قدّم أكثر من 20 مقطوعة وأغنية في «مركز دبي التجاري»
إلياس الرحباني يقرأ سيرته بالمـــوسيقى
بين المعزوفات العالمية والإيقاعات الشرقية، حملتنا الحفلة الخاصة بالمؤلف الموسيقي إلياس الرحباني، التي أقيمت، أول من أمس، في مركز دبي التجاري العالمي، إلى عالم رومانسي مزركش بإبداع النغم الحالم الغربي والإيطالي، وكذلك الشرقي الأصيل. نجح الرحباني وعلى مدى ما يقارب الساعتين في فصل الجمهور عن ضجيج وتفاصيل الحياة اليومية، عبر موسيقى ومقطوعات رافقت أجيالاً عدة، الى جانب أغنيات شهيرة رسخت في أذهان الناس قدمها لمجموعة من الفنانين، منها أغنيات فيروز وصباح وماجدة الرومي وملحم بركات ووديع الصافي. وقد أدى الأغنيات التي أعادتنا إلى الزمن الجميل كل من باسمة، ورانيا الحاج، وغيلبير جلخ، الى جانب غسان الرحباني، الذي كانت له مشاركة بأغنيتين. اما إلياس الرحباني فكانت المرة الأولى التي يغني فيها أمام الجمهور على المسرح، وقدم أغنية «بونجور كولييت» بصوته.
بدأ الحفل بكلمة لصديق إلياس الرحباني، نافذ رعد، تحدث من خلالها عن ابداع الرحباني في المجال الموسيقي، ثم تلاها تقرير عن حياة إلياس الرحباني منذ كان يبلغ ثلاث سنوات حتى آخر نجاحاته. اختصر التقرير مسيرة الرحباني الفنية ونشأته بين أخويه منصور وعاصي الرحباني، الى جانب الأوسمة والتكريمات الفنية، وختاماً بالدكتوراه الفخرية التي حصل عليها في أميركا. وقد ترافق العرض لحياته بكلام إلياس عن المحطات والنجاحات ليختتمه بالقول، ان «المسيرة والحياة لم تعلمه سوى شيء واحد، انه لا فرق بين انسان وآخر إلا بالمحبة وعمل الخير».
هذه المحبة التي ينتهجها الرحباني في حياته وتعاطيه مع الآخر، هي نهجه الفني ايضاً، وقد عبر عنها من خلال أغنية قدمها لدبي في بداية الحفل، بعنوان «أنت حبي يا دبي»، التي تقدم للمرة الأولى، حيث أهداها إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، والى شعب الإمارات، مؤكداً أنها ستبقى ذكرى تنشدها الأجيال. تميزت الاغنية بلحنها العالمي، وقد ترافق الفنانون المشاركون في الحفل بتقديم الأغنية، ومال الأداء الى الغناء الأوبرالي في ختام المقاطع الغنائية، علماً أنها باللغة العربية الفصحى.
قصص وطرائف أينما يحضر إلياس الرحباني ينثر الطرائف والقصص والحكايات التي تحدث معه، وقد عمد في الفواصل بين المقطوعات الموسيقية إلى رواية أكثر من حادثة وقصة من حياته الواقعية. فكان منها الروايات التي تربطه بشقيقيه عاصي ومنصور، ولاسيما حين سافر معهما وكان يركب الطائرة للمرة الأولى، وكذلك حكاياته في تمثيل لبنان في الخارج وصولاً الى برنامج سوبر ستار. هذه الحكايات تميزت بكونها خفيفة وتحمل الكثير من المرح، وأبرزت روح الدعابة التي لم تختفِ من داخل إلياس مع تقدمه في العمر. |
واختار الرحباني، الذي قدم على مدى خمسة عقود 6500 مقطوعة ولحن، مجموعة من المقطوعات التي استمعت لها مختلف الأجيال، ولعل أشهرها «حبيبتي»، و»دمي ودموعي وابتسامتي»، و«ألو حياتي»، و«أجمل أيام حياتي»، و«عازف الليل»، و«نينا ماريا». تفاعل الجمهور مع عزف الأوركسترا المباشر، ولاسيما أنها من المقطوعات التي جعلت الرحباني واحداً من المؤلفين الموسيقيين غير العاديين، فعلى الرغم من كونه الاخ الأصغر لمنصور وعاصي، الا أنه أبرز نهجاً مغايراً لجهة الروح التي تظهر في اللحن، وكذلك في الأغنيات التي لحنها وكتب كلماتها. هذه اللغة الخاصة التي حملها الياس منذ كان صغيراً، لم تتجلَ فقط في المقطوعات التي منها ما رافق الأفلام والمسلسلات التلفزيونية مثل «ألو حياتي»، و«دمي ودموعي وابتساماتي»، بل ايضا في الاعلانات التي قدم ألحانها.
أما الأغنيات التي قدمت في الحفل، فكان من بينها الأوبرالي مع جوني عواد، الذي قدم أكثر من أغنية، بينما أبدعت الفنانة باسمة في تقدم أغاني فيروز وصباح وماجدة الرومي، فكان لأغنية «دخلك يا طير الوروار» وقعاً خاصاً من صوتها، اذ تجنبت صاحبة أغنية «حلم الطيور» تقمص أسلوب فيروز في الأداء فنجحت في تقديم الأغنيات وفق أداء أظهر مهاراتها وكذلك الجماليات في صوتها. أما رانيا الحاج، فكانت أكثر ابداعاً في الأغاني الغربية، بينما تمكنت من إلهاب الجمهور حماسة على ايقاع أغنية «رقصني دخلك»، إلا ان أغنية «يا سنين اللي رح ترجعيلي»، أبرزت حدود صوتها في الاداء العربي، اذ عادت وأبهرت الحضور بأغنية ريتورنيراي بالانجليزية.
وبعيداً عن الأصوات النسائية، كان غيلبير جلخ الصوت الذكوري المميز بعنفوانه وقوته في الحفلة، ولاسيما ان الخامة الصوتية التي يتمتع بها جلخ ميزته في الطرب الشعبي، منذ مشاركته في برنامج «استديو الفن» في بداية التسعينات.
قدم جلخ بصوته مجموعة من الأغاني التي أعادت الى الذاكرة ملحم بركات أولاً من خلال أغنية «10 11 12»، ولاحقاً من خلال أغنية قدمها من كلمات ألحان غسان الرحباني بعنوان «روح يا هوا»، التي كانت شبيهة بألحان وأغنيات الموسيقار ملحم بركات، الشرقية الروح. والى جانب هذه الأغنية الشرقية، برز غسان الرحباني بالجانب الغربي الذي يبدو أنه المحبب اليه أكثر، حيث قدم اغنيتين باللغة الإنجليزية، ثم قدم معزوفة خاصة بعنوان «حالات ساحرة»، ولكن السحر الذي حمله اسم المقطوعة لم يوجد بالمستوى نفسه في المقطوعة من حيث وقعها على السمع، فبدا الفنان الشاب أكثر انصرافاً الى التقنيات في المقطوعة منها الى الدهشة واللمعان في حبس انفاس المستمع حتى آخر المعزوفة.
وقد ختم الحفل بتكريم الياس الرحباني، وكذلك ابنه غسان الرحباني، من قبل الشركة المنظمة للحفل، وهي «غلوبال بلاك دايموند»، بعدما نجح الأب في تقديم اختصار وايجاز لما قدمه عبر السنوات في مسيرة ستخلده في ذاكرة كل من يبحث عن موسيقى جيدة، ولاسيما في عصر الموسيقى الهابطة والسريعة التي تقدم بحجة ما يريده الجمهور.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news