الدراما الجريئة هل تداوي المجتمع ام تستفزه
هل يمكن أن يسهم الفن في رفع مستوى الواقع من خلال تجسيد قضايا وسلبيات المجتمع في أعمال فنية مختلفة؟ أم أن تقديم هذه السلبيات على الشاشات قد يسهم أكثر في نشرها واعتياد الناس عليها باعتبارها أمراً واقعاً؟ هذا الموضوع يُعد محور جدل ساخن منذ سنوات، كما حدث في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات مع ظهور موجة «أفلام المخدرات» التي اجتاحت السينما المصرية في تلك الفترة حتى باتت الموضوع الرئيس، وربما المشترك، في كل الأفلام هو وقوع البطل أو البطلة بين براثن الإدمان، وما يدفعه إليه الإدمان من تدني من أجل الحصول على المخدرات. موجة أخرى شهدتها السينما مع أفلام «التحرش والاغتصاب»، التي تناول بعضها حوادث وقعت بالفعل، واستمرت هذه الموجة لفترة غير قصيرة لتتبعها غيرها من الموجات المشابهة، ولكن البارز ان الدراما التلفزيونية ظلت بعيدة، نسبياً، عن هذه الموجات السينمائية، ولم تتأثر المسلسلات كثيراً بها في ما تتناوله من موضوعات، ولكن يبدو أن هذه الخصوصية التي طالما تمسكت بها الدراما العربية، بعيداً عن الموضوعات الساخنة، لم تعد موضع اتفاق صناع الدراما في السنوات الاخيرة، فظهرت في الدراما موضوعات اعتبرها كثير من المشاهدين لا تناسب طبيعة العرض التلفزيوني الذي يدخل كل بيت دون استئذان، ويخاطب، في المعتاد، كل افراد الأسرة على اختلاف اعمارهم، وكذلك لا تناسب طبيعة ومكانة شهر رمضان الذي عرضت فيه، مثل «العار» و«مزاج الخير» و«حكاية حياة»، لما تضمنته من الفاظ خادشة ومشاهد راقصة وملابس جريئة، إلى ان ظهرت أخيراً «دراما 18».
طبيعة السيناريو |
ولكن يظل هناك سؤال يرتبط بالموضوع: هل يسهم طرح القضايا الشائكة في الأعمال الفنية في ايجاد حلول لها أو توعية الجمهور بخطورة هذه القضايا، ودق ناقوس الخطر لدى الجهات المعنية، أم أن الأمر لا يعدو كونه «لعب على المضمون» من أجل جذب الجمهور واستغلال قضايا المجتمع في معالجات درامية سطحية لا فائدة منها ولا طائل؟
الفنان الكويتي خالد أمين الذي قدم العديد من الأعمال الاجتماعية تساءل في إجابته: «إلى متى نضحك على انفسنا ولا نناقش قضايانا بحجة عدم مناسبة طرح هذه القضايا أمام أولادنا؟». وقال لـ«الإمارات اليوم» «نحن كاذبون، ونتصرف مثل النعام نخبئ رؤوسنا في الرمل، لأن اطفالنا يعرفون كل شيء ومنفتحون على كل شيء ربما أكثر منا، حتى داخل غرفهم، حتى الألعاب التي نشتريها لهم اصبح فيها إباحية خطيرة، وقد سبق وتحدثت عن هذا الموضوع في احد المؤتمرات، فهناك ألعاب يصل فيها الأطفال إلى مراحل انهم يملكون فيها بارات ويديرونها، وهي ألعاب متاحة على الأجهزة الحديثة التي نشتريها لهم». مؤكداً اهمية ان يتم التعرض لمختلف قضايا المجتمع وسلبياته، ولكن بشكل مهذب وفي اطار من الجرأة المحترمة، ليفهم المشاهد ان هذا الوضع خطأ وعرض السلبيات والمصائب التي قد تنتج عنه، كما في قضية تعاطي المخدرات، لابد أن يعرف المتعاطي ما يمكن ان يصل إليه بسبب ما يتعاطاه من اجل الحصول على المخدر، وكذلك يعرف غير المتعاطي المستوى الوضيع الذي يمكن ان يصل إليه بسبب التعاطي. واعتبر أمين أن ظهور أعمال درامية جريئة ليس مستغرباً في ظل الواقع الحالي: «للأسف أصبح واقعنا الآن اباحياً، فعندما كنا اطفالاً لم نكن نعرف الكثير من المعلومات التي بات أطفال هذه الأيام يعرفونها من شبكة الانترنت، ومهما وضعنا (بروكسي) أو شددنا الرقابة على استخدام الأطفال للإنترنت نجد انهم يكتشفون طرقاً مختلفة لخرق هذا الحظر. وبشكل عام، انا ضد الاباحية والطرح الوقح، ولكني مع الجرأة، فيجب أن نراعي عاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف». في حين اعتبرت الفنانة المصرية رانيا يوسف، التي قامت ببطولة مسلسل «موجة حارة»، تصنيف الأعمال الدرامية من حيث فئة الجمهور المستهدفة خطوة مهمة كانت تحتاج إليها الدراما العربية، وأن التصنيف العمري يمثل خطوة مهمة في صناعة الدراما العربية. وعزت تصنيف «موجة حارة» باعتباره للكبار فقط إلى موضوعه الذي تناول ملفات لقضايا تمس الآداب، وما ورد فيه من مصطلحات وكلمات لا تناسب الأطفال. مشيرة إلى أن تصنيف الأعمال يعطي للأسرة انذاراً.
تغيرات كثيرة
الخصوصية التي طالما تمسكت بها الدراما العربية، وحرصها على طابعها الهادئ بعيداً عن الموضوعات الساخنة والقضايا المثيرة للجدل، لم تعد موضع اتفاق صناع الدراما في السنوات الاخيرة، فظهرت في الدراما موضوعات اعتبرها كثير من المشاهدين لا تناسب طبيعة العرض التلفزيوني الذي يدخل كل بيت دون استئذان، ويخاطب، في المعتاد، كل افراد الأسرة على اختلاف اعمارهم.
حلول
هل يسهم طرح القضايا الشائكة في الأعمال الفنية في ايجاد حلول لها أو توعية الجمهور بخطورة هذه القضايا، ودق ناقوس الخطر لدى الجهات المعنية، ام أن الأمر لا يعدو كونه «لعب على المضمون» من أجل جذب الجمهور واستغلال قضايا المجتمع في معالجات درامية سطحية.