في تفاصيل عمل المخرج، قبل أن يكتشف بعد ذلك إنسانيتها قبل مهنيتها. وتابع : «كان لديها تصور مختلف في تصوير أحد المشاهد، واقترحت أن نقوم بتصوير المشهد وفق تصوري مرة، ووفق تصورها مرة أخرى، وبدأت بما أقتنع به، لأفاجا برجوعها عن رأيها، وعدم تشبثها به».


مغامرة مثمرة

وصفت الممثلة المصرية ياسمين رئيس قراراها السفر إلى مهرجان دبي السينمائي مع اسرة فيلم«فتاة المصنع»ن رغم انها كانت في شهر حملها التاسع، وفي انتظار مفاجأة الولادة في أي لحظة، بأنها المغامرة الأهم في حياتها ،مستطردة «لكنها مغامرة مثمرة».

ياسمين التي حصدتجائزة أفضل ممثلة في المهرجان تأمل في أن يجد العرض السينمائي ذات ردة الفعل النقدية والتحكيمية في دبي، مضيفة : «لا أقتنع بأن هناك فجوة بين العرض المهرجاني والجماهيري، فالسينما بالأساس صناعة موجهة للجمهور، وحتى مهرجانات السينما سوف تكون مفرغة من مضمونها إذا ما كان العرض مقتصراً على أعضاء لجنة التحكيم، ثم يذهب العمل إلى رف إحدى مكتبات الأفلام».

حالة التفاؤل ذاتها بعرض الفيلم لأول مرة في «دبي السينمائي» سيطرت على بطلته ياسمين رئيس، التي لا تتردد في الكشف عن مغامراتها من أجل الصعود إلى الطائرة وهي في شهر حملها التاسع من اجل المشاركة في المهرجان، مشيرة إلى أنها قامت بما يشبه «دور تمثيلي» لإخفاء الحمل عن أعين مسؤولي الجوازات، لتجنب منعها من السفر، قبل أن تصل إلى دبي التي تصفها بأنها طبمثابة استوديو كبير يصلح كل ركن فيه للتصوير السينمائي«.

تفاصيل الفيلم الذي تترقب بطلته استضافته في دور العرض المحلية يسلط الضوء على معاناة فتاة تعمل في مصنع للملابس، وتشكل حالتها نموذج لملايين الفتيات العاملات ومعانتهن مع الفقر والأجر المتواضع، ويعود نصه للكاتبة وسام سليمان قادت ياسمين التي أدت دور »هيام« إلى مصنع حقيقي للملابس في المنطقة الصناعية، والتصوير في أحد اكثر مناطق القاهرة الكبرى عشوائية وهي منطقة الأباجية التي تقع على أطراف المدينة، حيث تؤكد ياسمين انها عاشت في مرحلة التصوير أجواء جمعت ما بين »السعادة والمتعة.. والاكتئاب«.

وتضيف : »أيام المصنع كانت هي بداية التصوير، وقبلها كنت قد عشت في المصنع مع الفتيات لفترات طويلة لتعلم طريقة التفصيل ولالتقاط أطراف الشخصية منهم، كنت أتتبعهم وآكل معهم وأعمل وأتحدث كثيرا وكثيرا، حتى وجدت فتاة تشبه إلى حد كبير شخصية هيام التي كتبتها وسام، ولذا جلست إلى جوارها وقضيت فترة التدريب أكلمها إلى جوارها، ودخلت بيتها وتابعت طريقتها وهي تتكلم وانتبهت لجميع تصرفاتها، لأنها ستكون الفتاة التي سأبني عليها الشخصية كلها« .

وتتابع »بعد بدء التصوير في المصنع استغربت الفتيات أنني لم أعد أتحدث وأضحك وأسخر معهم كما كنت أفعل أيام التدريب، ولكنهم مع الوقت فهموا أنني بدأت أعمل وجميعنا يعمل الآن، ولذا فلن أستطيع التحدث معهم كالسابق«.

وتشير ياسمين إلى أن النقلة الأصعب بالنسبة لها كانت في الأباجية أثناء تصوير مشاهد الحارة هناك، حيث تضيف : فبعيدا عن أن درجة الحرارة كانت منخفضة للغاية والأتربة كانت في حالة ثورة لا تهدأ، إلا أن أحوال سكان المنطقة هو ما لفت انتباهي أكثر ،وكانت المشاهد الحقيقية مشاهد درامية في حد ذاتها، شعرت بالناس وبالفقر الذي يحيط بهم، الشوارع الضيقة والبيوت المتلاصقة، والجدران التي لا تمنع الأصوات، فكل شيء مسموعاً داخل المنطقة، تلك الحياة التي لم أعشها قط، كنت أراها في المسلسلات ولكن عندما تعيشها تختلف الأمور، كذلك الظروف البيئية المحيطة، ولكنهم جميعا طيبين جدا وتعرفت عليهم وعلمت أنهم لا يستحقون تلك الحياة الصعبة، وعلينا جميعا أن نساعدهم على أن يحصلوا على أقل حقوقهم المتمثلة في الماء النظيف أو البيوت التي تسعهم أو الطعام الجيد».

مشهد قص الشعر كان من المشاهد الصعبة التي واجهت ياسمين أيضا في الفيلم، المشهد الذي يقع في الربع الأخير من الفيلم حينما تقرر الجدة هنا أن تقص شعر هيام بالقوة. وتوضح ياسمين: «كانت هناك فتاة في منطقة الأباجية حكت لنا أن هذا المشهد قد وقع عليها بالفعل بشكل حقيقي، قص شعر الفتاة نوع من العقاب الذي تفرضه العائلة عليها عندما تخطئ، أو حتى لمجرد الشك في أنها أخطأت. هنا شعرت بالمعنى الحقيقي للإهانة كيف تكون، شعرت بالظلم والقهر الذي من الممكن أن تتعرض له فتاة، شعرت بإهانة كرامة الإنسان، ربما أن المعيشة الصعبة التي تعيشها هذه الطبقة والظروف المعيشية الصعبة قد أنستهم إنسانيتهم قليلا، قد انحدرت قيمة كرامة الإنسان لديهم إلى أقصى درجاتها حتى يقدم شخص على إهانة بنت بهذه الطريقة».

وقال المخرج محمد خان:«تربطني علاقة شديدة الحميمية بهذا المهرجان منذ ولادته، وهو يمتلك منظومة رائعة سواء في المشاريع السينمائية التي يتبناها، او في اختياراته المستندة على اسس فنية رائعة، لذلك لا أتردد دائماً، حينما يكون المشروع السينمائي الذي أقوم بإخراجه مرتبطاً بمنصة مهرجان دبي».

وحول اخراجه لنص «فتاة المصنع» الذي كتبته زوجته وسام سليمان، ويعد تجربة إنتاجية أولى للشاب محمد سمير، و يضم عدداً من الممثلين الشباب في مقدمتهم بطلا العمل ياسمين رئيس وهاني عادل، اكد أن رهانه الساسي في العمل على المحتوى الذي يتطرق فيه لفكرة سيادة الطبقية بمفهومها المادي حتى في المشاعر الإنسانية، من خلال فتاة تعمل في المصنع، يصر الجميع على أن يسلبها من كل شيءن حتى شرفها كفتاة، في حين تبقى هي دوما، صامدة ومنتصرة لذاتها.

ونفى خان ان يكون تعاطف فنياً مع نص زوجته، او الرغبة في دعم وجوه شابة، مضيفاً : «ياسمين وهاني عادل قدما أداء فنياً أعلى من المطلوب منهم، من وجهة نظر إخراجية، وجاءا بعد خضوعهم لاختبارات ضمن أكثر من 200 شخص، في حين أن نص الكاتبة الذي لم اكن على اطلاع عليه أثناء مراحل كتابته جذبني، فاخترت ان أسميه »فتاة المصنع«، قبل ان يكون قرار اخراجه اختياري».

تويتر